الجمهورية العربية الإسلامية السورية…

حسين جلبي


لا زال بعض الأخوة الكُرد يحتجون ـ و هو من حقهم ـ على إسم الجمهورية العربية السورية الذي بقي مرفوعاً على الطاولة التي جلس إليها الشيخ مُعاذ الخطيب عند إستلامه مقعد سوريا في الجامعة العربية، و من ثم على بقاء الإسم على باب السفارة التي إستلمها الإئتلاف في قطر.
و بصرف النظر عن المسائل القانونية و الإشكالات التي تثيرها مسألة تعديل الإسم، أو حتى عن وجود رغبة لدى الأطراف الأُخرى في ذلك و هو ما بفترضهُ الكُرد، أو حتى صحة فتح معارك و جدالات حالياً وصلت بالبعض إلى التهديد (بالإنسحاب من الثورة) و الحَرد إلى أن يتم تغيير الإسم بما يتوافق مع رغباتهم، فإن الواقع يقول أن الحركة السياسية و التشبيحية الكُردية لم تترك للموقف الشعبي الكُردي أية قيمة و جعلت حتى المُشاركة الكُردية في المظاهرات تبدو و كأنها من باب رفع العتب و بلا وزن،
 فالأولى من خلال أخطائها و الثانية من خلال جرائمها قد أغرقتا الكُرد في همومهم و جعلتهم يبدون مُنغلقين على أنفسهم و منشغلين بمخاوفهم و بعيدين عن الإندماج في الهم الثوري إلا بما يتناسب مع إرتباطات تلك الحركة، و بالتالي أخرجتهم عملياً من حسابات الثوار على الأرض، إضافةً إلى أنهم و بواقع الحال غير متواجدين في الطابق السياسي المُعارض، و كذلك الأمر في المجال العسكري، و لنتخيل مثلاً أن (ينسحب الكُرد من الثورة) كما يذهب إليه البعض، فما هو الإنقلاب الذي يُمكن أن يحدثه ذلك على الأرض، و ما هي التغييرات التي يُمكن أن يحدثها إنسحابهم سواءٌ بجلوسهم في بيوتهم أو حتى بإنضمامهم إلى هذا الطرف أو ذاك، في هذا الوقت الذي رُسمت فيه توازنات القوى سياسياً و عسكرياً و حتى شعبياً بعيداً عنهم.
لنكُف عن خداع أنفسنا و لنعترف بالواقع الذي يقول أن الحركة السياسية و التشبيحية في المنطقة الكُردية قد أسقطت بنفسها رهان الشعب السوري على أخوتهم الكُرد من خلال قيامها بتحجيمهم مُقابل لا شئ، و بالمناسبة لنتخيل أن الجميع قد إتفقوا في الدوحة على تغيير إسم الدولة إلى (الجمهورية العربية الإسلامية السورية)، فما الذي كان يُمكن أن يفعله الكُرد الغير متواجدين هنا و هناك حينها، الإنسحاب من تشكيلات المُعارضة مثلاً و هم الغير موجودين فيها منذُ بدأ الثورة؟ أم إجراءات على الأرض مثلاً؟ ماذا؟

حسين جلبي
فيسبوك:
https://www.facebook.com/hussein.jelebi/posts/593410677336973?notif_t=like

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس تأملات في الزمن والموت ومأساة الوعي الإنساني. لا شيء يُجبر الإنسان على النظر في عيون الفناء، كما تفعل لحظة نادرة نقف فيها على تخوم الذات، لا لنحدّق إلى الغد الذي لا نعرفه، بل لننقّب فيما تبقى من الأمس الذي لم نفهمه. لحظة صمت داخلي، تتكثّف فيها كل تجاربنا، وتتحوّل فيها الحياة من سلسلة أيام إلى…

مروان سليمان من أهم القضايا الشائكة في المجتمعات الشرقية هو التطرف العنيف الذي يعمل بها أناس ليل نهار من أجل شق وحدة الصف و أنقسامات داخل المجتمع و إنعدام حقوق الإنسان و من هنا كان لزاماً على الطبقات المثقفة و التي تحمل هموم شعوبها أن تعمل من أجل الحوارات المجتمعية و تقديم المبادرات السلمية و تحافظ على حقوق…

بوتان زيباري   في دهاليز السلطة، حيث تتهامس الأقدار وتتصارع الإرادات، تُحاك خيوط اللعبة السياسية ببراعة الحكّاء الذي يعيد سرد المأساة ذاتها بلغة جديدة. تُشبه تركيا اليوم مسرحًا تراجيديًا تُعاد كتابة فصوله بأقلام القوة الغاشمة، حيث تُختزل الديمقراطية إلى مجرد ظلٍّ يلوح في خطابٍ مُزيّف، بينما تُحضَر في الخفاء عُدّة القمع بأدواتٍ قانونيةٍ مُتقَنة. إنها سردية قديمة جديدة، تتناسخ…

خالد بهلوي بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وإرساء أسس بناء الاشتراكية وظهور المعسكر الاشتراكي كقوة اقتصادية وعسكرية تنافس الدول الرأسمالية ومعسكر الحلف الأطلسي، انعكس هذا التوازن على العديد من الدول، فحصلت على استقلالها، ومن بينها الدول العربية. كما خلقت هذه التحولات قاعدة جماهيرية تنادي بضرورة الاشتراكية، وأصبحت بعض هذه الدول، وحتى الأحزاب القومية التي تشكلت فيها، تدّعي…