المجلس الوطني الكردي يدخل خريفه البائس

  صبري رسول

أثبت المجلسُ الوطني الكردي منذ مؤتمره الثّاني عجزَه الواضح عن قراءة الواقع السّياسي وفق المعطيات السّياسية والميدانية على الأرض، وبالتّالي عجزه عن اتخاذ القرارات بما يخدم المصلحة القومية الكردية والوطنية السّورية، مما يجعل منسوبَ الامتعاضِ الشّعبي عن بطء اتّخاذ قراراته وحركته، والاكتفاء ببيانات صفراء عالياً، والاحتقان السّياسي في الشّارع على أشدّه.
وقد تكون الاصطفافات التنظيمية والسياسية أحدَ أهم معوقات مسيرة المجلس الذي يصفه كثيرٌ من المراقبين  بأنه وصل إلى خريف عمره، وما حالة العطالة الميكانيكية إلا أحد أبرز نتائج الاصطفافات الشللية، كما هناك اتّهامات كثيرة تُوجَّه إلى المجلس الوطني الكردي، تدعي بأنَّ جزءاً كبيراً منه يراهن على النظام منطلقاً من المصلحة الشخصية((الأنانية)) لبعض القيادات، والمصلحة الحزبية لبعضها الآخر، وثمّة جزء آخر من كتلة المجلس يتساوى في ميزانهم النّظام والمعارضة، بينما الجزءُ الثّالث فقَدَ بوصلته في تحديد السّمت السياسي، تائهاً في مأزق الوقت.
فما دلالة أن ينبري أحد أحزاب المجلس(تنظيمٌ هامشيٌّ إلى حدّ التلاشي) ليؤكد بأنّ تنظيمه أقرب إلى مجلس شعب غرب كردستان منه إلى المجلس الوطني الكردي وهو شارك أعماله منذ التّأسيس وحتى هذه اللحظة؟
ألا يوحي هذا أنّ المجلس وصلَ إلى خريف عمره البائس؟ لأنّ قرارات مصيرية ستكون معلقة عند التّصويت على إصبع ذاك التنظيم الذي لا يملك شيئاً على الأرض(كالمعارضة) ولا شيئاً في السماء(كالنظام).
 الشعب الكردي بحسّه القومي ووعيه السّياسي التفَّ حول المجلس في بدابة انطلاقته بوصفه الخطوة الصحيحة نحو توحيد الصّف والخطاب الكرديين، ووجد تعبيراته في زخم المظاهرات التي نظّمها المجلس.
القيادات الحزبية تدور في فراغٍ هائل، لأنها لا تستطيع إنتاج فكرٍ أو ثقافة متجددة، إنّها تجترّ المستَهلَك فكرياً وسياسياً، وتعيد إنتاج نفسها تنظيمياً.

لا ترتقي إلى مستوى الحدث الجلل الذي يطغى على كل ما عداها، فمن الطّبيعي أن يتعثر المجلس في خطواته حيث معظم قيادات الأحزاب الكردية مصابة بالتّرهُّل السياسي والفكري، وهي مشبعة بثقافة الاستبداد والاستلاب الفكري.
هناك أحزاب في المجلس الوطني الكردي تدّعي بتمثيلها لقيم الثّورة السّورية، المطالبة بالحرية والكرامة كعنوانين اتّسمت بهما، وتثور على استفراد البعث بالسلطة، لكنّها تمارس ثقافة النّظام الإقصائية وتمتثل للعقلية ذاتها التي أوصلت البلاد إلى هذا الخراب والدمار.

وصول المجلس الكردي إلى هذا المأزق ينذر بدخوله خريف عمره البائس، وهذا ضربٌ جنونيٌّ للقضية الكردية، يعرّضُ المصلحة الكردية العليا لهبوب الرّيح.

لامصلحة لأحدٍ، مهما كان، أنْ يغامر في قراءة الفاتحة على روح المجلس.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…