إرهاصات سقوط النظام السوري كوردياً

خالد جميل محمد

آذَنَـــت انتفاضة قامشلو الكوردية (آذار 2004) بـــأُفـــولِ شَــمْسِ الأَبَــدِيَّــة الأَسَدِيّـــة التي توهّم بعضُ المستسلمينَ لسطوعها أنها شمسٌ متعذرة على الانطفاء، وأن التعرُّضَ لها يعني الاحتراق بنارها، متنكرين لحقيقة أن تلك الانتفاضة كانت تهدف إلى قتل الخوف ومواجهته في نفوس الجيل الكوردي الجديد المتمرِّد على نظامٍ سَقَطَ صنمُه بأيدٍ كوردية ليكون ذاك السقوطُ أولَ إرهاصاتِ تَــلاشــي تلك الشمس التي خوّفت قياداتُ بعض الأحزاب الكوردية السورية شبابَها من سعيرها، لكن تلك القيادات لم تقدّم، بموازاة خطابها التخويفي ذاك، خطاباً سياسياً منسجماً مع الروح الثورية الجديدة التي توافرت لدى الشباب الكورد وقد ثَـــــبّــطَت اندفاعَهم محاولاتُ تلك القيادات التي قد لا تقتنع أو لا ترضى بسقوط النظام السوري حتى بعد سقوطه الحقيقي.
ثم كانت انطلاقة الثورة السورية في نسختها الكوردية منذ الأيام الأولى التي أرادت أيضاً بعض القيادات أن توقفها عبثاً… وكان الإرهاص السابق على ذلك ما كانت تقوم به بعض الأحزاب الكوردية من نشاط سياسي فاعل في مواجهة عنف النظام حيث اعتُقل العشرات من أعضاء وقيادات تلك الأحزاب الثورية التي كانت تُتهم من جهات كوردية أُخرى بأنها (متهوّرة)! لكن التاريخ سطّر أسماء أولئك الأبطال وتلك النشاطات في صفحات من ذَهَبٍ، ليكون ذلك مؤشراً يعكس البدء بعملية الحتّ في جسد الصَّنَم الأسَديّ الذي تأسف بعض الاتجاهات في الحركة الكوردية على زواله الحتمي بحجج واهية أمام منطق العقل.

وأما الإرهاصات الأخرى فتتمثل في ردة الفعل الكوردية على العمل الإجرامي للنظام وعملائه في عمليات الانتقام من الشهيد الشيخ محمد معشوق خزنوي والشهيد مشعل تمو ثم الشهيد نصر الدين برهك شهيد المواقف الكوردية الحقة، وغيرهم من الأبطال الذين سقطوا أو اختُطِفوا أو اعتُقلوا أو جُرحوا من الكورد في نضالهم من أجل الحرية والكرامة.

——
عن صفحة الكاتب

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مصطفى منيغ / تطوان تأجيل المُنتُظر لا يجُوز، ومِن المُنتَظر التأجيل بالواقع ممزوج، بالتمعن في الجملتين نصل لمدخل معرفة دول تائهة كتلك البلهاء لا تفكر إلا أن يحتَلَّها زوج وإن قارب أعمال يأجوج ومأجوج ، و تلك العالمة لما تقدِّمُه من معقول لكل مَخْرَج لها معه نِعْمَ مَخْرُوج ، المكشوفة رغم تستُّرها وراء سَدٍّ يقِي وجودها دون تقدير إن تردَّ…

د. محمود عباس   يعوّل الشعب الكوردي على المؤتمر الوطني الكوردي في غربي كوردستان بوصفه لحظة مفصلية، لا لمجرد جمع الفاعلين الكورد في قاعة واحدة، بل لتأسيس إرادة سياسية حقيقية تمثّل صوت الأمة الكوردية وتعبّر عن تطلعاتها، لا كفصيل بين فصائل، بل كشعبٍ أصيلٍ في جغرافيا ما تزال حتى اللحظة تُدار من فوق، وتُختزل في الولاءات لا في الحقوق. إننا…

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…