سليم عمر *
لقد كان من الممكن ، و من المفروض ، أن يكون حدثا عاديا و عابرا ، لو أنه و قع في مجتمع آخر غير المجتع الكوردي ، أو لو أنه حصل قبل هذه المرحلة من حياة هذا المجتمع نفسه .
شابان أحبا بعضهما حبا طاهرا ، و تطلعا إلى حياة سعيدة تجمهما ، و إلى مستقبل هانئ واعد ينتظرهما ، إلا أن قيود المعتقد ، و أعراف المجتمع حالت بينهما ، و بين أمانيهما السعيدة و البريئة ، فمنعتهما من أن يرتبطا برباط الزواج المقدس بشكله المألوف ، و لم يجدا أمامهما غير التمرد على هذه القيود ، و الخروج على هذه الأعراف ، و كسر هذه الدوائر التي ضيقت الخناق على الكثير من جوانب الحياة الإنسانية في مجتمعنا ، و على حياة المرأة على وجه الخصوص ، إلى الحد الذي أباح فيه دمها .
فرّ الشابان بحبهما ، و اعتقدا أنهما تحصنا بموقع حصين ، يمنع عنهما شرا منتظرا ، و يحفظ لهما حبا أرادا له الديمومة ، و اختارا له يوم الحب العالمي تيمّناً ، إلا أن الثيران التي هاجت في شيخان ، في السادس عشر من شباط ، كان لها رأي آخر .
فقد أغلقت هي الأخرى على عقولها ، و نزعت عن نفسها ثقافة العصر ، و قيم الإنسانية ، و شريعة السماء ، و أطلقت العنان لغرائزها البهيمية ، و انطلقت إلى الشوارع ، تحرق المزارات ، و المراقد ، و مراكز الفكر و الثقافة ، و ممتلكات الناس ، و سفكت الدم البريئ للفتاة الطاهرة ، و استمرت في هياجها تطالب بسفك المزيد من الدماء ، و تدق في الوقت نفسه جرس الإنذار للمجتمع الكوردي كله ، و للقائمين عليه بشكل خاص ، و تنبه الجميع إلى أن تبدلا مهما قد حصل في مجتمعنا ، و إلى أن ثقافة غريبة غزت عقولنا ، و إلى أن السلوك العدواني و المتطرف قد وجد طريقه بيننا ، كما أظهرت ردة الفعل العنيفة التي خرجت بها هذه الفئة في شيخان ، أن اللحمة ، و التماسك ، و التآلف ، بين أفراد و أطياف المجتمع الكوردستاني طرية و هشة ، و أن هزة خفيفة ، يمكن لها أن تودي بهذه اللحمة و التماسك ، و أن تدفع بها إلى التمزق ، و إلى التناحر ، و أن تؤدي إلى عواقب سيئة تترك آثارا سلبية على وحدة هذا المجتمع ، و تآلف أبنائه ، و نمط الحياة المشتركة التي جمعتهم على مدى قرون متواصلة من الزمن .
كما كشفت أحداث شيخان حقيقتين هامتين :
1 – أن الفرد في المجتمع الكوردي ، لا يزال مشدودا بالولاء للعائلة و القبيلة ، بدلا من المجتمع و الوطن ، هذه القيود التي نمتها و غذتها و كرستها الأنظمة البائدة ، بهدف زرع الفرقة في ذلك المجتمع ، و منعه من أسباب التحضر ، و أن الإدارة الكوردية لم تفعل شيئا يذكر ، لوأد تلك المفاهيم ، و إحلال ثقافة عصرية محلها .
2 – أنه و بعد تشكيل الإدارة الكوردية ، فإن عناصر و رموزا من هذه الإدارة تستثمر مواقعها لصالح العائلة و القبيلة ، الأمر الذي يدفع بالبعض إلى الاستهانة بقوانين هذه الإدارة ، و اعتبار أنفسهم فوق القانون .
