حسين جلبي
إعتاد كُرد سوريا قُبيل إنطلاقة حزب العُمال الكُردستاني قبل حوالي ثلاثين عاماً، على رؤية العديد من كُرد تركيا بين الفترة و الأُخرى في مناطقهم الواقعة شمالي شرقي البلاد بمُحاذاة حدود تركيا الجنوبية، كان هؤلاء المُلاحقون سياسياً و ربما جنائياً يبقون في تلك المناطق التي كانت تُعاني فقراً مدقعاً أياماً قليلة أو أسابيعاً قبل أن يختفوا منها، ذلك أن لا شئ كان يُغري هؤلاء بالبقاء في منطقة يفرُ منها أبنائها نتيجة تدابير النظام السوري الأمنية و الإقتصادية، فكانت المنطقة و بهذا المعنى تشكل معبراً إجبارياً لهم إلى أوربا.
لكن الأمر إختلف جذرياً مع مجموعة من هؤلاء الضيوف القادمين كغيرهم من تركيا، و كانت في معظمها من الشُبان، و هم الذين عرفهم الناس في البداية بإسم (الطلبة)، فبعد مرور أسابيع على وجودهم في ضيافة سكان المنطقة لم يلبث أن إختفوا كغيرهم، لكنهم ظهروا فيما بعد بإسمهم الأكثر شهرةً (حزب العُمال الكُردستاني)، و قد ميزهم إيمانٌ حديدي بالقائد (آبو) و هو الأسم الذي أُطلق على زعيمهم عبدالله أوجلان، و إيمانٌ أيضاً بتوحيد و تحرير كُردستان، و لا شئ دون ذلك.
و على هذا الأساس بدأ التنظيم الحديدي نشاطه تحت أنظار السُلطات السورية التي كانت تُحارب الحركة الكُردية لديها و لا تعترف بالشعب الكُردي و حقوقهُ في سوريا، بدأ التنظيم بالتوسع كالنار في الهشيم إذاً، فإنضم إليه و بصورة علنية آلاف الشُبان و الشابات من الكُرد السوريين في الوقت الذي كانت أبسط الأنشطة التي تقوم بها الأحزاب الكُردية السورية تجري بصورة سرية و تتعرض للقمع في حال كشفها، و أبعد من ذلك تم توفير مقام مُريح لزعيم الحزب، و أُفتتحت لحزبه معسكرات تدريب في سوريا و لبنان، كانت تتلقى الدعم المادي و العسكري و الإعلامي و كل ما يحتاجهُ الحزب للتوسع و الوقوف على أرضية تجعلهُ مهيأً لخوض معركة طويلة ضد تركيا.
و هكذا وجد كُرد سوريا أنفسهم بين ليلةً و ضحاها على غير حال، فمن يُطالب منهم بأبسط حقوقه القومية في سوريا يلقى القمع الشديد، أما من يعمل منهم من أجل تحرير و توحيد كُردستان تركيا فيلقى كل العطف و الدعم من النظام ذاتهُ، و لم يطل الأمر طويلاً حتى دخل الحزب في صراعٍ مُسلح مع تركيا تحت ذلك الشعار الكبير، و تحولت المناطق الكُردية السورية إلى خط إمداد خلفي يُمسك به زعيم الحزب نفسهُ لدعم الجبهة بالمُقاتلين و بكل ما يلزمها، و بدت سوريا و كأنها تخوض معركة وجود، و قد تهيأت لتحمل التكلفة المادية و المعنوية لها.
