دعوة للنهوض بالمنطقة الكوردية

  اقتتاحية صوت كوردستان
 بقلم: الاستاذ عبد الكريم سكو
    

لم يعد خافيا واقع التشرذم والشتات بين فصائل وأطراف الحركة الكردية والتي بدأت بالظهور إبان تعرض قيادات وكوادر أول تنظيم سياسي “البارتي الديمقراطي الكوردستاني” للاعتقال على خلفيتها التحررية والتوحيدية لأطراف كردستان كوطن جامع للمجتمع الكردستاني الذي اخذ يتأثر بالتغيرات السياسية العالمية بشكل نظري والميول والمصالح والاختلاف في الرؤى الشخصية المصلحية بشكل عملي وتقليدي لسياسات الحزب الحاكم الذي وصل بها السلطة إلى الانقلاب العسكري في سوريا ” حزب البعث العربي الاشتراكي”.
فالواقع الكوردي يتجه نحو تغيرات سياسية اتحادية بدأً من المجلس الوطني  الكوردي الذي هو اكبر إطار واتحاد في المواقف للأطراف الكوردية العديدة في تحالف بين  محوري هولير والسليمانية اسوة بالتحالف الكوردستاني في جنوب كردستان  لمواجهة التحديات التي يتعرض لها القضية الكوردية  وسبل حلها”وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان” فالأطراف الكوردية مهما اختلفت في الرؤى السياسية والتوجهات هي نتاج فكري وحالة طبيعية في التعبير عن النفس الانسانية والكورد الذين هم جزء  منها ولهم حضارتهم وثقافتهم الخاصة ولكن هشاشة المجلس الواضحة من الواجب أن تدفع نحو توحيد الخطاب والموقف وتقريب وجهات النظر بين الأطراف ذات الأيديولوجية القريبة وربما المتقاربة فكرياً بغية الحفاظ على قاعدتها الجماهيرية وهذه التغيرات والضغوط المتمثلة في معالجة الأمور وبحكم التغيير والفرز السياسي في غرب كوردستان.
وليكن هو واقع فرض نفسه على خلفيات التغيير السياسي العالمي بين العلمانية القومية واليسارية الاشتراكية التي خلفت الهلاك والانهيار لجمهورية الصين الشعبية لولا أن أدركت على نفسها الوقت ونهضت ببلادها لتتطور إلى الصين الصناعية الاقتصادية الحالية وتضاهي وتزاحم الولايات المتحدة الامريكية اليوم ولم تجن المنطقة الكردستانية إلا هذه المفاهيم الاشتراكية السوفيتية الروسية التي اخذت منحاً اخر إلى روسيا الاتحادية لنظام بوتن …التي تحاول إفشاء السلام في العالم لتلعب دور الولايات المتحدة في ريادة العالم من ادارة صراعات وصلت إلى ذروتها والشرق الاوسط على وجه الخصوص في التمسك بميثاق الامم المتحدة من باب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاعضاء وعدم مساس سيادتها.
وفي الجانب التركي الغريم القديم للاشتراكية السوفيتية واليسارية” الغيفارية” و بالرغم من انها بلد حديث المنشأ مؤسسة من قبل افكار وفلسفة الوالد الروحي للشعب التركي”اتاتورك”الذي وضع بنان تركية الحديثة وزع في شعبه الكفاح في جوانب الحياة المختلفة وفي الجانب الاقتصادي بشكلها الخاص لتشكل من تركيا اليوم قوة اقتصادية متينة عالمية والتي تطورت إلى البراغماتية الجديدة  في نموذج يستفاد من تجربتها العالمية الحديثة المتطورة لولا تعاطيها بعنصرية مع القضية الكردية.
فمجتمعات عديدة شهدت تطورات كبيرة في حياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لتكون دول رائدة في العالم قدمت وتقدم الكثير لشعبها من خدمات وفرص عمل ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة والشيوخ…لتزرع روح الانتماء لدى افراد مجتمعها ويشعر الفرد منها مفتخراً بوطنه الذي يؤويه , فهذه المجتمعات كانت دول ناشئة فساعدت نفسها وعملت بجد بدافع حب الوطن الذي يجمع بين افرادها وعمل على التنمية والتأهيل وتأسيس مؤسسات الدولة بشكل صلب وقوي وأصبحت دول ناجحة تبيّن ذلك في التعليم والصحة وقلة نسبة البطالة مقارنة مع دول تعيش الفساد في اوساطها والفشل في ادارة اقتصادها وتفشي الفقر فتقوم بدراسات متطورة في تحديد مستقبل البلاد ونسبة البطالة وكيفية علاجها بمشاريع تحتاج إلى ايدي عاملة, ونسبة الشباب تعادل نسبة الوفيات و نسبة الشيوخ… في مراكز احصائية متطورة في عدا عن تطوير البنى التحتية.
فغرب كوردستان يحتاج إلى الاستفادة من  تجارب غيرها وأن تستفيد من ميزات الدول الأخرى علاوة على الاستفادة من تجربة جنوب كوردستان الحديثة التي هي قوة اقتصادية متينة غنية بالطاقة والاستثمار والتجارة فغرب كوردستان خاصة لها مقومات من الزراعة وهي منطقة حدودية ما يجعل تجارتها حرة وكما إن مناطقها نفطية ولكن ما يندر القوى الصناعية التي ستتيح لنسبة كبيرة من البطالة فرص عمل التي تعيشها مجتمع غرب كوردستان في ظل البعث الذين قصدوا المدن الصناعية والدول الاقتصادية ولجؤوا إليها وبذلك ترتقي المنطقة الكوردية إلى الضمانية والاكتفاء الذاتي.
فالخصوصية الكردية في سوريا ينبغي الارتقاء إلى البراغماتية العلمانية القومية والارتقاء إلى الاستراتجية الوحدوية وتقديم المزيد من التنازلات لاكتساب الافضل “منطقة كردية متطورة”وتجنب الدوافع المصلحية راهناً ليسمو بها المجتمع الكردستاني وهو فرض عين على كل جانب كردي ويتحمل واجبها تجاه الشعب الكوردستاني البسيط والودود وما الذي يمنع من الرجوع إلى المعايير التي أسست عليها الحركة الكوردية في سوريا.
والواقع الراهن يفرض درء الصفات والتسميات التي لا تمد الروح الثورية الكوردية بصلة وعدم التضحية بالقضية القومية الكردية لأيديولوجية معينة وتحمل المسؤولية الأخلاقية فضلاً عن احتكار الحقيقة التي يغيب في معانيها الحقيقية …فاليكتية والوحدوية والديمقراطية ليست شعارات وتسميات بل تضحيات وتنازلات للوصول بآمال الجماهير الكوردية إلى سلطة مستقبلية ديمقراطية مستقلة في قراراتها مع الحفاظ على البعد الاستراتجي القومي في سوريا جديدة ومتطورة تحترم حقوق الإنسان في المواطنة المتمثلة ب”الجمهورية السورية ” ذات طابع اتحادي و فدرالي 12/3/2013.

