الثورة والانحراف

فدوى كيلاني
 
من يراقب الثورة السورية التي بدأت  في منتصف آذار 2011 ، بعد  إطلاق  البوعزيزي في تونس  شرارة الثورة الأولى ، وبعد اشتعال أوار الثورة في أكثر من بلد: تونس –مصر – ليبيا فقد بدأت الثورة السورية تلبية لنداء أطفال مدينة درعا الذين كتبوا على جدران مدرستهم (الشعب يريد إسقاط النظام)

هذه الثورة العظيمة التي بدأت سلمية من درعا وحتى عين ديوار ، حاول النظام الإعلان أنها ثورة مسلحة ، وأن وراءها أناساً سلفيين في تلك الفترة كان المراقبون على امتداد سورية ، وعلى امتداد العالم يعرفون أن النظام يفتري على هذه الثورة ، وكنا نترقب سقوط النظام بين ليلة وضحاها وهو كان يحفظ في الوقت نفسه على استمرار الثورة إلى الفخاخ التي نصبها له .
والملاحظ أن قلة من المراقبين الغيارى انتبهوا إلى مسألة نقد الثورة ، واعتبر الكثيرون أن أي نقد للثورة يعتبر خدمة لأعداء الثورة ، لذلك فإنه  كان ينظر بعين الريبة والشك إلى كل الذين يحاولون توجيه أي نقد ولو سريع على مسارات الثورة ، فقد كانت هناك أخطاء كثيرة ترتكب ، وهناك من كان يمارس أخطاءه باسم الثورة ، وقد أنشأ لنفسه حصانة ضد أي نقد يوجه إليه وإلى  ممارساته .

الآن  بعد مرور سنتين على بدء الثورة السورية فإنه لا بد من أن تتم ممارسة النقد بحق بعض الأخطاء التي ترتكب وهي عادية طبعاً، وإن نقد هذه الأخطاء يشكل قوة للثورة ، وإن استمرارها ونجاحها لا يمكن أن يتما من دون مثل هذا النقد ، ولا سيما أن الآلاف من الشخصيات التي امتطت الثورة باتت تنطلق من مزاجها الشخصي وتعتبر أن مثل هذا المزاج فوق النقد، وهو ما تفعله بعض القوى والاتجاهات التي استغلت الثورة ولذلك فإنه علينا ألا نسكت إزاء أخطائهم أبداً…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي في مشهد الصراع السوري، تُستدعى رموز التاريخ الإسلامي بشكل متكرر من قبل الفصائل المختلفة، كلٌّ بحسب توجهه وهويته. ومن بين تلك الرموز، يبرز اسم الدولة الأموية / بني أمية / الأمويين بقوة في خطاب بعض الجماعات والفصائل ذات الطابع السنّي، خصوصاً تلك التي ترى نفسها امتداداً لـ”أمجاد الماضي”. لكن استحضار بني أمية اليوم، في سياق شبه حرب أهلية…

د. محمود عباس   بعد مجريات الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحوّل ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية إلى واجهة مفرغة من الوطنية، خاضعة بالكامل لهيمنة هيئة تحرير الشام، ومُلتحقة بالإملاءات التركية، لم يعد أمام الحراك الكوردي خيار سوى الإعلان، وبشكل صريح وحاسم، أن المنطقة الكوردية ستدار بشكل مستقل عن المركز، إلى أن تتضح ملامح سلطة سورية بديلة، مدنية، لا مركزية، تؤمن بالنظام…

ابوبکر کاروانی. من خلال عقد مؤتمر للوحدة والموقف الكردي الموحّد في روج آفا، دخلت القضية الكوردية في ذلك الجزء من كوردستان مرحلة جديدة ومهمة. وتتمثل في توحيد القوى الكوردستانية في روج آفا على أساس تمثيل الذات كناطق باسم شعب كوردستان في هذا الجزء من كردستان، ولحلّ قضية عادلة لم تُحل بعد. هذه الخطوة هي ثمرة جهود للقادة، وضغوط ومساندة الأصدقاء،…

نظام مير محمدي* لطالما كان الملف النووي الإيراني أحد التحديات الأساسية على الساحة الدولية. فمنذ الأيام الأولى لنشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، سعى النظام الحاكم جاهداً، عبر خلق العقبات وتقديم معلومات منقوصة، إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية لبرنامجه النووي. هذا النهج المخادع، الذي أكدت عليه مراراً وتكراراً السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مطالبةً برقابة…