دهام حسن
في مستهل المقال علي أن أنوه بالدافع الذي حداني لهذا التناول والكتابة في مسألة العلاقة بين السياسة والأخلاق، فأسارع لأقول كلما دار جدل سياسي في محفل ما انبرى صاحبي بغية أن يبرر لجماعة سياسية ما ممارساتهم السياسية الخاطئة والمنفرة راح يجزم بان السياسة لا تمت إلى الأخلاق بشيء، وبأن الغاية في العمل السياسي تبرر الواسطة مهما كانت بعيدة عن القيم والمبادئ الخلقية، وهو بهذا يسوغ ويسوّق للميكيافيلية في العمل السياسي، فإذا كنت أوافقه من حيث المبدأ بأن السياسة تنبني على المصالح بالأساس لكني في ذات الوقت أخالفه كما يزعم من أن السياسة في حل من الأخلاق، وفي هذه النقطة سأعود لمتابعة الفكرة في إطار الحركة السياسية الكوردية، لتكون هي في مرآة النقد أو تحت الضوء بعد هذا التعريف بالأخلاق..
الأخلاق نتاج اجتماعي، اي صناعة بشرية، فهي بمثابة قواعد معينة وضوابط لسلوك الفرد يتعين على الفرد التقيد بها استجابة منه لمتطلبات المجتمع، والأخلاق بالتالي تنظم سلوك الفرد في شتى الحقول والمجالات، في البيت وفي المدرسة وفي العمل وفي السياسة.
ولا ننسى أن ثمة مسائل أخرى لضبط سلوك الفرد بهذا القدر أو ذاك كالتشريعات الحقوقية، ومراسيم الحكومات، وأنظمة وقوانين لإدارة العمل والإنتاج ناهيك عن العادات والتقاليد والتربية والرأي العام، كل هذه العناصر تدخل في دائرة تشكّل وصياغة الأخلاق..
كما أن الأخلاق أيضا ظاهرة تاريخية فهي تتغير وتتطور في مجرى التقدم العام للمجتمع البشري، وتأخذ لبوسا مختلفة، وهي تهدف بالأساس لترسيخ وتوطيد بعض الأسس الخلقية من جانب ومن جانب آخر تسعى لتهديم بعض أشكال العلاقات الاجتماعية القائمة، والأخلاق في التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية القائمة على الطبقات هي أيضا تأخذ طابعا طبقيا، ولكل تشكيلة طابعها الأخلاقي المميز، والبنية الطبقية تؤثر تأثيرا مباشرا على القواعد الأخلاقية، في هذا الإطار يمكن القول والتأكيد من أن آداب وسلوك الإنسان والمبادئ الأخلاقية عموما وليدة العلاقات الاقتصادية السائدة في أي مجتمع، وهي في المجتمعات الطبقية تأخذ دوما الطابع الطبقي، فهي تبرز من جانب مبادئ وقيم وتوجهات الطبقة المسيطرة، وتعبر من جانب آخر عن تذمر الطبقة المضطهدة لهذا السور من القيم الخلقية، ومن المعلوم أن الأخلاق في تطور مضطرد، ففي سياق تغير الوجود الاجتماعي يتغير الوعي الاجتماعي عادة، بالمقابل ثمة مواقف عدمية من القيم الأخلاقية والاجتماعية وتنصّل من تلك القيم، ولا مبدئية بدوافع وأهواء ذاتية وأنانية مفرطة على الصعيد الاجتماعي أو السياسي، حيث يتجلى موقف الازدراء من آداب وسلوك المجتمع، والتهكم من المبادئ الأخلاقية، أي جواز تحقيق المصالح الأنانية بكل الوسائل الممكنة بما فيها اللاأخلاقية، ففي القرن الرابع قبل الميلاد انتشرت في اليونان هكذا مدرسة عرفت بالمدرسة الكلبية حيث كانت تتجلى صورها في موقف الازدراء من آداب وسلوك المجتمع والتهكم من المبادئ الخلقية وهي غير الميكيافيلية التي تجلت في حقل السياسة أساسا، فالميكيافيلية هي نمط من تصرف الإنسان على مبدأ استخدام كافة الوسائل (بما فيها اللاأخلاقية كالكذب والافتراء والقسوة وغيرها من أجل بلوغ الأغراض التي يتوخاها) أما في الحقيقة فقد تناول رجل الدولة والأديب الإيطالي مكافيلي1469- 1527قضايا مجتمعه السياسية والاجتماعية في ضوء العقل لا اللاهوت، فرأى أنه يمكن حل المسالة القومية في إيطاليا موحدة بدلا من أن تبقى مشتتة في مجموعة دويلات، وكان هدفه الجليل هو وحدة إيطاليا ولو استلزم الأمر استخدام كافة الوسائل فلا خير عنده فوق خير الوطن، من هنا جاء هيغل 1770- 1831ففصل بين آراء مكافيلي التي بررها وسوغها وبين الميكيافيلية التي عنت شيئا آخر تماما لما حمل إليه لاحقا، حيث جاء تسويغ القسوة والكذب والنفاق والخداع وبث الرعب في نفوس الرعية فكان هذا المبدأ الشهير (الغاية تبرر الوسيلة) أي جواز استخدام كافة الوسائل لغاية ما حتى لو كانت لا أخلاقية ليطوب هذا المبدأ أخبرا بالتسمية الشهيرة أي بالميكيافيلية..