و لذلك جاءت أحداث شيخان على هذه الشاكلة من الحدة و العنف ، و غريبة و شاذة عن طبيعة المجتمع الكوردستاني ، فنحن لو عدنا قليلا أو كثيرا إلى الوراء ، و بحثنا في المفاهيم التي سادت هذا المجتمع ، و في ثقافة أبنائه ، و سلوكياتهم ، و نمط التفكير لديهم ، في عصور التخلف و الازدهار – إذا افترضنا أن هذا المجتمع قد أتيحت له من الفرص ما يكفي ليزدهر – فسنجد أن مكوناته بأطيافها القومية ، و الدينية ، و المذهبية ، و شرائحه الاجتماعية ، قد عاشت متجاورة متحابة متآلفة ، و أن هذا المجتمع عاش في ظل ثقافة التسامح و المؤاخاة ، و أنه لم يعرف الفكر المنغلق و المتطرف ، و أن المرأة عرفت فيه القدر الكبير من الاحترام و الحرية ، و لو أن حريتها لم ترْقَ إلى ما تمتمع به الرجل ، و كثيرا ما كانت تتمرد على بعض العادات الاجتماعية الدخيلة علينا ، من وقف الفتاة على ابن عمها ، أو الزواج بالمبادلة ، أو الإغراء بالمهر ، و في كل هذه الأحوال يتم تزويجها مكرهة ، فلا تجد أمامها غير أن تفرّ مع من مالت إليه ، و تقبّل ذلك المجتمع الكوردي ، و أصبح عرفا من أعرافه ، و اصطلح الناس على تسمية هذه الظاهرة (بالخطيفة) ، و لا أخال هذا المصطلح يعبر بدقة عن الظاهرة ، فالفتاة لا تُخطف ، و إنما تفرّ أو تهرب بإرادتها ، و من ثم تعود إلى بيت أهلها معززة مكرمة .
حدث ذلك بين أصحاب المعتقد الواحد ، و بين المختلفين في العقائد ، و لم تسفك من أجل ذلك الدماء ، و تشغل قصص الحب التي نشأت بين الأفراد المختلفين في العقيدة حيزا مهما من الميراث الثقافي الكوردستاني ، و كانت هذه القصص مثار إعجاب الناس و ثنائهم ، و أصبحت جزءا من التراث الشعبي ، تغنت بها الحناجر ، و مالت إليها الأسماع ، (مطران عيسى ، كجكا سموقي ، درويشى عفدي) .
إن ما حدث في شيخان ، يجب أن لا يكون حدثا عابرا ، يعالج بتطييب الخواطر ، و رد الاعتبار ، و الاكتفاء بالاعتذار ، و التعويض عن الممتلكات ، فهو لا يمثل حدثا عاديا يتصل بفرد أو بمجموعة من الأفراد ، و تبقى نتائجه محصورة في المتصلين به ، إنه يمسنا جميعا ، يمس المجتمع الكوردستاني برمته ، يمس العلاقة الحالية و المستقبلية بين مكونات هذا المجتمع ، و على عاتق الحكومة الكوردية تقع المسؤولية الأولى في معاقبة مفجري هذا الحدث العقاب الرادع ، و وضع التشريعات لمنع حدوث ذلك مستقبلا ، و على عاتقنا جميعا تقع مسؤولية الوقوف أمام هذا الحدث بقصد المعالجة لا التأمل ، و إن دلت هذه الحادثة على شيئ فإنما تدل على أن المجتمع الكوردي قد دخل مرحلة جديدة من حياته ، و أن هذه المرحلة الجديدة تحمل معها أزماتها و مشاكلها و ظواهرها ، و أمراضها ، المتصلة بمختلف جوانب حياتنا ، و على القائمين على أمر هذا المجتمع التصدي لكل ذلك بحثا و دراسة و إيجاد حلول ، و إذا كانت القيادة السياسية تجد نفسها غارقة في مواجهة قضايا تتصل بمستقبل الكورد و وطنهم ، فأين منظمات المجتمع المدني من مثل هذه الأحداث ، أين صوت المنظمات النسائية من الجور اللاحق بالمرأة ، و أين منظمات الشبيبة و الطلبة ، و لماذا لم تتحرك منظمات حقوق الإنسان ، و أين الإعلام من ذلك كله ؟ أين الإعلام الهادف و الواعي الذي يدخل كل بيت ؟ ، أم أن هذه الجهات كلها وجدت للبذخ ، و تحولت إلى واجهة تلمع حياتنا ، و أصبحت مصدرا للارتزاق و التكسب ؟ ، و قبل هذا و ذاك أين إتحاد علماء كوردستان من القضايا المتداخلة ، و الكثيرة الطارئة على المجتمعات المعاصرة ، و على مجتمعنا الكوردي أيضا ، و هو الجهة الأولى التي يتوجب عليها التصدي لمثل هذه القضايا ، و إصدار الرأي الفقهي فيها ، طالما أن شريحة كبيرة و متزايدة من مجتمعنا تتحرك في هذه الأطر ، و طالما أن موجة العنف و التشدد الأصولي ، وجدت هي الأخرى الطريق إلى فئات من هذه الشريحة ، و طالما أن هذه القضايا كلها مجتمعة و منفردة تهدد تماسك النسيج الاجتماعي في كورد ستان ، و تنذر بحدوث شروخ بين مكونات هذا النسيج .
