سفير علي
تفاقمت الأزمة السورية ودخلت عامها الثالث, محملة بأوزارها من المآسي وويلات الحروب الطاحنة والكثير من المعاناة القاسية, والتداعيات الخطيرة.
تفاقمت الأزمة السورية ودخلت عامها الثالث, محملة بأوزارها من المآسي وويلات الحروب الطاحنة والكثير من المعاناة القاسية, والتداعيات الخطيرة.
فلا آلة القتل والإجرام قد توقفت, في ظل المتوالية العددية من القتلى واتساع دائرة العنف, ولا حجم الدمار الهائل وانهيار البنية التحتية قد قلت, ولا نسبة اللاجئين على عتبات الحدود السورية والمشردين في الداخل والخارج قد تراجعت, وليس هناك ما يوحي بأية حلحلة أو تأرجح أو حسم, لهذه الأزمة التي امتد أجلها قياسا مع ما سبق من ثورات الربيع العربي, التي قيل عنها آنذاك بأنها ليست سوى (فقاعات صابونية) وأحلام وردية نحو الهاوية ,
وفي ظل هكذا أوضاع مأساوية تشهدها الساحة السورية فإن للمناطق الكوردية أيضا نصيبها, وهي لم تكن بمنأى عن الأحداث يوما, وإن اتخذت أشكالا أخرى وتبلورت في تعميق الأزمة بأبشع صورها, وفي مختلف نواحي الحياة ومجالاتها, التي تشعبت بدورها , وتشظت, إلى داخل كل بيت ومنزل, مشكلة خلية من المعاناة الحقيقية, بمفهومها الشامل.
وهنا سنلقي ضوءاً على بعض جوانب الأزمة في مرآة المشهد الكوردي, وخاصةً في ظاهرتين وبائيَتين برزتا فيها مؤخرا.
فمن أكثر وأهم البؤر الوبائية التي ابتلينا بها في هذه الأزمة, والتي باتت تنذر بكارثة صحية في المناطق الكوردية, وخاصة (قامشلو) هي ظاهرتي القمامة المتراكمة وسحابة الدخان المتصاعد ليلا من المدافىء , إذ سجلت مستويات قياسية , خطيرة, في نسبة انتشار الأمراض السارية , والأوبئة , وانبعاث الغازات السامة, والإختناقات.
1- فأما ظاهرة القمامة المتراكمة , في الأماكن المأهولة بالسكان وما يترتب على ذلك من تفشي الروائح الكريهة التي غالبا ما تكون بيئة مناسبة لجذب الحشرات , والذباب, ومرتعا للكلاب الشاردة , التي باتت تصول وتجول نهارا جهارا في الشوارع والأزقة والبيوت المترامية الأطراف, فأينما توجهت وكيفما أردت فإنك ستجد أكياسا مكدسة من القمامة أمام كل منزل, وأكواما مليئة بالعفونة متناثرةعلى قارعة الطريق وأحيانا تكون قد سدت الطريق بأكمله, فتصبح بحكم تراكماتها مركزا مسوقا إليها القمامة من كل صوب وحدب (الحزام مقابل كل من مدرسة أبراهيم هنانو- فؤاد سليمان – موسى بن نصير – لحدومسعود – محمد زينال – وعلى طول الطريق المؤدي إلى رودكو………الخ )
وما المبادرات الفردية التي يرتزق بها أصحابها ممن يمتلكون آلية لرمي القمامة مقابل أجر يتقاضاه من الأهالي سوى أنها جهود غير مستدامة ولا طائل منها في مثل هذه الحالات المستعصية, إذ سرعان ما يتخلف عنها أو أنه يتخلص منها في أقرب نقطة يجدها و حتى لو كانت قريبة من الأحياء السكنية دون رادع أو وازع أو جامع لتلك القمامة في أماكنها المخصصة و خاصة أننا أصبحنا على أبواب فصل جديد يفترض فيه أن يكون ربيعا لا قنابل موقوتة تنذر بما لا يحمد عقباه .
