المرأة في القلب من الثورة السورية

صلاح بدرالدين

  من المسلم به القول أن المرأة لها النصيب المماثل للرجل ويكاد يكون الأكثرفي مقدمات ثورات الربيع من أجل الحرية والكرامة ومسارها المفعم بالآلام والمعاناة ونتائجها المتوخاة اذا علمنا أنها الأشد عوزا الى نيل حرياتها الاجتماعية والمهنية والدستورية الخاصة بها اضافة الى الحريات السياسية المشتركة العامة والأكثر تعطشا لاستعادة كرامتها الموؤودة لقرون خلت وحتى الآن على أيدي القيمين على شريعتي الأرض والسماء عبر القوانين الرسمية الموضوعة من جانب القوى الاستبدادية المستغلة من جهة وتقاليد المجتمع الذكوري السائدة المكملة لسلطة نظم التسلط الحاكمة من الجهة الأخرى
 ولاتخطىء العين أبدا لمجرد نظرة الى مايجري في تونس ومصر في المرحلة الثانية من الثورات الربيعية في مهام تفكيك البقية الباقية من سلطة الاستبداد بعد خطوتها الأولى الظافرة في خلع الحكام المستبدين حيث تشغل قضية حريات المرأة الصدارة في المشهد السياسي والبند الأساسي في برامج القوى الديموقراطية الثورية في منازلتها لجماعات الاسلام السياسي ورأس حربتها حركات الاخوان المسلمين التي فازت بدرجات متفاوتة ولأسباب مختلفة ولو الى حين في اللعبة الانتخابية البرلمانية .

  لاتختلف الحالة العامة للمرأة السورية عن أحوال نظيراتها في البلدان الأخرى من حيث المعاناة والحرمان الى جانب الفئات الوطنية الأخرى الأكثر تضررا من الاستبداد واذا كانت الثورة من أجل التغيير والاصلاح واعادة بناء الدولة الحديثة في صلب الهدف الشعبي واستجابة لارادة كل السوريين فانها لمصلحة بعض الفئات الوطنية بدرجات مضاعفة مثل القوميات المضطهدة المغلوبة على أمرها والمكونات الدينية والمذهبية المهمشة وكذلك المرأة وهي فئات وطنية اجتماعية تعاني القمع والاقصاء بصورة مزدوجة فمن جهة تشارك الآخرين في معاناة الاستبداد وفقدان الديموقراطية ومن الجهة الأخرى تدفع أثمان حمل أوزار انتماءات القوم والعقيدة والجنس .
  شاركت المرأة السورية بالثورة بكل جدارة ان كان في صفوف التظاهرات الاحتجاجية السلمية وتعرضت فيها للتصفية الجسدية والخطف والاعتقال أو في المقاومة الدفاعية ليس في حمل السلاح بل في الصمود البطولي بالحفاظ على العائلة والطفل والمنزل ذلك الوطن الصغير وهي من تعرضت للصواريخ والقنابل والبراميل المفخخة التي أرسلها الحاكم لتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها وتسوية المدن بالأرض وتقتيل وتشريد السكان الآمنين وبينهم النسبة الأكبر من النساء والأطفال أما النازحون المهجرون قسرا في الداخل والخارج وفي تلك الظروف المناخية والمعيشية المعروفة وفي أجواء الخوف والترقب فأكثر من نصفهم بل ثلاثة أرباعهم من النساء .
  من حق المرأة السورية أن تطمح الى حياة أفضل وأن تعوض عن آلامها بمزيد من الحقوق في سوريا الجديدة القادمة ومن واجب الثوار وكل الوطنيين والديموقراطيين العمل سوية وبكل قوة من أجل صياغة دستور حضاري يضمن الى جانب الحقوق الأخرى استحقاقات المرأة السورية في الحياة الحرة الكريمة وجميع طموحاتها المشروعة في الدولة والمجتمع والحيلولة دون اجهاض هذه الحقوق من جانب جماعات الاسلام السياسي العدو الأول والأخير للحرية عامة ولحقوق المرأة خصوصا كما يحصل الآن في مصر والى حد ما في تونس .
  في عيد المرأة العالمي كل التحية للمرأة السورية الثائرة والمشاركة بكل السبل والأوجه والطرق في القضية الوطنية بمختلف انتماءاتها القومية والاجتماعية والمناطقية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي في مشهد الصراع السوري، تُستدعى رموز التاريخ الإسلامي بشكل متكرر من قبل الفصائل المختلفة، كلٌّ بحسب توجهه وهويته. ومن بين تلك الرموز، يبرز اسم الدولة الأموية / بني أمية / الأمويين بقوة في خطاب بعض الجماعات والفصائل ذات الطابع السنّي، خصوصاً تلك التي ترى نفسها امتداداً لـ”أمجاد الماضي”. لكن استحضار بني أمية اليوم، في سياق شبه حرب أهلية…

د. محمود عباس   بعد مجريات الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحوّل ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية إلى واجهة مفرغة من الوطنية، خاضعة بالكامل لهيمنة هيئة تحرير الشام، ومُلتحقة بالإملاءات التركية، لم يعد أمام الحراك الكوردي خيار سوى الإعلان، وبشكل صريح وحاسم، أن المنطقة الكوردية ستدار بشكل مستقل عن المركز، إلى أن تتضح ملامح سلطة سورية بديلة، مدنية، لا مركزية، تؤمن بالنظام…

ابوبکر کاروانی. من خلال عقد مؤتمر للوحدة والموقف الكردي الموحّد في روج آفا، دخلت القضية الكوردية في ذلك الجزء من كوردستان مرحلة جديدة ومهمة. وتتمثل في توحيد القوى الكوردستانية في روج آفا على أساس تمثيل الذات كناطق باسم شعب كوردستان في هذا الجزء من كردستان، ولحلّ قضية عادلة لم تُحل بعد. هذه الخطوة هي ثمرة جهود للقادة، وضغوط ومساندة الأصدقاء،…

نظام مير محمدي* لطالما كان الملف النووي الإيراني أحد التحديات الأساسية على الساحة الدولية. فمنذ الأيام الأولى لنشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، سعى النظام الحاكم جاهداً، عبر خلق العقبات وتقديم معلومات منقوصة، إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية لبرنامجه النووي. هذا النهج المخادع، الذي أكدت عليه مراراً وتكراراً السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مطالبةً برقابة…