الثورة في مهب الديماغوجية

آلان حمو

كثرة التساؤلات عن اهمية  سرى كانية (رأس العين) في مجريات الثورة السورية عامةً والمناطق الكوردية خاصةً، بعد كل تلك التطورات الحاصلة في الثورة وتلك الفترة التي قضتها الثورة وهي تقدم التضحيات على مدى ما يقارب السنتين، تتوجه الانظار صوب المدينة الكوردية الصغيرة، التي لم يكن فيها من عناصر النظام ما يتجاوز عدد اصابع اليد، لتصبح ساحة قتال حامية الوطيس لا يعرف أحد الخاسر من الرابح، فقط مستمرة!! وليتعاظم في استمرارها الخبس السياسي (وخبزه) لينخر في بنيان أيديولوجية الثورة السورية ودعائمها، وتشمر عن ذراعيها من تسمي نفسها المعارضة السورية (الكوردية والعربية) وتبدء ديماغوجتيهم المتأصلة  في ثقافتهم الحزبية .
في بداية الثورة دأبت الأحزاب الكوردية على سحب الورقة الكوردية من الثورة السورية، وجر القوى الكوردية الفاعلة في الساحة السورية إلى وجهات أخرى، متعللين بالكثير من الحجج منها تاريخية ومنها متمنطقة بأفكار قومية، فسوغوا حجج واهية عن مكان انطلاق المظاهرات (رفضوا الانطلاق من أمام الجوامع، لا نردد شعارات لا تتعلق بالمناطق الكوردية….)، ومنهم من كان يصرح بأن الثورة الكوردية لم تحن بعد، فهذه ليست إلا انتفاضة سورية لا علاقة لنا بها، أو كما كانوا يقولون: أبعاد المنطقة الكوردية عن شبح الحرب الأهلية، طبعاً كلاً يتبع بذلك وجهته (قبلته) الخارجية دون أي اعتبار للشعب الكوردي الثائر في الداخل ضد النظام، لتزداد الهوة بين الفصائل الكوردية والقوى السياسية المعارضة الأخرى وهي التي تعتمد في بعض الاحيان على مواقف مسبقة عن الكورد لا تخلو من الشوفينية .
بعدما اصبحت السمة الرئيسية للمعارضة الكوردية الانسحاب من الكتل السياسية السورية المعارضة لخلق نوع من اثبات للوجود في الوسط الكوردي والسوري وحسب، دون ايجاد أي نوع من الألفة والتقارب بين الحالة القومية ضمن الاطار الوطني وكأن الكتلة الكوردية تقول: أنا اعارض إذاً أنا موجود، وبطبيعة الحال تفشت هذه الحالة بين الاطياف الكوردية نفسها، وليبدأ كل طيف بشد الحبل إلى طرفه حسب موقف حزبه واخراجه إلى الواجهة، حتى الوصول إلى مرحلة تسليح الثورة المجبرين فيها (كما يدعون) في سرى كانية، وليبدئوا بتطبيع الواقع المسلح بعد أن كان الواقع ثورياً وطنياً بامتياز، وكأنهم ليسوا اصحاب عبارة “ابعاد المنطقة الكوردية عن الحرب الاهلية” .
لم تتشوه الثورة في سورية إلى هذا الحد كالحاصل (وللأسف) بين الكورد، فهذا الضياع الحاصل للكوردي بين ثانوية الحالة الوطنية والتضخم الحاصل للحالة القومية تفقده الارضية المناسبة لطرح قضيته وتضعه في عزلة يكون خاسراً في النهاية، والسبب هي القوالب الجاهزة والمستوردة إلى الكورد السوريين، لتجر معها علاقات واصطفاف اقليمي ودولي لا يتوافق والهدف الكوردي السوري في الوحدة وتأمين حقوقه المشروعة ضمن اطار الوطني السوري .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…