2- أما سحابة الدخان المتصاعد ليلا من المدافئ التي تنفث سموما خانقة جراء إحراق المواد الأكثر ضررا بصحة الإنسان و البيئة ( إطارات – بلاستيك – نايلون ).
هذه المدافئ الفلاحية التي تفنن الناس بصنعها و التعديل عليها, فتحولت من مدفأة مازوت إلى مدفأة وقودها الناس و الحجارة مسببة الكثير من الحوادث المؤلمة, من ( الحروق بأنواعها – الإختناقات – الغثيان ……..الخ ) وذلك بعد إنعدام مادة المازوت ونفاذ الحطب و حتى الخزائن الخشبية و الطاولات و الأسرة في برد هذا الشتاء القارس الذي لا يرحم هو أيضا بدوره البشر و لا الحجر كالذي يقع بين السندان و المطرقة , إلا أن أهون الشرين هو أن يرضى مغبونا على أمره بالنار و الدخان الفاسد تيمنا من أن ّ النار هو فاكهة الشتاء حيث يلتف الأطفال الصغار حول المدفأة حالمين بغد أفضل فيه تكون الفاكهة حقيقية فقط , ولكن سرعان ما تغفو عيونهم البريئة
من سكرة الدفئ الدفين و احيانا من شدة الجوع المكين فيتساوى لديه كلتا الظلمتين و يستيقظ صباحا على سعال جاف و ضيق في التنفس مكافأة على ما حلم به كثيرا , وهكذا يتكرر المشهد التراجيدي في قصة شتاء تعددت فصوله وأصبح متخما بكم هائل من عذابات الناس واهاتهم في خضم اجواء مكفهرة اصلا , تزيد من بشاعة ما وصلنا إليه من تردي الأوضاع المزرية بصورة شاملة متمثلة بازمة (الوقود – الكهرباء – الخبز – الادوية – المياه – المواصلات – المواد الإستهلاكية – الدراسة – العمل .)
الأمر الذي فتح الباب بمصراعيه أمام حزمة جديدة من التداعيات الخطيرة هي في واقع الأمر إعادة إنتاج منظومة متكاملة من تفسخ القيم الأخلاقية و الفساد المحسن و سوء الإدارة الذاتية للمناطق الكردية من الان (الإرتزاق و الهجرة الجماعية – تفشي الأمراض و الأوبئة – تجارة المخدرات و الأسلحة – الجريمة المنظمة – السلب و النهب و السرقة – الخطف – الإحتكار).
و بين هذا وذاك لاتبدو في الأفق بوادر حلول سياسية لهذه الأزمة المتفاقمة تزامنا مع عدم ديناميكية الحل الكردي الذي لا يرقى إلى مستوى الحدث ضمن جغرافية المناطق الكردية التي أصبحت تعاني الأمرين , في إشارة واضحة إلى (الإصطفائية والإنقسام والتفرد والتهميش ) في الجسم الكردي الواحد إذ لا الطليعة القدوى ولا اللجان الشعبية و لا أصحاب الميمنة و لا الميسرة و لا ما شابه ذلك , استطاعت حتى الان أن تكون فاعلة على أرض الواقع كما ينبغي ان تكون و على الأقل في الشان الخدمي وعلى قاعدة الحد الأدنى و كأن الأمر يراد له أن يكون كذلك من السيئ إلى الأسوأ و (لغاية في نفس يعقوب) على حساب مصائر الناس و أرزاقهم في الوقت الذي ينبغي فيه أن يكون الصف الكردي في كامل جهوزيته , جسدا واحدا منيعا أمام الأمواج العاتية التي بدأت تواجهنا نتيجة التجاذبات السياسية المقيتة والصفقات المشبوهة و تصفية الحسابات الخاطئة, التي أدخلت المنطقة الكردية في دائرة العنف من جديد , مثله كمن أدخل الدب إلى كرمه عنوة لينهش في الجسم الكردي و يقطع شرايين الحياة عنه .