لقد كان القتال الذي يقوم به حزب العُمال الكُردستاني ضد تركيا تحت شعار تحرير و توحيد كُردستان يتقاطع مع أهداف سورية ضد ذلك العدو المُشترك، كانت العملية تُسمى في الأوساط الرسمية السورية بعملية (حماية الفُرات)، فقد هدفت سوريا من وراء دعم حليفها إلى الضغط على تركيا لتأمين تدفق مياه نهر الفُرات التي تنبع من الأراضي التركية عبر أراضيها، و كانت تهدف كذلك إلى التذكير المُستمر بسورية (لواء إسكندرونة) و هو ولاية سورية ألحقتها تركيا بنفسها في أربعينيات القرن الماضي، كما أن إيران لم تكن غائبة عن الصراع، ففي الوقت الذي كان النظام السوري يُشغل بتلك الحرب تركيا التي هي عدو إيران التقليدي، كانت الأخيرة تخوض بدورها حرباً طويلة مع عدو النظام السوري في العراق، و بالمناسبة لم تكن الطائفية غائبة عن الحربين، إلا أن أهم الأهداف التي كان النظام السوري يرغب في تحقيقها من وراء ذلك الدعم المفتوح للحزب هو إفراغ المنطقة الكُردية السورية من طاقاتها الشابة بتوجيه إهتمام هؤلاء إلى أهداف خارج حدودها و بالتالي تغيير ديموغرافية المنطقة بعد أن تُصبح في النهاية أرضاً بلا شعب لإستكمال ما بدأتهُ سوريا سابقاً من عمليات تعريبها، و قد لقي ذلك في الحقيقة تجاوباً من أوجلان الذي أعلن في أحد كُتبهُ أن لا منطقة كُردية بإسم (كُردستان سوريا) موجودة في سوريا، و إن الكُرد السوريين مُجرد مهاجرون قادمون من تركيا، و إنه متفق مع الحكومة السورية على ضرورة إعادتهم من حيث قدموا، و رفع تطبيقاً لذلك شعار: (فليبدأ موسم الهجرة نحو الشمال)، في إشارةٍ الرغبة في إعادة كُرد سوريا إلى تركيا.
مضت الحرب مع تركيا على خير ما يرام بالنسبة للحليفين الأسد ـ أوجلان، حتى أن تركيا كادت تجثو على ركبتيها أمام الحليفين القويين من خلال عرض الرئيس التركي الراحل توركوت أوزال وقف إطلاق النار مع حزب الـ (ب.
ك.
ك.) تمهيداً للبدء في المفاوضات معهُ، لكن رحيل الرئيس أوزال في ظروفٍ غامضة غيّب مُبادرتهُ أيضاً، فإستمر القتال الذي تخللهُ في بعض المراحل فترات هدنة، إلا أن إحدى العمليات العسكرية الكُبرى للحزب أخرجت تركيا عن طورها فإندفعت لحشد قواتها على الحدود السورية و تهديد سوريا بالإجتياح إذا لم تقم بتسليمها زعيم الحزب عبدالله أوجلان، و هنا قامت سوريا بطرد أوجلان عوضاً عن تسليمه، و بدت عملية إلقاء القبض عليه في أفريقيا و إحضاره إلى تركيا و كأنها أفقدت المُغامرة الأسدية ـ الأوجلانية عناوينها الكُبرى، و أفقدتها كذلك كل تشويق، و جعلتها تدور في المتاهة ذاتها، لكن رحيل الأسد الأب بعد ذلك قد جعل المُغامرة تفقد كلا ساقيها، ذلك أن الأسد الأبن قد أكمل ما بدأه السيد أوجلان إبان القبض عليه، فبعد أن تخلى الأخير عن شعار تحرير و توحيد و تحرير كُردستان لصالح الرضا بالمواطنة في دولة تركية ديموقراطية، تخلى الأسد الأبن بدوره عن لواء إسكندرونة المُلحق بتركيا و قام بشطبه من كُتب التاريخ الجغرافيا السورية، كما بدأ بمكافحة بقايا الحزب على الأراضي السورية و تسليمهم أحياناً لحلفائه الجدد تنفيذاً لإتفاقية أمنية وقعتها الدولتين، و هكذا أخذت العلاقات تتحسن بين الدولتين، و بدأت الأمور تسير نحو التهدئة في جميع المجالات.
