شادي حاجي *
بداية لا يسعنا إلا أن نشكر الاستاذ رجاء الناصر على قراءته النقدية القيمة والتي هي دون أدنى شك مصدر غنى وثراء لنا ولكل المهتمين والمتابعين للشأن السوري عربآ وكردآ وأقليات أخرى ، لإيماننا بأن النقد القويم البعيد عن التجريح ظاهرة صحية في أي مجتمع ، وهو السبيل الى التغيير الى الأحسن .
لأن مثل هذه الأصوات العربية الجريئة التي تتناول هكذا قضايا حساسة ومهمة يجعلنا أن نرى أن هناك ضوء في نهاية النفق في بلدنا سورية ولكن يبدو أن النفق طويل بعكس الذين يرون أن هناك نوافذ مضيئة تم فتحها في بلدنا سوريا وهنا نتمنى أن نكون نحن المخطئين .
لأننا وجدنا في هذه القراءة النقدية خلط كبير وعدم فهم بما فيه الكفاية عن الكرد ( والتي هي نتيجة العلاقات العربية الكردية التي تأسست على الإرث العميق من سوء الفهم وإنعدام الثقة بين الطرفين التي قد تكون الحركة السياسة الكردية في سوريا تتحمل بعض المسؤولية في ذلك إلا أن المسؤولية الكبرى تتحملها الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في سوريا الا أن للنظام الحالي النصيب الأكبر في ذلك .
لذلك وقبل الخوض في الموضوع نعتقد بأنه من حقنا أن نسأل الاستاذ الناصر لماذا اختار حصرآ وثيقة الرؤية المشتركة التي طرحتها لجنة التنسيق الكردية ولم يختار الرؤية المشتركة التي طرحتها الهيئة العامة للتحالف والجبهة الكرديين رغم انها الطرف الكردي في اعلان دمشق؟
– ونقول : بدأ الاستاذ الناصر بمقدمة (1) ووضع سبعة مبادئ بالاعتماد على الرؤية المشتركة .
لابأس بالنسبة لنا سوف نعتمد هذه المبادئ التي وضعها وسوف نعتبرها صحيحة ولن نخوض في مناقشتها .
– وننتقل الى مقدمة (2) مع الرجاء من السادة القراء الأعزاء والاستاذ رجاء بأننا سوف لن نورد المقاطع من القراءة النقدية التي نحن بصددها وسنرد مباشرة تفادياً للإطالة
نقول : إن الاحترام المتبادل لكل ثقافة وهوية ، شرط ضروري لنجاح الحياة والحوار بين جميع الثقافات والعلاقات بين الشعوب ، أقلية كانت أو أكثرية في المجتمع العالمي الذي يتميز بالتنوع الاثني والثقافي .
وهذا يؤدي الى أن أي نظام سياسي يضطهد شعباً أو أقلية ويحاول أن يصهرها وينتهك حقوق الانسان لا يمكن أن يشكل نواةً لاستقرار سياسي واقتصادي على المستوى الداخلي أو الدولي ، وأن يكون جديرآ بقيادة حوار حضاري وثقافي ، ايجابي بين ثقافة شعبه والثقافات الأخرى الموجودة في عالمنا .
– فمن يمتلك مثل هذا الشرط بالإضافة الى الثقافة والتربية الديمقراطيتين ويؤمن بمبادئ حقوق الإنسان .
– ويعرف أن بلدنا سوريا التي أرتسمت حدودها الدولية وفق اتفاقيات سرية بين الدول المستعمرة وفق مصالحها دون أخذ ارادة الشعوب بعين الاعتبار.
وقد تم تقسيم كردستان بموجب اتفاقية سايكس بيكو 1916 أرضآ وشعبآ بين أربعة دول (إيران في تاريخ سابق ) والعراق وتركيا والجزء الملحق بالدولة السورية المعروفة بحدودها الحالية والتي حينها كانت تحت الانتداب الفرنسي ،ومنذ ذلك الحين ارتبط مصير الشعب الكردي في سوريا الذي يعيش على أرضه التاريخية بمصير باقي أبناء الشعب السوري وهو يشكل الآن أحد المكونات الأساسية للمجتمع السوري .