فإلى أين يأخذنا القدر الأصم بعد أن أخذنا البشر إلى ما صلنا إليه من ( لو لو ) أما (الليه ليه ) فاالعلم عند الله, كما قال الإمام الشافعي :
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولكن حكم القضاء هنا سيكون موجعا, بل و ضربة قاصمة تفقدنا التوازن لعقود من الزمن و تعيدنا إلى نقطة الصفر, و حينئذ سيتقاضى التاريخ ضعف ثمنه (شئنا أم أبينا) وأولا و أخيرا أنطلاقا من المصلحة الكردية العليا و ليس كردية المصلحة – كما يبدو –في هذه الفرصة التاريخية السانحة
فأين برهانكم يا أولي الألباب إن كنتم صادقين.
وهنا سنلقي ضوءاً على بعض جوانب الأزمة في مرآة المشهد الكوردي, وخاصةً في ظاهرتين وبائيَتين برزتا فيها مؤخرا.
فمن أكثر وأهم البؤر الوبائية التي ابتلينا بها في هذه الأزمة, والتي باتت تنذر بكارثة صحية في المناطق الكوردية, وخاصة (قامشلو) هي ظاهرتي القمامة المتراكمة وسحابة الدخان المتصاعد ليلا من المدافىء , إذ سجلت مستويات قياسية , خطيرة, في نسبة انتشار الأمراض السارية , والأوبئة , وانبعاث الغازات السامة, والإختناقات.
1- فأما ظاهرة القمامة المتراكمة , في الأماكن المأهولة بالسكان وما يترتب على ذلك من تفشي الروائح الكريهة التي غالبا ما تكون بيئة مناسبة لجذب الحشرات , والذباب, ومرتعا للكلاب الشاردة , التي باتت تصول وتجول نهارا جهارا في الشوارع والأزقة والبيوت المترامية الأطراف, فأينما توجهت وكيفما أردت فإنك ستجد أكياسا مكدسة من القمامة أمام كل منزل, وأكواما مليئة بالعفونة متناثرةعلى قارعة الطريق وأحيانا تكون قد سدت الطريق بأكمله, فتصبح بحكم تراكماتها مركزا مسوقا إليها القمامة من كل صوب وحدب (الحزام مقابل كل من مدرسة أبراهيم هنانو- فؤاد سليمان – موسى بن نصير – لحدومسعود – محمد زينال – وعلى طول الطريق المؤدي إلى رودكو………الخ )
وما المبادرات الفردية التي يرتزق بها أصحابها ممن يمتلكون آلية لرمي القمامة مقابل أجر يتقاضاه من الأهالي سوى أنها جهود غير مستدامة ولا طائل منها في مثل هذه الحالات المستعصية, إذ سرعان ما يتخلف عنها أو أنه يتخلص منها في أقرب نقطة يجدها و حتى لو كانت قريبة من الأحياء السكنية دون رادع أو وازع أو جامع لتلك القمامة في أماكنها المخصصة و خاصة أننا أصبحنا على أبواب فصل جديد يفترض فيه أن يكون ربيعا لا قنابل موقوتة تنذر بما لا يحمد عقباه .
2- أما سحابة الدخان المتصاعد ليلا من المدافئ التي تنفث سموما خانقة جراء إحراق المواد الأكثر ضررا بصحة الإنسان و البيئة ( إطارات – بلاستيك – نايلون ).