لكن رياح الثورة السورية قد أعادت للمُغامرة بعض التشويق، ذلك أن تركيا قد أيدت هذه المرة الثائرين على النظام السوري، فرد الأخير بالبحث في دفاتره القديمة، و في محاولةٍ للإمساك بتركيا من اليد التي تؤلمها قام بإحياء حلفه القديم مع حزب العُمال الكُردستاني، و هكذا فقد إستفادت سوريا من بقايا الحزب الذي كانت تُلاحقه حتى بدء الثورة، فمنحته صلاحيات واسعة للإمساك بالمناطق الكُردية السورية ذاتها، و أصبح الخط الواصل بين المناطق الكُردية السورية و جبهة الحزب المتقدمة في قنديل ساخناً مرةً أُخرى، و لكن هذه المرة أخذ المُقاتلون و الأسلحة يعبرون خلالهُ في الإتجاهين، و لكن و بعد عمليات عسكرية متعددة جاءت مُبادرة أوجلان في عيد النوروز لتضع حداً لتلك العمليات، و تنهي المُغامرة التي دامت ثلاثين عاماً، و ليخرج بذلك الحزب من الحياة السياسية و العسكرية التركية، و لتبقى قوته الموجودة في سوريا في حالة إشتباك إعلامي مع تركيا.
لقد لعبت الظروف الشخصية للسيد أوجلان دوراً رئيسياً في مبادرتهُ السلمية إن لم تكن الظروف هي السبب الوحيد لها، فقد بدأ إنقلابه المُفاجئ على شعاراته منذُ لحظة إبعادهُ من سورية، و أخذت تلك الشعارات تتساقط مثل أحجار الدومينو حتى لم يبق منها أي شئ واقفاً، و ليس من الضروري تخيل وجود السيد أوجلان على رأس حزبه في سوريا حتى الآن لمعرفة كيف كان سيتصرف تجاه الكُرد و الثورة السورية و النظام السوري و كذلك تركيا، ذلك أن نظرةً سريعة على حزب الإتحاد الديمقراطي، و هو الإسم الذي حملته منظمته بعد طرده من سوريا، و كذلك أعمال تلك المنظمة و تحالفاتها تقدم جواباً شافياً على ذلك.
مُبادرة زعيم حزب العُمال الكُردستاني بوقف إطلاق النار و الإنسحاب من الأراضي التركية تفتح الطريق أمام القوى الديمقراطية الكُردية لإستعادة زمام المُبادرة و إلتقاط الأنفس للبدء في نضال سلمي شاق و طويل للمُطالبة بحقوق الشعب الكُردي في تركيا، لكنها تُعتبر من جهةً أُخرى، و عدا عن إخراج الحزب من المُعادلة الكُردية التركية، قصقصةً لجناحي منظمة الحزب السورية المُسماة حزب الإتحاد الديمقراطي، ذلك أن المُبادرة تحرم تلك المنظمة من شرعية العُمق الكُردستاني التي كانت تبيح لها إستنزاف الطاقات البشرية و المادية الكُردية السورية، و تجعلها تخوض مُغامرتها في حيزٍ محدود، على الأرض، هو المنطقة الكُردية السورية بعيداً عن فضاء الشعارات القومية الفضفاضة.
حسين جلبي
jelebi@hotmail.de
و على هذا الأساس بدأ التنظيم الحديدي نشاطه تحت أنظار السُلطات السورية التي كانت تُحارب الحركة الكُردية لديها و لا تعترف بالشعب الكُردي و حقوقهُ في سوريا، بدأ التنظيم بالتوسع كالنار في الهشيم إذاً، فإنضم إليه و بصورة علنية آلاف الشُبان و الشابات من الكُرد السوريين في الوقت الذي كانت أبسط الأنشطة التي تقوم بها الأحزاب الكُردية السورية تجري بصورة سرية و تتعرض للقمع في حال كشفها، و أبعد من ذلك تم توفير مقام مُريح لزعيم الحزب، و أُفتتحت لحزبه معسكرات تدريب في سوريا و لبنان، كانت تتلقى الدعم المادي و العسكري و الإعلامي و كل ما يحتاجهُ الحزب للتوسع و الوقوف على أرضية تجعلهُ مهيأً لخوض معركة طويلة ضد تركيا.