إذا تناولنا مسألة الأخلاق في سياق زمني آخر وحيز مختلف ستجد أن الإيجابي بمعنى التطور التاريخي لا يتوازي مع الإيجابي أخلاقيا بتعبير الدكتور عبدالرزاق عيد وأن (لكل تطور تاريخي ضحاياه بغض النظر عن الحكم الأخلاقي أو المشاعر الوجدانية) كما يقول الدكتور تركي الحمد فمثلا إذا ما عدنا للتاريخ السحيق فمع قناعاتنا من أن استعباد الإنسان لأخيه لإنسان جريمة لا تغتفر، لكن في نفس الوقت ندرك من أنه (لولا عبودية العصر القديم لما كانت هناك اشتراكية) كما يقول إنجلز ولما حصل هذا التطور الهائل في مسيرة التاريخ البشري مع كل مشاعر الشفقة والرثاء لهذا الإنسان الذي استعبد ليدشن بعبوديته مسار التطور التاريخي في رحلة شاقة ومضنية، هذه الحالات الموضوعية من السلوك الإنساني في مراحل تاريخية معينة كضريبة للتطور شيء ونبذ القيم الخلقية في السيرورة الاجتماعية والسياسية شيء آخر، من هنا علينا أن نكون موضوعيين في تناولنا لمسألة الأخلاق وألا نجرد أعمالنا من المبادئ والقيم الأخلاقية، فهذا التجرد يعود بنا إلى حالة البهيمة أو مدرسة الكلبية فهل نحن مدركون ما نقول ونفعل.؟ فإذا كانت السياسة هي فن إدارة الشؤون العامة في بلد ما فعلاوة على ذلك فالسياسي عادة ما ينخرط في حركة أو تنظيم ما وبالتالي يمارس عمله السياسي فيتحلى بالتالي بقيم ومبادئ خلقية في ممارساته السياسية وأخذ تلك القيم والمبادئ بالحسبان وليس بالضرورة أن يتحرر من تلك القيم كما يرى صاحبي على سنّة أو مبدأ الميكيافيلية..
وأخيرا أسارع لأقول: ترى من أي منهل يستقي الكورد السياسي- فرع المجلس الوطني الكوردي عذب نميرهم.؟ فمعلوم أن المدرسة الكلبية قد انقرضت فلم تعد موجودة، فليس أمام هؤلاء إلا الميكيافيلية ليمتثلوها، وكنت أتمنى أن يمتثلوا أخلاق أحد الفلاسفة المثاليين حيث يقول: لو كانت سعادة البشرية متوقفة على قتل طفل بريء لما قتلته..!
ولا ننسى أن ثمة مسائل أخرى لضبط سلوك الفرد بهذا القدر أو ذاك كالتشريعات الحقوقية، ومراسيم الحكومات، وأنظمة وقوانين لإدارة العمل والإنتاج ناهيك عن العادات والتقاليد والتربية والرأي العام، كل هذه العناصر تدخل في دائرة تشكّل وصياغة الأخلاق..