فلذلك يتبين وبشكل واضح بأن الكرد الذين يعيشون في سوريا والعراق وتركيا وايران يعتبرون من المجموعات البشرية التي تشكل أقلية من جهة فهم يشكلون أقلية في كل دولة على حدة وذلك من حيث العدد قياسآ الى باقي غالبية السكان .
وبالتالي فهم يستفيدون من كافة حقوق الأقليات المنصوص عليها في العهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة وللحقوق المدنية والسياسية من جهة أخرى الذي صدر في 19 ديسمبر 1966 وذلك من خلال المادة 27 من العقد الدولي الملزم على المستوى الدولي وفق قواعد القانون الدولي لحماية حقوق الأقليات .
ويتوفر لدى الكرد في سوريا الخصائص التي بها تتميز الشعوب عن الأقليات ،لذلك يعتبر شعباً من جهة أخرى ، بناء على تعريف مصطلح الشعب الذي تم التوصل اليه في التقرير الختامي لدى لقاء الخبراء في باريس من 27 – 30 نوفمبر 1989 وتوصياتهم التي حددت الخصائص التي يجب أن تمتلكها أي مجموعة بشرية ما ويعترف بها كشعب ، وبالرجوع الى تلك الخصائص تبين أنها تنطبق بحذافيرها على الكرد في كل من سوريا والعراق وايران وتركيا وبالإضافة الى ذلك أيضآ ووفق الملف الختامي لاعلان هلسنكي لعام 1975 والذي تم ا صداره ضمن اطار مؤتمر العمل المشترك والأمن في أوربة الذي قام بتفسير مضمون حق تقرير المصير وبالتالي فهم أي الكرد في سوريا يعتبرون شعبآ وليسوا اقلية و يستفيدون من كافة حقوق الشعوب بما فيه الحق في تقرير المصير كيفما وفي أي وقت يشاء ووفق درجات الحكم الذي يرغبون والممكن تحقيقها وحسب الظروف بدءآ من الحكم الذاتي والى الاستقلال وتأسيس دولة .
وذلك وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تقر بحق الشعوب في تقرير مصيرها كمبدأ عام في المواد 1 – فقرة 2 ، والمادة 25 ، والمادة 73 – فقرة ب ،والمادة 76 – فقرة ب .
وكما يمكن للشعب الكردي في سوريا الإستفادة أيضآ في الحالتين من المادة 2 من اللائحة العالمية لحقوق الإنسان الصادرة في 10 ديسمبر 1948 التي تتضمن منع التمييز كمبدأ عام والإعلان عن العلاقات على أساس الصداقة لعام 1970 .
وبالرغم من ذلك فان الشعب الكردي يعتبر من أكبر الشعوب التي لا زالت الى الأن محروماً من كافة حقوقه القومية وتم أحيانآ إنكار وجوده وطمس ثقافته ( باستثناء اقليم كردستان العراق) .
– كل هذا يستدعي أن يكون الجانب العربي في سورية على قناعة تامة وكما هوالتاريخ والجغرافيا والواقع والديمغرافيا وكافة القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الشأن والتي ذكرنا بعض منها الاعتراف بوجود الشعب الكردي كشعب أصيل في البلاد والإقرار بأن القومية الكردية يشكل القومية الثانية في البلاد ( أي ضمن حدود ووحدة الدولة السورية) والاعتراف بالحقوق القومية المشروعة التي تترتب على ذلك السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية .
– و لمعرفة مفهوم وحدة المواطنة الذي أثارها الاستاذ الناصر لابد أن نعرف ماذا تعني مفهوم وحدة المواطنة من مجمل النواحي والتي هي : 1 – المشاركة السياسية : كأفراد ومجموعة ( حرية الانتخاب والتصويت والترشيح – حرية التعبير والرأي – حرية تأسيس أحزاب …..الخ ) .
3 – المشاركة الاقتصادية (توزيع الثروة وموارد الدولة بشكل عادل ومنصف مع الأخذ بعين الاعتبار حرمان المناطق الكردية منذ أكثر من نصف قرن من الزمن بشكل متعمد ومنهجي ) .