و هكذا وجد كُرد سوريا أنفسهم بين ليلةً و ضحاها على غير حال، فمن يُطالب منهم بأبسط حقوقه القومية في سوريا يلقى القمع الشديد، أما من يعمل منهم من أجل تحرير و توحيد كُردستان تركيا فيلقى كل العطف و الدعم من النظام ذاتهُ، و لم يطل الأمر طويلاً حتى دخل الحزب في صراعٍ مُسلح مع تركيا تحت ذلك الشعار الكبير، و تحولت المناطق الكُردية السورية إلى خط إمداد خلفي يُمسك به زعيم الحزب نفسهُ لدعم الجبهة بالمُقاتلين و بكل ما يلزمها، و بدت سوريا و كأنها تخوض معركة وجود، و قد تهيأت لتحمل التكلفة المادية و المعنوية لها.
لقد كان القتال الذي يقوم به حزب العُمال الكُردستاني ضد تركيا تحت شعار تحرير و توحيد كُردستان يتقاطع مع أهداف سورية ضد ذلك العدو المُشترك، كانت العملية تُسمى في الأوساط الرسمية السورية بعملية (حماية الفُرات)، فقد هدفت سوريا من وراء دعم حليفها إلى الضغط على تركيا لتأمين تدفق مياه نهر الفُرات التي تنبع من الأراضي التركية عبر أراضيها، و كانت تهدف كذلك إلى التذكير المُستمر بسورية (لواء إسكندرونة) و هو ولاية سورية ألحقتها تركيا بنفسها في أربعينيات القرن الماضي، كما أن إيران لم تكن غائبة عن الصراع، ففي الوقت الذي كان النظام السوري يُشغل بتلك الحرب تركيا التي هي عدو إيران التقليدي، كانت الأخيرة تخوض بدورها حرباً طويلة مع عدو النظام السوري في العراق، و بالمناسبة لم تكن الطائفية غائبة عن الحربين، إلا أن أهم الأهداف التي كان النظام السوري يرغب في تحقيقها من وراء ذلك الدعم المفتوح للحزب هو إفراغ المنطقة الكُردية السورية من طاقاتها الشابة بتوجيه إهتمام هؤلاء إلى أهداف خارج حدودها و بالتالي تغيير ديموغرافية المنطقة بعد أن تُصبح في النهاية أرضاً بلا شعب لإستكمال ما بدأتهُ سوريا سابقاً من عمليات تعريبها، و قد لقي ذلك في الحقيقة تجاوباً من أوجلان الذي أعلن في أحد كُتبهُ أن لا منطقة كُردية بإسم (كُردستان سوريا) موجودة في سوريا، و إن الكُرد السوريين مُجرد مهاجرون قادمون من تركيا، و إنه متفق مع الحكومة السورية على ضرورة إعادتهم من حيث قدموا، و رفع تطبيقاً لذلك شعار: (فليبدأ موسم الهجرة نحو الشمال)، في إشارةٍ الرغبة في إعادة كُرد سوريا إلى تركيا.
مضت الحرب مع تركيا على خير ما يرام بالنسبة للحليفين الأسد ـ أوجلان، حتى أن تركيا كادت تجثو على ركبتيها أمام الحليفين القويين من خلال عرض الرئيس التركي الراحل توركوت أوزال وقف إطلاق النار مع حزب الـ (ب.
ك.
ك.) تمهيداً للبدء في المفاوضات معهُ، لكن رحيل الرئيس أوزال في ظروفٍ غامضة غيّب مُبادرتهُ أيضاً، فإستمر القتال الذي تخللهُ في بعض المراحل فترات هدنة، إلا أن إحدى العمليات العسكرية الكُبرى للحزب أخرجت تركيا عن طورها فإندفعت لحشد قواتها على الحدود السورية و تهديد سوريا بالإجتياح إذا لم تقم بتسليمها زعيم الحزب عبدالله أوجلان، و هنا قامت سوريا بطرد أوجلان عوضاً عن تسليمه، و بدت عملية إلقاء القبض عليه في أفريقيا و إحضاره إلى تركيا و كأنها أفقدت المُغامرة الأسدية ـ الأوجلانية عناوينها الكُبرى، و أفقدتها كذلك كل تشويق، و جعلتها تدور في المتاهة ذاتها، لكن رحيل الأسد الأب بعد ذلك قد جعل المُغامرة تفقد كلا ساقيها، ذلك أن الأسد الأبن قد أكمل ما بدأه السيد أوجلان إبان القبض عليه، فبعد أن تخلى الأخير عن شعار تحرير و توحيد و تحرير كُردستان لصالح الرضا بالمواطنة في دولة تركية ديموقراطية، تخلى الأسد الأبن بدوره عن لواء إسكندرونة المُلحق بتركيا و قام بشطبه من كُتب التاريخ الجغرافيا السورية، كما بدأ بمكافحة بقايا الحزب على الأراضي السورية و تسليمهم أحياناً لحلفائه الجدد تنفيذاً لإتفاقية أمنية وقعتها الدولتين، و هكذا أخذت العلاقات تتحسن بين الدولتين، و بدأت الأمور تسير نحو التهدئة في جميع المجالات.