هذه المدافئ الفلاحية التي تفنن الناس بصنعها و التعديل عليها, فتحولت من مدفأة مازوت إلى مدفأة وقودها الناس و الحجارة مسببة الكثير من الحوادث المؤلمة, من ( الحروق بأنواعها – الإختناقات – الغثيان ……..الخ ) وذلك بعد إنعدام مادة المازوت ونفاذ الحطب و حتى الخزائن الخشبية و الطاولات و الأسرة في برد هذا الشتاء القارس الذي لا يرحم هو أيضا بدوره البشر و لا الحجر كالذي يقع بين السندان و المطرقة , إلا أن أهون الشرين هو أن يرضى مغبونا على أمره بالنار و الدخان الفاسد تيمنا من أن ّ النار هو فاكهة الشتاء حيث يلتف الأطفال الصغار حول المدفأة حالمين بغد أفضل فيه تكون الفاكهة حقيقية فقط , ولكن سرعان ما تغفو عيونهم البريئة
من سكرة الدفئ الدفين و احيانا من شدة الجوع المكين فيتساوى لديه كلتا الظلمتين و يستيقظ صباحا على سعال جاف و ضيق في التنفس مكافأة على ما حلم به كثيرا , وهكذا يتكرر المشهد التراجيدي في قصة شتاء تعددت فصوله وأصبح متخما بكم هائل من عذابات الناس واهاتهم في خضم اجواء مكفهرة اصلا , تزيد من بشاعة ما وصلنا إليه من تردي الأوضاع المزرية بصورة شاملة متمثلة بازمة (الوقود – الكهرباء – الخبز – الادوية – المياه – المواصلات – المواد الإستهلاكية – الدراسة – العمل .)
الأمر الذي فتح الباب بمصراعيه أمام حزمة جديدة من التداعيات الخطيرة هي في واقع الأمر إعادة إنتاج منظومة متكاملة من تفسخ القيم الأخلاقية و الفساد المحسن و سوء الإدارة الذاتية للمناطق الكردية من الان (الإرتزاق و الهجرة الجماعية – تفشي الأمراض و الأوبئة – تجارة المخدرات و الأسلحة – الجريمة المنظمة – السلب و النهب و السرقة – الخطف – الإحتكار).
و بين هذا وذاك لاتبدو في الأفق بوادر حلول سياسية لهذه الأزمة المتفاقمة تزامنا مع عدم ديناميكية الحل الكردي الذي لا يرقى إلى مستوى الحدث ضمن جغرافية المناطق الكردية التي أصبحت تعاني الأمرين , في إشارة واضحة إلى (الإصطفائية والإنقسام والتفرد والتهميش ) في الجسم الكردي الواحد إذ لا الطليعة القدوى ولا اللجان الشعبية و لا أصحاب الميمنة و لا الميسرة و لا ما شابه ذلك , استطاعت حتى الان أن تكون فاعلة على أرض الواقع كما ينبغي ان تكون و على الأقل في الشان الخدمي وعلى قاعدة الحد الأدنى و كأن الأمر يراد له أن يكون كذلك من السيئ إلى الأسوأ و (لغاية في نفس يعقوب) على حساب مصائر الناس و أرزاقهم في الوقت الذي ينبغي فيه أن يكون الصف الكردي في كامل جهوزيته , جسدا واحدا منيعا أمام الأمواج العاتية التي بدأت تواجهنا نتيجة التجاذبات السياسية المقيتة والصفقات المشبوهة و تصفية الحسابات الخاطئة, التي أدخلت المنطقة الكردية في دائرة العنف من جديد , مثله كمن أدخل الدب إلى كرمه عنوة لينهش في الجسم الكردي و يقطع شرايين الحياة عنه .
فإلى أين يأخذنا القدر الأصم بعد أن أخذنا البشر إلى ما صلنا إليه من ( لو لو ) أما (الليه ليه ) فاالعلم عند الله, كما قال الإمام الشافعي :
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولكن حكم القضاء هنا سيكون موجعا, بل و ضربة قاصمة تفقدنا التوازن لعقود من الزمن و تعيدنا إلى نقطة الصفر, و حينئذ سيتقاضى التاريخ ضعف ثمنه (شئنا أم أبينا) وأولا و أخيرا أنطلاقا من المصلحة الكردية العليا و ليس كردية المصلحة – كما يبدو –في هذه الفرصة التاريخية السانحة
فأين برهانكم يا أولي الألباب إن كنتم صادقين.