4 – المشاركة الثقافية ( التي تحتوي على كل الأجزاء التالية : – مواد ثقافية متحركة – مواد ثقافية غير متحركة – أشكال التعبير الفنية أومايسمى بالثقافات العالية – الموروث الثقافي غير المادي ) .
وليس كما يتصور الاستاذ الناصر وكأن المواطنة هو حمل الجنسية فقط وباعادة الجنسية الى أبناء شعبنا الكردي الذين تم تجريدهم من الجنسية نتيجة عملية الاحصاء الذي جرى في محافظة الحسكة عام 1962 تنتهي القضية الكردية في سوريا – .
أما بالنسبة لمفهوم الدولة الوطنية كما يطرحها الاستاذ الناصرعلى اساس (كلنا مواطنون وكلنا اخوة) فإننا نرى بأنه لايختلف كثيرآ عن مفهوم الدولة الوطنية لدى دولة البعث والفكر البعثي في سورية الذي يقوم على صهر جميع الأقليات والقوميات الأخرى الغير عربية في بوتقة القومية العربية والتي أثبتت الوقائع التاريخية وأهمها انهيار الاتحاد السوفييتي والاتحاد اليوغسلافي وحتى حكم البعث في كل من العراق وسوريا يدل على أن مفهوم الدولة الوطنية والاستقرار القائم على أساس الاضطهاد وكبح حق تقرير المصير ليس إلا استقرارآ مزيفآ .
إلا إذا كان هناك مفهوم أخر لمفهومي الدولة الوطنية ووحدة المواطنة من منظور الاستاذ الناصر والله أعلم .
لذلك نؤكد بأنه ليس هناك أي تعارض يذكر بين الصيغة التي طرحتها وثيقة الرؤية المشتركة للجنة التنسيق مع مفهوم الدولة الوطنية الحقيقية ومع مفهوم وحدة المواطنة كما نفهمها وبالتالي لن يكون هناك ولاء مزدوج للدولة وللمكون لأن الجميع في النهاية شركاء في الوطن والوطن للجميع وركاب سفينة واحدة وهناك أمثلة حية كثيرة ناجحة تثبت ذلك في العالم .
وأن حل مشاكل معظم الشعوب والأقليات تتم ضمن النطاق الاقليمي للدول التي يعيشون فيها وذلك بتقريرهم لمصيرهم من دون المساس بالحدود الإقليمية لهذه الدولة وتغييرها .
والذي يتم بتطبيق الفدرالية أو وفق إحدى درجات نظام الحكم الذاتي الاقليمي لعدم وجود نموذج محدد لتطبيق مفهوم الحكم الذاتي ضمن نصوص وقواعد القانون الدولي يعتبر معيارآ مشتركآ نظرآ لصعوبة ايجاد حل موحد لهذه المشكلة المعقدة التي لها خصوصياتها المختلفة من دولة الى أخرى بحسب التوصية التي صدرت عن مجلس العموم للأمم المتحدة في 10 /ديسمبر 1948 بعنوان ( مصير الأقليات ) لذلك يتم تطبيق الحكم الذاتي عادة عن طريق ابرام اتفاق على شكل عقد بين فريقين هما ( الحكومة المركزية ، أو الأغلبية العربية المعارضة كما هي الحالة السورية ) من جهة وممثلي الشعوب والأقليات من جهة أخرى ويكون الاتفاق من خلال ما يتوصل إليه الفريقان من توزيع الاختصاصات والمهمات أي الحقوق والواجبات لكل طرفي العقد بالتراضي والتوافق لأن هناك أشكال متعددة ومختلفة من العقود عند تطبيق الحكم الذاتي من دولة الى أخرى وهذا التعدد في الحكم الذاتي يدل على وجود درجات للحكم الذاتي تبدأ من اللامركزية الادارية أو الادارة الذاتية مثال< كورسيكا> الى الاستقلال في المسائل الادارية مع الصلاحيات في مجال اصدار القوانين مثال < جنوب تيرول> الى الاستقلال العملي عن النظام القانوني للدولة الأم مثال < جزر الألاند > الى الفدرالية ونظام الدولة الاتحادية وما الى ذلك ) .