و لا يبدو أن اتحاد علماء كوردستان ، قد بادر إلى النهوض بأعبائه خلال السنوات الماضية من عمر الإدارة الكوردية ، فهو لا يزال يتصرف بعقلية عصور الاستعباد ، و لا يزال محكوما بطابع التبعية و التقليد ، و انتظار الفتاوى الصادرة من الحواضر المجاورة لكوردستان ، و كأنه فقد الثقة في نفسه للمبادرة إلى طرح القضايا كل القضايا التي تشغلنا ، و التشريع فيها بما يخدم تقدم المجتمع الكوردستاني ، و يتفق مع ثوابت الاسلام ، و هو يرى من حوله تناول العديد من المراجع الإسلامية لهذه القضايا ، و إصدار فتاوى بشأنها لم نكن لنتصورها لو أنها خرجت قبل عقود ، فالزنداني في اليمن أحل النكاح بالهاتف الجوال ، و مفتي دمشق وحّد الأذان ، و الترابي ساوى بين المرأة و الرجل في الشهادة و الإمامة ، و الأزهر يدرس جواز زواج المسلمة من أهل الكتاب (و ما الذي يمنع اعتبار الإيزديين من أهل الكتاب ؟ فالثنائية لديهم لا تختلف كثيرا عن الثالوث في المسيحية ، و على اتحادنا أن ينظر في ذلك) لا بل إن زرقاوي القاعدة شكل مدرسة في الإفتاء ، و لا يقولن أحد أنه خرج عن مبادئ الإسلام ، فقد أغدق عليه الإخوان المسلمون في الأردن من الألقاب و الصفات ما لم يحظ بها كثير من الصحابة ، و ليس خافيا أن الإخوان المسلمين يمثلون جوهر فقه السنة في مصر و بلاد الشام ، و في العراق أيضا .
———-
* كاتب كوردي .
فقد أغلقت هي الأخرى على عقولها ، و نزعت عن نفسها ثقافة العصر ، و قيم الإنسانية ، و شريعة السماء ، و أطلقت العنان لغرائزها البهيمية ، و انطلقت إلى الشوارع ، تحرق المزارات ، و المراقد ، و مراكز الفكر و الثقافة ، و ممتلكات الناس ، و سفكت الدم البريئ للفتاة الطاهرة ، و استمرت في هياجها تطالب بسفك المزيد من الدماء ، و تدق في الوقت نفسه جرس الإنذار للمجتمع الكوردي كله ، و للقائمين عليه بشكل خاص ، و تنبه الجميع إلى أن تبدلا مهما قد حصل في مجتمعنا ، و إلى أن ثقافة غريبة غزت عقولنا ، و إلى أن السلوك العدواني و المتطرف قد وجد طريقه بيننا ، كما أظهرت ردة الفعل العنيفة التي خرجت بها هذه الفئة في شيخان ، أن اللحمة ، و التماسك ، و التآلف ، بين أفراد و أطياف المجتمع الكوردستاني طرية و هشة ، و أن هزة خفيفة ، يمكن لها أن تودي بهذه اللحمة و التماسك ، و أن تدفع بها إلى التمزق ، و إلى التناحر ، و أن تؤدي إلى عواقب سيئة تترك آثارا سلبية على وحدة هذا المجتمع ، و تآلف أبنائه ، و نمط الحياة المشتركة التي جمعتهم على مدى قرون متواصلة من الزمن .