*جريدة صادرة عن الاعلام المركزي للبارتي الديمقراطي الكوردستاني – سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف ما يلاحظ من صمت من قبل المثقف السوري أمام التحولات العميقة التي شهدتها البلاد خلال العقود الأخيرة يمثل في حقيقته ظاهرة لافتة، تكشف عن حجم التعقيد الذي يكتنف المشهد السوري. هذا الصمت- ولا أقصد الخطاب التهليلي الببغاوي- الصمت الذي قد يراه بعضنا خياراً واعياً بينما يجده آخرون منا نتيجة ضغوط وقيود، وهو لم يكن مجرد فعل فردي، بل…

خليل مصطفى منذ 13 عاماً ونخب كورد سوريا (المثقفون المُستقلون) لا زالوا يسألون: عن سبب عدم وحدة أحزابهُم السياسية.؟ وعن سبب ديمومة الخصومة بين زعماء أحزابهم.؟ يقول الله تعالى (عن المشركين): ( ما ينظُرُون إلا صيحة واحدة تأخُذُهُم وهم يَخِصِّمُون. يس 49 ). التفسير (التأويل): 1 ــ ما ينظُرُون: ما ينتظرُون إلا صعقة (نفخة) إسرافيل تضربهم فجأة، فيموتون في مكانهم….

بوتان زيباري في زوايا المشهد السوري المعقّد، تتشابك الخيوط بين أيدٍ كثيرة، بعضها ينسج الحكايات بدماء الأبرياء، والبعض الآخر يصفّق للقتلة كأنهم أبطال ميثولوجيون خرجوا من أساطير الحرب. في قلب هذا العبث، يقف أكثر من خمسة آلاف مقاتل أجنبي ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، وكأنهم غيوم داكنة جلبتها رياح التاريخ المشؤوم. هؤلاء لم يأتوا ليحملوا زيتون الشام في أيديهم…

اكرم حسين تستدعي الإجابة عن سؤال أيُّ سوريا نُريد؟ صياغة رؤية واضحة وشاملة تُعالج الجذور العميقة للأزمة السورية ، وتُقدّم نموذجاً لدولة حديثة تُلبي تطلعات جميع السوريين ، بحيث تستند هذه الرؤية إلى أسس الشراكة الوطنية، والتعددية السياسية، والمساواة الاجتماعية، وتجاوز إرث الاستبداد والصراعات التي مزّقت النسيج المجتمعي على مدار أكثر من عقد. لأن سوريا الجديدة يجب أن تبدأ…