– لذلك نقول : أن نوعية العقد يحددها طرفا المعادلة عن طريق لجنة مختصة مشكلة من الطرفين وعلى ضوء مايتفق عليه يتوقف الكثير من الامور من حيث الحقوق والواجبات والاختصاصات والتي تنبثق عن الحوارات والنقاشات والتوافقات والتفاهمات التي ستكون حتمآ ماراتونية بين الأطراف المتنازعة ولهذه الأسباب يبقى دورالشعوب والأقليات في تقريرالسياسة الخارجية ومسائل الدفاع والعملة مرتبطة بتلك التفاهمات وبتحويل الدولة الى دولة القانون أي تكون السيادة للقانون .
وطبعآ يتم وكماهو معروف ضمان هذا النوع من العقود بطرق مختلفة .
اما عن طريق القواعد والضمانات الدولية أو بالاعتماد على ضمانات داخلية تصاغ في دستور وقوانين الدولة .
وبواسطة مثل هذه الأنواع من العقود يمكن للشعوب أو الأقليات أن تضمن حماية وجودها وهويتها من جهة وأن تحافظ على ثقافتها ولغتها من جهة أخرى .
وفي ظل مثل هذه الحلول أيضآ فان باستطاعتنا وباستطاعة الجانب الكردي أن يطمئن الاستاذ الناصر ويطمئن بنفس الوقت الأخوة في الجانب العربي والأقليات الأخرى في سورية بأنه ستبقى السلامة الوطنية للدولة محمية وتفرض نفسها في الواقع العملي وخاصة إذا علمنا أنه في العالم حوالي 3500 أقلية .
وهذا يؤكد بأنه لامبرر أبدآ للمخاوف التي أثارها الاستاذ الناصر من أن الشعوب والأقليات سيكون لها حق الاعتراض على جميع القضايا ولايمكن إصدار أي قرار لاتوافق عليه أي أقلية علمآ أننا لسنا مع أن يتمتع أحد بحق الفيتو لإعاقة التقدم أوتعطيل أي قرار أو أية قضية من قضايا الدولة التي تهدف الى تحقيق المصلحة الوطنية العليا للدولة لأن الضامن هو القانون والقضاء المستقل والدستور .
ولكن لايوجد اي شك وأعتقد بأن الاستاذ الناصر متفق معنا على أن لا يتناول هذه القرارات والقضايا التي يراد تنفيذها لإدارة شؤون الدولة أن تتعارض مع ما اتفق عليه بين طرفي المعادلة أو العقد والتي تنظم عادة بصيغ حقوقية ودستورية أي أن لا تتعارض مع اختصاصات مناطق الشعوب والأقليات وحقوقها .
– أما بالنسبة لماذا لم يطرح المشروع الكردي كيفية التعامل مع النسبة الكبيرة من السكان من أصول غير كردية (كما يزعم الاستاذ الناصر) بينما طرح تثبيت حقوق الكرد .
– نقول : أن طرح السؤال وبهذا الشكل يبدوأنه غير شفاف والهدف منه محاولة للوصول الى تحقيق غاية ما في موقع أو مكان ما .
علمآ بأن الاستاذ الناصر يعرف حق المعرفة بأن تحديد كيفية التعامل بين الأقليات والشعوب نفسها تتم بين ممثلي الأطراف من جهة وبينها وبين الدولة أو المركز أو(المعارضة العربية والذين هم الأغلبية) من جهة ثانية .
تحل من خلال الاعتراف بأن سورية دولة تعددية وبالتالي بأن هناك شعوب وأقليات أصلية غير عربية موجودة فيها- أولآ .
وتتم من خلال حوارات ومناقشات وتفاهمات وتوافقات بين كل الأطراف في حال إذا طالبت وأرادت ذلك تلك الأطراف – ثانيآ .
ومن خلال دستور حضاري وعصري ديمقراطي تعددي – ثالثآ .
وأن تكون الحلول على مستوى الوطن سورية كرزمة (إن صح التعبير) واحدة في النهاية وفق الأليات الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والقواعد القانونية والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الشأن – رابعآ .