كما كشفت أحداث شيخان حقيقتين هامتين :
1 – أن الفرد في المجتمع الكوردي ، لا يزال مشدودا بالولاء للعائلة و القبيلة ، بدلا من المجتمع و الوطن ، هذه القيود التي نمتها و غذتها و كرستها الأنظمة البائدة ، بهدف زرع الفرقة في ذلك المجتمع ، و منعه من أسباب التحضر ، و أن الإدارة الكوردية لم تفعل شيئا يذكر ، لوأد تلك المفاهيم ، و إحلال ثقافة عصرية محلها .
2 – أنه و بعد تشكيل الإدارة الكوردية ، فإن عناصر و رموزا من هذه الإدارة تستثمر مواقعها لصالح العائلة و القبيلة ، الأمر الذي يدفع بالبعض إلى الاستهانة بقوانين هذه الإدارة ، و اعتبار أنفسهم فوق القانون .
و لذلك جاءت أحداث شيخان على هذه الشاكلة من الحدة و العنف ، و غريبة و شاذة عن طبيعة المجتمع الكوردستاني ، فنحن لو عدنا قليلا أو كثيرا إلى الوراء ، و بحثنا في المفاهيم التي سادت هذا المجتمع ، و في ثقافة أبنائه ، و سلوكياتهم ، و نمط التفكير لديهم ، في عصور التخلف و الازدهار – إذا افترضنا أن هذا المجتمع قد أتيحت له من الفرص ما يكفي ليزدهر – فسنجد أن مكوناته بأطيافها القومية ، و الدينية ، و المذهبية ، و شرائحه الاجتماعية ، قد عاشت متجاورة متحابة متآلفة ، و أن هذا المجتمع عاش في ظل ثقافة التسامح و المؤاخاة ، و أنه لم يعرف الفكر المنغلق و المتطرف ، و أن المرأة عرفت فيه القدر الكبير من الاحترام و الحرية ، و لو أن حريتها لم ترْقَ إلى ما تمتمع به الرجل ، و كثيرا ما كانت تتمرد على بعض العادات الاجتماعية الدخيلة علينا ، من وقف الفتاة على ابن عمها ، أو الزواج بالمبادلة ، أو الإغراء بالمهر ، و في كل هذه الأحوال يتم تزويجها مكرهة ، فلا تجد أمامها غير أن تفرّ مع من مالت إليه ، و تقبّل ذلك المجتمع الكوردي ، و أصبح عرفا من أعرافه ، و اصطلح الناس على تسمية هذه الظاهرة (بالخطيفة) ، و لا أخال هذا المصطلح يعبر بدقة عن الظاهرة ، فالفتاة لا تُخطف ، و إنما تفرّ أو تهرب بإرادتها ، و من ثم تعود إلى بيت أهلها معززة مكرمة .
حدث ذلك بين أصحاب المعتقد الواحد ، و بين المختلفين في العقائد ، و لم تسفك من أجل ذلك الدماء ، و تشغل قصص الحب التي نشأت بين الأفراد المختلفين في العقيدة حيزا مهما من الميراث الثقافي الكوردستاني ، و كانت هذه القصص مثار إعجاب الناس و ثنائهم ، و أصبحت جزءا من التراث الشعبي ، تغنت بها الحناجر ، و مالت إليها الأسماع ، (مطران عيسى ، كجكا سموقي ، درويشى عفدي) .
