لم يهدأ السورييون يوما ولم يستسلموا أمام مخاطر وتهديد سلطة الأسد الأب والابن الذي يحتمي بأكثر من عشرة أجهزة أمنية منظمة تفوق عدتها وعديدها قوى الجيش النظامي ( مستثنى منه بعض الفرق الخاصة من النخبة المخصصة لحماية النظام أيضا ) تقوم على عقيدة مواجهة الشعب بالداخل وليس الأعداء الخارجيين لحفظ السلطة والنظام وهو ما جعل اسرائيل تواصل احتلالها للجولان السورية طيلة أكثر من أربعين عاما من دون سماع طلقة واحدة من الجانب السوري كما دفعها الى تفضيل نظام البعث بل الضغط على واشنطن لعدم الاقدام على العمل الجاد لأزاحته نعم خاض السورييون غمار المعركة السياسية بأشكال عدة ولم تخل آلاف السجون والمعتقلات السرية من المعارضين الذين تعرضوا الى أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وكذلك الى عقوبات شديدة عبر محاكم عسكرية ومحكمة أمن الدولة العليا وشهدت ساحات المدن نشاطات مستمرة من تظاهرات واحتجاجات كما ظهرت منتديات وجمعيات وتجمعات تدعو الى الحريات العامة وحقوق الانسان والدفاع عن السجناء السياسيين .
في آذار قبل نحو تسعة أعوام كانت ” الهبة ” الدفاعية أو ” الانتفاضة ” التي لم تكتمل شروطها الموضوعية والذاتية ( لأسباب لايتسع المكان لسردها ) في المناطق الكردية انطلاقا من القامشلي مرورا بكوباني وعفرين وبعض أماكن التواجد الكردي مثل حلب ودمشق التي كانت من حيث الشعارات والأهداف ذات مضمون وطني سوري تطالب بالحرية والكرامة والديموقراطية ووجه كردي محلي في تحسين الحالة الخاصة ورفع الاضطهاد القومي وانتزاع الحقوق المشروعة وفي آذار قبل عامين انتفضت درعا ايذانا باندلاع الثورة بعد محاولات في دمشق من أبرزها اعتصام عائلات ذوي المعتقلين وبعض الناشطين أمام مبنى وزارة الداخلية .
في مسيرة عامين من المواجهة السلمية والمقاومة المسلحة دفاعا عن الشعب الذي يتعرض الى القتل والابادة والتدمير الممنهج بكل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا هناك تحديات متنوعة ماثلة أمام الحراك الوطني الثوري وخصوصا الداخلية منها المتعلقة بمهام مرحلة وسبل اسقاط النظام والصراع الطبيعي حول البديل المستقبلي من نظام سياسي ودستور ومخاطر جنوح جماعات الاسلام السياسي نحو التطرف داخل مجتمعنا المتنوع المتسامح ولاشك أن استيعاب طبيعة المرحلتين من الثورة كل حسب شروطها وخصوصياتها وماتستدعي من فهم وتفهم متطلبات التحالفات والتفاهمات القصيرة الأمد والمتوسطة والبعيدة وبرامج الحد الأدنى الى جانب الاستفادة من دروس التجربتين التونسية والمصرية كفيل بتجاوز المخاطر المحدقة بالتجربة الفريدة والغنية للثورة السورية التي تستحق الانتصار بعد كل تلك التضحيات الجسام ففي معترك الكفاح ضمن هذه الثورة الشعبية الهادفة الى اسقاط النظام أولا التي تشمل مختلف الطبقات الاجتماعية والفئات والأطياف في مجتمع متعدد الأقوام والديانات والمذاهب والتوجهات السياسية لابأس ولاضرر أن يقاوم كل واحد منها تحت شعاره وبلغته وشعائره مادام علم الاستقلال يظلل الجميع وهذا أحد خصوصيات الثورة السورية .
في الذكرى الثانية لثورتنا الوطنية علينا مراجعة الماضي بكل تطوراته وأخطائه والكثير من انتصاراته على صعيد الداخل وفي الميدان والكثير من اخفاقاته على صعيد – المعارضات – السياسية لأن ذلك هو مفتاح معرفة الحاضر والتحضير للمستقبل علينا الاعتراف بفشل الديموقراطيين والليبراليين في اتخاذ خطوات استباقية في تحاشي وقوع المحظور بتسلط الاخوان على مقدرات المعارضة ( المجلس والائتلاف ) وظهور فجوة – اسلامية سياسية – في جدار الثورة وماجلبت من مجموعات وفئات اسلامية متطرفة حصل الامر ذاته في تونس ومصر وكانت النتائج وخيمة وتم تدارك الخطأ متأخرا جدا بالمقاطعة مع كل أضرارها ومن يتحمل المسؤولية هم القومييون – الناصرييون في مصر – الممانعون – سابقا وعندنا القومييون من جماعة اعلان دمشق وبعض الليبراليين ونفر من اليسراويين – القومجية – ومن لف الجميع من عناصر ضعيفة لاتاريخ لها في سوح النضال السري غير محصنة أمام مغريات هذا الزمن السوري كما يجب الاعتراف أن المشهد الكردي السوري على صعيد أداء الأحزاب أكثر قتامة وترديا والتي أرادت ومازالت دفع الكرد اما الى مواقع موالاة النظام – والتشبيح – كمثال جماعات – ب ك ك – أو الى مواقع – الحياد – كمثال الأحزاب الأخرى بالضد من ارادة الشعب الكردي وفي مواجهة الحراك الشبابي الكردي الثوري والجماهير الواسعة والأكثرية الصامتة التي لم تقل كلمتها بعد .