– أما بالنسبة لمجموعة القضايا الخمسة التي طرحت من قبل الاستاذ الناصر والرد عليها نقول :
القضية الأولى : نقول بما أن المجتمع السوري يتكون من أكثر من أقلية وأكثر من شعب ، حيث يوفر النظام الديمقراطي التعددي الحق لجميع مكونات المجتمع السوري ويكون الضامن لحقوقها والحفاظ على خصوصياتها القومية وبالتوافق دون المساس بالسلامة الوطنية والوحدة السياسية للدولة .
وكما سبق وأوضحناه أعلاه بان هناك أشكال مختلفة ومتعددة لتطبيق مفهوم مبدأ حق تقرير المصير وتعددية الأشكال هذه تدل على وجود درجات للحكم في حالة تطبيق هذا المبدأ .
وتلك الأشكال جميعها كفيلة بحماية حقوق الأقليات والشعوب التي تعيش فيها دستوريآ وخير أمثلة على ذلك كندا وبلجيكا وسويسرة وهناك العديد من الدول المشابهة في العالم علمآ أن تلك الأشكال من الدول تشكل دولة واحدة على المستوى الدولي وفي نظر القانون الدولي ويتم تمثيل هذه الدولة كدولة واحدة .
واستنادآ الى ذلك والى الكثير من الأسباب والحقائق المعاصرة ونتيجة التغييرات الهائلة التي حصلت في العالم نعتقد بان من حق الشعب الكردي في سوريا وللشعب السوري بشكل عام ان يعمل ويطمح الى أن تكون سوريا دولة ديمقراطية تعددية تحمي حقوق الأقليات والشعوب وتحفظ وتحترم خصوصية كل مكونات المجتمع السوري على أساس مفهوم وحدة المواطنة أي أن تكون الجنسية السورية هي جنسية وطنية .
– أما الاصرار على أن سورية دولة عربية يجب أن يقوم النظام السياسي والاجتماعي فيها على أساس المواطنة أي أن جنسيتها العربية السورية هي جنسية وطنية كما طرحها الاستاذ الناصر والذي يذكرنا بالنظرة الأتاتوركية التي تتميز بتبجيل وتعظيم الذات وإنكار الأخر ويقوم على منطق ( تركياً + كرديآاً= تركيين ) وهنا فمن حقنا أن نتسائل هل ما طرحه الاستاذ الناصر يستند على المنطق ذاته ولكن وفق النظرة البعثية أي ( عربياً + كردياً = عربيين ) أم ماذا إذا كان هذا المنطق هو المقصود فهو منطق مرفوض وغير مقبول ومردود عليه ، مفضلين منطق الكوردايتي والذي يقوم على (عربياً + كردياً = سوريين ) المنطق والقاعدة التي توحد الوطن والمواطن وترسخ الوحدة الوطنية وتستمر على أساسها التعايش السلمي وتحمي وتحفظ وتحترم خصوصيات كافة مكونات المجتمع وتستتب الأمن والإستقرار في ربوع سوريا الحبيبة .
– وللإجابة على السؤال الذي طرحه الاستاذ الناصر : ماهو المعيار لتحديد طبيعة الدولة ؟ نقول هذا ما يحدده طبيعة التوافقات والتفاهمات والاتفاقات التي ستتوصل إليه جميع الأطراف في المستقبل القريب إنشاء الله ويحددها الدستور .
– أما قول الاستاذ الناصر ( أن في العرف الدولي للاعتراف بالدولة المتعددة القوميات وفق كثير من فقهاء ثنائية القومية يجب أن لاتقل نسبة كل أقلية من 20 % من مجموع السكان ..وأما الدولة القومية فهي التي يكون فيها المكون الرئيسي يتجاوز 75 % من السكان ، في هذا المعيار فإن سورية دولة عربية وبالتالي لا يمكن تسويغ إقامة دولة متعددة القوميات) ….الخ ….(.وبأنه لايريد أن يتوقف عند النسبة الفعلية للسكان الكرد في سوريا وهل هي 15 % فعلآ وما هي الإحصاءات المعتمدة في هذا التقرير وخصوصآ أن هناك تقديرات أخرى لاتضع النسبة بأكثر من 8% من مجمل السكان .) .