إن ما حدث في شيخان ، يجب أن لا يكون حدثا عابرا ، يعالج بتطييب الخواطر ، و رد الاعتبار ، و الاكتفاء بالاعتذار ، و التعويض عن الممتلكات ، فهو لا يمثل حدثا عاديا يتصل بفرد أو بمجموعة من الأفراد ، و تبقى نتائجه محصورة في المتصلين به ، إنه يمسنا جميعا ، يمس المجتمع الكوردستاني برمته ، يمس العلاقة الحالية و المستقبلية بين مكونات هذا المجتمع ، و على عاتق الحكومة الكوردية تقع المسؤولية الأولى في معاقبة مفجري هذا الحدث العقاب الرادع ، و وضع التشريعات لمنع حدوث ذلك مستقبلا ، و على عاتقنا جميعا تقع مسؤولية الوقوف أمام هذا الحدث بقصد المعالجة لا التأمل ، و إن دلت هذه الحادثة على شيئ فإنما تدل على أن المجتمع الكوردي قد دخل مرحلة جديدة من حياته ، و أن هذه المرحلة الجديدة تحمل معها أزماتها و مشاكلها و ظواهرها ، و أمراضها ، المتصلة بمختلف جوانب حياتنا ، و على القائمين على أمر هذا المجتمع التصدي لكل ذلك بحثا و دراسة و إيجاد حلول ، و إذا كانت القيادة السياسية تجد نفسها غارقة في مواجهة قضايا تتصل بمستقبل الكورد و وطنهم ، فأين منظمات المجتمع المدني من مثل هذه الأحداث ، أين صوت المنظمات النسائية من الجور اللاحق بالمرأة ، و أين منظمات الشبيبة و الطلبة ، و لماذا لم تتحرك منظمات حقوق الإنسان ، و أين الإعلام من ذلك كله ؟ أين الإعلام الهادف و الواعي الذي يدخل كل بيت ؟ ، أم أن هذه الجهات كلها وجدت للبذخ ، و تحولت إلى واجهة تلمع حياتنا ، و أصبحت مصدرا للارتزاق و التكسب ؟ ، و قبل هذا و ذاك أين إتحاد علماء كوردستان من القضايا المتداخلة ، و الكثيرة الطارئة على المجتمعات المعاصرة ، و على مجتمعنا الكوردي أيضا ، و هو الجهة الأولى التي يتوجب عليها التصدي لمثل هذه القضايا ، و إصدار الرأي الفقهي فيها ، طالما أن شريحة كبيرة و متزايدة من مجتمعنا تتحرك في هذه الأطر ، و طالما أن موجة العنف و التشدد الأصولي ، وجدت هي الأخرى الطريق إلى فئات من هذه الشريحة ، و طالما أن هذه القضايا كلها مجتمعة و منفردة تهدد تماسك النسيج الاجتماعي في كورد ستان ، و تنذر بحدوث شروخ بين مكونات هذا النسيج .
و لا يبدو أن اتحاد علماء كوردستان ، قد بادر إلى النهوض بأعبائه خلال السنوات الماضية من عمر الإدارة الكوردية ، فهو لا يزال يتصرف بعقلية عصور الاستعباد ، و لا يزال محكوما بطابع التبعية و التقليد ، و انتظار الفتاوى الصادرة من الحواضر المجاورة لكوردستان ، و كأنه فقد الثقة في نفسه للمبادرة إلى طرح القضايا كل القضايا التي تشغلنا ، و التشريع فيها بما يخدم تقدم المجتمع الكوردستاني ، و يتفق مع ثوابت الاسلام ، و هو يرى من حوله تناول العديد من المراجع الإسلامية لهذه القضايا ، و إصدار فتاوى بشأنها لم نكن لنتصورها لو أنها خرجت قبل عقود ، فالزنداني في اليمن أحل النكاح بالهاتف الجوال ، و مفتي دمشق وحّد الأذان ، و الترابي ساوى بين المرأة و الرجل في الشهادة و الإمامة ، و الأزهر يدرس جواز زواج المسلمة من أهل الكتاب (و ما الذي يمنع اعتبار الإيزديين من أهل الكتاب ؟ فالثنائية لديهم لا تختلف كثيرا عن الثالوث في المسيحية ، و على اتحادنا أن ينظر في ذلك) لا بل إن زرقاوي القاعدة شكل مدرسة في الإفتاء ، و لا يقولن أحد أنه خرج عن مبادئ الإسلام ، فقد أغدق عليه الإخوان المسلمون في الأردن من الألقاب و الصفات ما لم يحظ بها كثير من الصحابة ، و ليس خافيا أن الإخوان المسلمين يمثلون جوهر فقه السنة في مصر و بلاد الشام ، و في العراق أيضا .
———-
* كاتب كوردي .