كما أن الأخلاق أيضا ظاهرة تاريخية فهي تتغير وتتطور في مجرى التقدم العام للمجتمع البشري، وتأخذ لبوسا مختلفة، وهي تهدف بالأساس لترسيخ وتوطيد بعض الأسس الخلقية من جانب ومن جانب آخر تسعى لتهديم بعض أشكال العلاقات الاجتماعية القائمة، والأخلاق في التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية القائمة على الطبقات هي أيضا تأخذ طابعا طبقيا، ولكل تشكيلة طابعها الأخلاقي المميز، والبنية الطبقية تؤثر تأثيرا مباشرا على القواعد الأخلاقية، في هذا الإطار يمكن القول والتأكيد من أن آداب وسلوك الإنسان والمبادئ الأخلاقية عموما وليدة العلاقات الاقتصادية السائدة في أي مجتمع، وهي في المجتمعات الطبقية تأخذ دوما الطابع الطبقي، فهي تبرز من جانب مبادئ وقيم وتوجهات الطبقة المسيطرة، وتعبر من جانب آخر عن تذمر الطبقة المضطهدة لهذا السور من القيم الخلقية، ومن المعلوم أن الأخلاق في تطور مضطرد، ففي سياق تغير الوجود الاجتماعي يتغير الوعي الاجتماعي عادة، بالمقابل ثمة مواقف عدمية من القيم الأخلاقية والاجتماعية وتنصّل من تلك القيم، ولا مبدئية بدوافع وأهواء ذاتية وأنانية مفرطة على الصعيد الاجتماعي أو السياسي، حيث يتجلى موقف الازدراء من آداب وسلوك المجتمع، والتهكم من المبادئ الأخلاقية، أي جواز تحقيق المصالح الأنانية بكل الوسائل الممكنة بما فيها اللاأخلاقية، ففي القرن الرابع قبل الميلاد انتشرت في اليونان هكذا مدرسة عرفت بالمدرسة الكلبية حيث كانت تتجلى صورها في موقف الازدراء من آداب وسلوك المجتمع والتهكم من المبادئ الخلقية وهي غير الميكيافيلية التي تجلت في حقل السياسة أساسا، فالميكيافيلية هي نمط من تصرف الإنسان على مبدأ استخدام كافة الوسائل (بما فيها اللاأخلاقية كالكذب والافتراء والقسوة وغيرها من أجل بلوغ الأغراض التي يتوخاها) أما في الحقيقة فقد تناول رجل الدولة والأديب الإيطالي مكافيلي1469- 1527قضايا مجتمعه السياسية والاجتماعية في ضوء العقل لا اللاهوت، فرأى أنه يمكن حل المسالة القومية في إيطاليا موحدة بدلا من أن تبقى مشتتة في مجموعة دويلات، وكان هدفه الجليل هو وحدة إيطاليا ولو استلزم الأمر استخدام كافة الوسائل فلا خير عنده فوق خير الوطن، من هنا جاء هيغل 1770- 1831ففصل بين آراء مكافيلي التي بررها وسوغها وبين الميكيافيلية التي عنت شيئا آخر تماما لما حمل إليه لاحقا، حيث جاء تسويغ القسوة والكذب والنفاق والخداع وبث الرعب في نفوس الرعية فكان هذا المبدأ الشهير (الغاية تبرر الوسيلة) أي جواز استخدام كافة الوسائل لغاية ما حتى لو كانت لا أخلاقية ليطوب هذا المبدأ أخبرا بالتسمية الشهيرة أي بالميكيافيلية..
إذا تناولنا مسألة الأخلاق في سياق زمني آخر وحيز مختلف ستجد أن الإيجابي بمعنى التطور التاريخي لا يتوازي مع الإيجابي أخلاقيا بتعبير الدكتور عبدالرزاق عيد وأن (لكل تطور تاريخي ضحاياه بغض النظر عن الحكم الأخلاقي أو المشاعر الوجدانية) كما يقول الدكتور تركي الحمد فمثلا إذا ما عدنا للتاريخ السحيق فمع قناعاتنا من أن استعباد الإنسان لأخيه لإنسان جريمة لا تغتفر، لكن في نفس الوقت ندرك من أنه (لولا عبودية العصر القديم لما كانت هناك اشتراكية) كما يقول إنجلز ولما حصل هذا التطور الهائل في مسيرة التاريخ البشري مع كل مشاعر الشفقة والرثاء لهذا الإنسان الذي استعبد ليدشن بعبوديته مسار التطور التاريخي في رحلة شاقة ومضنية، هذه الحالات الموضوعية من السلوك الإنساني في مراحل تاريخية معينة كضريبة للتطور شيء ونبذ القيم الخلقية في السيرورة الاجتماعية والسياسية شيء آخر، من هنا علينا أن نكون موضوعيين في تناولنا لمسألة الأخلاق وألا نجرد أعمالنا من المبادئ والقيم الأخلاقية، فهذا التجرد يعود بنا إلى حالة البهيمة أو مدرسة الكلبية فهل نحن مدركون ما نقول ونفعل.؟ فإذا كانت السياسة هي فن إدارة الشؤون العامة في بلد ما فعلاوة على ذلك فالسياسي عادة ما ينخرط في حركة أو تنظيم ما وبالتالي يمارس عمله السياسي فيتحلى بالتالي بقيم ومبادئ خلقية في ممارساته السياسية وأخذ تلك القيم والمبادئ بالحسبان وليس بالضرورة أن يتحرر من تلك القيم كما يرى صاحبي على سنّة أو مبدأ الميكيافيلية..
وأخيرا أسارع لأقول: ترى من أي منهل يستقي الكورد السياسي- فرع المجلس الوطني الكوردي عذب نميرهم.؟ فمعلوم أن المدرسة الكلبية قد انقرضت فلم تعد موجودة، فليس أمام هؤلاء إلا الميكيافيلية ليمتثلوها، وكنت أتمنى أن يمتثلوا أخلاق أحد الفلاسفة المثاليين حيث يقول: لو كانت سعادة البشرية متوقفة على قتل طفل بريء لما قتلته..!