للإجابة على ما طرحه الاستاذ الناصر أعلاه .
– نقول : بالرجوع الى القواعد القانونية والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الشأن لم نجد أية مادة أو فقرة تشير الى تحديد مثل هذه النسبة أبدآ وبالتا لي إن ما جاء به الاستاذ الناصر غير صحيح أبدآ ولا يبنى ويعتمد عليها وإثباتآ على ذلك نحيل الاستاذ الناصر والسادة القراء الأعزاء الى تعريف الأقلية الذي قدمه خبير الأمم المتحدة للجنة منع التمييز وحماية الأقليات الإيطالي فرانشيسكو كابوتورتي عام 1977 وهي ( مجموعة أقل عدديآ من باقي سكان دولة ما …….الخ ) دون أن يحدد الحد الأدنى للعدد ولا النسبة المئوية من مجموع السكان وقال بأن عنصر العدد غيرمهم بالنسبة لتعريف الأقلية و يذكر أن حكومة السويد أقرت أن كل مجموعة من 100 شخص تكون أقلية .
– وبخصوص عدد الكرد في سوريا فلا توجد إحصائيات رسمية حول عددهم ونسبتهم المئوية بالنسبة لمجموع السكان في سوريا ، بالنظر الى أن السلطة في سوريا تعتبر جميع المقيمين على الأرض السورية عربآ وهنا نحن نتفق مع الاستاذ الناصر أن التقديرات التي تشير الى أن الكرد السورين يشكلون حوالي 15 % كما يراه الكرد أو 8% كما يراه الاستاذ الناصر من سكان سوريا هذا لا يؤثر على أن الشعوب والأقليات لايحق لهم التمتع بالحقوق القومية لأنه وكما أوضحنا أعلاه بأن عنصر العدد غير مهم ومن الممكن أن نعرف العدد والنسبة إذا ما توافرت الظروف الجيوسياسية لذلك فأين المشكلة .
ولكن السؤال لماذا أخذ الاستاذ الناصر بنسبة 8% في متابعته للموضوع ولم يأخذ بنسبة 15% وفق تقديرات الكرد ؟ مع العلم أن كلا الرقمين مجرد تقديرات ، هل هي أزمة ثقة أم ماذا ؟ .
–
القضية الثانية : نقول وكما سبق ووأضحناه أعلاه بأن كل الإشكاليات التي أثارها الاستاذ الناصر من أنه سيبقى سيف حق الفيتو مسلطآ من قبل الأقليات وبأنه سيبقى اتخاذ القرارات معطلة دون موافقة كل أقلية لإدارة شؤون الدولة وما شابه ذلك من أمور أخرى غير دقيق وتفتقر الى العقلانية وفيها الكثير من السطحية والاستخفاف بعقول الغير وسنكتفي بهذا القدرولن نقول أكثر من ذلك .
لأن مثل هذه الأمور يتم الإتفاق عليها عادة بكل تفاصيلها وخاصة النقاط التي من المحتمل أن تكون مثار خلافات مستقبلية كما تتم توزيع الاختصاصات والحقوق والواجبات ضمن قواعد قانونية وحقوقية ودستورية واضحة من قبل لجان مختصة يتمتعون بالخبرات اللازمة في مثل هذه المجالات بحيث لاتترك المجال للفوضى علمآ أن هناك تجارب دولية عديدة وناجحة في العالم ولاحاجة لذكرها والاستاذ الناصر يعرف ذلك جيدآ وهذه هي المصيبة .
القضية الثالثة : – نقول كما هو معروف ووفق المبادئ القانونية لمنظمة الأمم المتحدة التي أتينا على ذكرها أعلاه بأن جميع الشعوب تمتلك حق تقرير المصير وبموجبه يقررون بحرية وضعهم وطريقة تطور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ونحن نتفق مع الاستاذ الناصر بأن هناك مخاوف من قبل الدول المتعددة القوميات من مبدأ حق تقرير المصير لأنه يتم ربط هذا الحق دائمآ بشعب ما وبحق الاستقلال والانفصال عن الدولة ، مما يهدد الأمن والسلم الدوليين .