لكن رياح الثورة السورية قد أعادت للمُغامرة بعض التشويق، ذلك أن تركيا قد أيدت هذه المرة الثائرين على النظام السوري، فرد الأخير بالبحث في دفاتره القديمة، و في محاولةٍ للإمساك بتركيا من اليد التي تؤلمها قام بإحياء حلفه القديم مع حزب العُمال الكُردستاني، و هكذا فقد إستفادت سوريا من بقايا الحزب الذي كانت تُلاحقه حتى بدء الثورة، فمنحته صلاحيات واسعة للإمساك بالمناطق الكُردية السورية ذاتها، و أصبح الخط الواصل بين المناطق الكُردية السورية و جبهة الحزب المتقدمة في قنديل ساخناً مرةً أُخرى، و لكن هذه المرة أخذ المُقاتلون و الأسلحة يعبرون خلالهُ في الإتجاهين، و لكن و بعد عمليات عسكرية متعددة جاءت مُبادرة أوجلان في عيد النوروز لتضع حداً لتلك العمليات، و تنهي المُغامرة التي دامت ثلاثين عاماً، و ليخرج بذلك الحزب من الحياة السياسية و العسكرية التركية، و لتبقى قوته الموجودة في سوريا في حالة إشتباك إعلامي مع تركيا.
لقد لعبت الظروف الشخصية للسيد أوجلان دوراً رئيسياً في مبادرتهُ السلمية إن لم تكن الظروف هي السبب الوحيد لها، فقد بدأ إنقلابه المُفاجئ على شعاراته منذُ لحظة إبعادهُ من سورية، و أخذت تلك الشعارات تتساقط مثل أحجار الدومينو حتى لم يبق منها أي شئ واقفاً، و ليس من الضروري تخيل وجود السيد أوجلان على رأس حزبه في سوريا حتى الآن لمعرفة كيف كان سيتصرف تجاه الكُرد و الثورة السورية و النظام السوري و كذلك تركيا، ذلك أن نظرةً سريعة على حزب الإتحاد الديمقراطي، و هو الإسم الذي حملته منظمته بعد طرده من سوريا، و كذلك أعمال تلك المنظمة و تحالفاتها تقدم جواباً شافياً على ذلك.
مُبادرة زعيم حزب العُمال الكُردستاني بوقف إطلاق النار و الإنسحاب من الأراضي التركية تفتح الطريق أمام القوى الديمقراطية الكُردية لإستعادة زمام المُبادرة و إلتقاط الأنفس للبدء في نضال سلمي شاق و طويل للمُطالبة بحقوق الشعب الكُردي في تركيا، لكنها تُعتبر من جهةً أُخرى، و عدا عن إخراج الحزب من المُعادلة الكُردية التركية، قصقصةً لجناحي منظمة الحزب السورية المُسماة حزب الإتحاد الديمقراطي، ذلك أن المُبادرة تحرم تلك المنظمة من شرعية العُمق الكُردستاني التي كانت تبيح لها إستنزاف الطاقات البشرية و المادية الكُردية السورية، و تجعلها تخوض مُغامرتها في حيزٍ محدود، على الأرض، هو المنطقة الكُردية السورية بعيداً عن فضاء الشعارات القومية الفضفاضة.
حسين جلبي
jelebi@hotmail.de