قراءة في مواقف التّقدمي الأخيرة

صبري رسول

أصدر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي تصريحاً خاصاَ يتعلّق بدعوة رئاسة الإقليم أحزاب المجلس الوطني الكردي والهيئة الكردية العليا إلى اجتماع في هولير عاصمة إقليم كردستان، وفيه يعلن مقاطعته اجتماعات هولير في 28/4/2013م لأسباب وردت في سياقه.

وقراءة هذا التصريح تبيّن جملة من الحقائق يمكن استنتاجها من بين ثنايا المبررات التي قدّمها الحزب.
يذكر التصريح أنّ (( الحل الحقيقي يكمن في أن تبادر أحزاب المجلس الوطني الكردي إلى إيجاد حلولٍ لمشاكلها في الداخل)).

هذا الكلام صحيحٌ ولا خلاف على ذلك نظرياً، لكن ورغم مرور أربعة أشهر على المؤتمر الثاني لم يستطع المجلس الموقّر تشكيل لجانه الخاصة وفق القرارات المتخذة فيه، حتى في الأسبوعين الأخيرين عقدت أحزاب المجلس ما يزيد على خمس جلسات خاصة للوصول إلى صيغٍ توافقية لتشكيل اللجان المتبقية وفق محضر المجلس رقم(1) تاريخ 10/2/2013م، لكن كل تلك الاجتماعات لم تُنجِز شيئاً بسبب الاصطفافات الشللية التي تعرقل عمل المجلس، والتقدمي أحد أقطاب هذه الاصطفافات، تلفّ القطبَ هذا مجموعةٌ من الأحزاب «لاتشكّل في مجملها سوى قوى منتهية الفاعلية» وتلعبُ من منطلق الحزبية الضيقة دور بيضة القبان.

ألم تكن هذه الأحزاب هي ذاتها من صوّت لصالح ممثل حزب الوحدة في الهيئة الكردية العليا في الدورة السابقة؟ ولم نجد اعتراضاً عليه، فلماذا الآن تعارض هذه الأحزاب على نتائج التصويت والتي جرت أمام أعينهم؟
 كما ورد في التصريح (( إن مثل هذه الزيارات خلقت أجواء من عدم الثقة بين أحزاب المجلس نتيجة انقسام داخلي بين هذه الأحزاب، وتوج ذلك بإعلان الاتحاد السياسي بين أربعة من أحزاب المجلس مما عمّق حالة الشرخ في المجلس)).
السؤال: هل الانقسام المشار إليه في التّصريح هو نتيجة الذهاب إلى هولير والاجتماعات التي عُقِدت هناك، أم تولّد نتيجة الاصطفافات التي أخذت شكلَها من خلال أعمال المجلس؟ فلماذا نحمّل مسعى الآخرين من أشقاء الإقليم أخطاءنا، وسوء تفاهمنا، وجهلنا في قراءة الأحداث، ومن ثمّ نحمّلهم مسؤولية تفضيل بعض الأحزاب المصلحة الحزبية والشخصية على المصلحة القومية والوطنية؟
والتصريح يأخذُ مساراً «مليئاً بالمغالطات» في دعوته لقيادة الإقليم في التعامل مع أحزاب المجلس.

حيث جاء فيه:((إننا ندعو قيادة الإقليم بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف دون تفضيل طرف على طرف))
العبارة، الدعوة، الرؤية، الموقف: هذه تحمل في طياتها اتهاماً واضحاً إلى قيادة الإقليم بأنها لا تقف على مسافة واحدة من الأطراف الكردية، وبالتالي فالشرخ الحاصل بين أطراف المجلس ناتجٌ عن هذا الموقف.
وفي شأنٍ آخر نرى أنّ الهجوم غير المبرّر على الاتحاد السياسي من قبل قيادة التقدمي، كتصريح الأخ احمد سليمان لموقع ولاتي يوم الأحد((السبب الآخر هو اتخاذ إجراءات حقيقية لولادة الاتحاد السياسي على حساب المجلس الوطني الكردي التي لم تكن ضمن الاقتراح المتفق عليه مع قيادة الإقليم, فهذه التوجهات لا تخدم المجلس نهائيا)) وحديث الأخ شمدين لقناة (Gk) وهجومه الذي اتّسم بالحدّة والنارية أكثر من هجومه على النظام نفسه، كل هذا من شأنه تعميق حالة الشّرخ بين أحزاب المجلس، لأنّ الاتحاد السياسي لم يطرح نفسه «إطاراً بديلاً» عن المجلس، أو تكتلاً سياسياً، بل أعلن يوم ولادته بأنّه «مرحلة انتقالية» نحو بناء تنظيم يوحّد تلك الأحزاب.
كما أنّ فشل المجلس في المهام الملقاة على عاتقه، كما أكّد السيد سليمان يعود جزءٌ كبير منه إلى سلسلة المواقف المنفردة للتقدمي، والتي تناغمت مع الشريك الشقيق في اتفاقية هولير أكثر منها مع مواقف المجلس وروح الاتفاقية تلك.

إنّ هذه المواقف لا تولّد في بنيانها روحاً لمقاربة المواقف السليمة، بل تسعّر الأنانيات الحزبية التي تفاءل الشعب بتجاوزها أثناء ولادة المجلس.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…