ونتفق مع الاستاذ الناصر أيضآ بأن حق تقرير المصير هو وحدة متكاملة وفق قواعد القانون الدولي .
فلذلك ونتيجة لهذه المخاوف وحرصآ على مبدأ السلامة الوطنية والوحدة السياسية للدولة وعلى الاستقرار الدولي وخاصة في هذه المرحلة اتجهت الدول المتعددة القوميات وكذلك الأقليات والشعوب الى البحث عن ايجاد حل مشاكل الأقليات والشعوب ضمن النطاق الاقليمي للدول التي يعيشون فيها والعمل على تقريرهم لمصيرهم ضمن الدولة دون المساس بالحدود الاقليمية لهذه الدولة أو تغييرها .
وعلى هذا الأساس تعمل وتناضل الحركة السياسية الكردية في سوريا بجميع أحزابها ومنذ نصف قرن من الزمن عند تأسيس أول حزب كردي في سوريا عام 1957 وتطالب بتأمين حقوق الكرد القومية المتمثلة في الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية ضمن اطار الوطن السوري ( اطار وحدة البلاد ) وعدم التمييز على أساس الدين والجنس والعرق .
وترى أن حل القضية الكردية في سوريا يتم في دمشق وليس في مكان أخر وأنها تنطلق من الأرضية السورية وتربط نضالها القومي بالنضال الوطني السوري العام على اختلاف انتماءاتهم وتحدد اسلوب عملها بالنشاط السياسي الجماهيري الديمقراطي السلمي وتدين بشدة كل أشكال العنف والإرهاب والإنتقام والحروب الأهلية .
وللعلم فقط : ان كل المخاوف التي ذكرت من قبل الاستاذ الناصر والتي لم تذكر لايمكن أن يكون تبريرآ قانونيآ لإنكارمبدأ حق تقرير المصير وخاصة في حالة الاضطهاد غير المحتمل .
القضية الرابعة : إن مسألة المطلب الكردي و تمكين الكرد من إدارة أنفسهم وشؤونهم التشريعية والإدارية والقضائية .
نقول : هذا المطلب أو المطاليب الأخرى تتعلق بالدرجة الأولى بالأحزاب الكردية التي طرحتها وبالحركة السياسية الكردية في سوريا بشكل عام فهي من صميم عمل الحركة السياسة الكردية وفي مجال مسؤوليتها تجاه الشعب الكردي أما من الناحية القانونية الدولية ذات الشأن والذي نوهنا الى بعض منها أعلاه وأتينا بالأمثلة على ذلك فهذه الحقوق تدخل من ضمن حقوق الأقليات والشعوب .
أما الكلام بأنه لايحافظ على وحدة البلاد بل يجعلها ( دولة كونفدرالية ) هذا كلام غير دقيق وغير قانوني وغير مبرر وهو هروب من الاستحقاقات القانونية الدولية ذات العلاقة ويمكن أن يتحقق ذلك وفق درجات الحكم الذاتي الأقل من الكونفدرالية بدءآ من الإدارة الذاتية واللامركزية الإدارية ( ولكي نكون دقيقين فنقول أن الحقوق التي نحن بصددها تتوفر بشكل واضح في نظام الإدارة الذاتية واللامركزية الإدارية وهي إعطاء الحق للأقليات والشعوب الاستقلال في المسائل الادارية مع الصلاحيات في مجال اصدار القوانين مثال < جنوب تيرول > .
) والى الفدرالية .
أما قفز الاستاذ الناصر فورآ الى الكونفدرالية نعتقد أن الهدف منه هو إثارة المخاوف ليس إلا .
علمآ أن مفهوم ( دولة كونفدرالية ) هو اتحاد بين دول وهو بعيد جدآ عن ما تطرحه الحركة السياسية الكردية في سوريا .
– أما أن القول بأن جمع المناطق الثلاث ( عفرين ، كوباني ، الجزيرة ) أي المنطقة الكردية ( إقليم يمتد بسلطانه خارج حدوده ليشمل جميع الكرد الموزعن في المناطق السورية ) .
– نقول إن المناطق الثلاث المذكورة أعلاه أي المنطقة الكردية في سوريا هو إمتداد للمنطقة الكردية من كردستان تركيا في الجانب الأخر من الحدود التركية السورية وهذه حقيقة واضحة كما سبق وذكرنا أعلاه ولذلك يرى الشعب الكردي في سورية المناطق الكردية الثلاث منطقة إدارية واحدة ضمن اطار وحدة البلاد من حيث الأصل التاريخي والجغرافي والديمغرافي وأن كون المنطقتين الكرديتين ( الجزيرة ، كوباني ) غير متصلتين بالمنطقة الكردية الثالثة ( عفرين ) لايعني أن الشعب الكردي في سوريا مبعثر وموزع وينتشر في جميع أنحاء الدولة وبالتالي فإن الشعب الكردي لايحق له التمتع بالحكم الذاتي الاقليمي والذي يهدف إليه الاستاذ الناصر ولكن هذا غير صحيح وغير دقيق أيضآ وعليه أن يراجع نفسه ويراجع معلوماته ليحدد الفرق بين الحكم الذاتي الاقليمي والحكم الذاتي الشخصي الذي يقصده الاستاذ الناصر.
فالحكم الذاتي الاقليمي يعتمد على منطقة تكون فيها الأقلية أو الشعب هي الأكثرية وحتى إذا كانوا يتوزعون على منطقتين أو ثلاث في تلك الدولة فلا يطبق بحقهم الحكم الذاتي الشخصي إنما يتمتعون بحق الحكم الذاتي الاقليمي حتى إذا لم تكن منطقة ادارية واحدة .
وحيث أن جميع الأحزاب الكردية ترى أن حل القضية الكردية في سوريا ضمن الوطن السوري فهذا يؤكد أن المنطقة الكردية لايمتد سلطانه خارج الحدود ولايجب أن يمتد سلطانه خارج الحدود ليشمل جميع الكرد في المناطق الكردية الثلاث ويتمتعوا بالحكم الذاتي الاقليمي .
القضية الخامسة : نقول التعامل مع العرب والأقليات الأخرى الأصلية الغير كردية الذين يشكلون أقلية في المنطقة الكردية ( الجزيرة ، عفرين ، كوباني ) يجب أن يكون وفق الأليات الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان وحقوق الأقليات ووفق الأليات التي ستحل من خلالها القضية الكردية في سوريا عمومآ .
ولكن وكما نعتقد في هذه الحالة ستثار مشكلة مشروع الحزام العربي السيئة الصيت الذي بدأ بتنفيذه في عام 1974 وإستقدام الألاف من الأخوة العرب وتوطينهم في المنطقة الكردية بقصد التغيير الديمغرافي والذي يجب أن تحل وفق قواعد العدالة وعن طريق القضاء المستقل والنزيه في ظل القوانين العادلة .
من حيث إسترجاع الأراضي و إعادتها لأصحابها الحقيقيين وتعويض جميع المتضررين .
أما مسألة أن واضعي المشروع الكردي لم يؤشروا الى ذكر الأغلبية العربية أو القومية العربية على الإطلاق فيما عدا بعض الجوانب السلبية ( الشوفينية العربية ، الحزام العربي ، التعريب ) .
– نقول إن مثل هذا الكلام يجعلنا والغير أن نستغرب هذا النقد لأن كل الحقائق والوقائع الموجودة على الأرض السورية هي+ وفق المنهاج البعثي ودستور الدولة وكافة مؤسسات الدولة بما فيها الأجهزة الإعلامية والمناهج التعليمية والأجهزة التي تحكم في البلاد وتتحكم بجميع مفاصل الدولة من خلال حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يقود الدولة والمجتمع وحتى المحاكم تحكم باسم الشعب العربي في سوريا وكل السكان المقيمين في سوريا يعتبرون عربآ .
ألا يكفي كل ذلك لإثبات حقيقة أن العرب أو القومية العربية هم الأغلبية في سوريا ألا يعتبر هذا من البديهيات في سوريا ولا يحتاج الى شهادة أحد ولا الى أية اثباتات تذكر إلا إذا كان هناك شك ما لدى الاستاذ الناصر والله أعلم .
–
* حقوقي كردي