الموت مصيبة.. في الأحوال العادية.. فكيف به إن زارك هذه الأيام؟

  إبراهيم الحسين

بالأمس كنا في عامودة..كانت السماء ذات لون طيني..
يلزمك الكثير من الصبر لتتخطى في هذه البلدة الوادعة طقوس دفن الميت..
كان البرد على أشده..والناس تبحث عن شيء يحد من الهواء الغارق في ثلجيته..
أمطرت السماء وحلاً ..فاتصل الرتق بين السماء والأرض..
وهرول الجمع بعد أنتهاء الدفن..
في الخيمة التي يكتنفها الظلام تشعر بثقل الأزمة..
الناس متكومة..تنتظر اللاشيء..
الكهرباء لا تزور عامودة إلا نادراً..
الوقود صارخ في سعره المتصاعد ومع هذا أنت مضطر لأن تؤمن ما يضيء الخيمة عبر محرك كان صوته ضائعاً فالمطر يعزف لحنه الذي كنا ننتشي به في أيام خلت.
الحديث واحد..الأقراء الوافدون من كل بلدات المحافظة ينقلون لك ذات الصورة التي تعاينها كل لحظة..ما يخفف الأسى ان الجزيرة كلها تتحد ربما للمرة الأولى..يوحدها الجوع الكافر..
الحديث عن الخبز والمازوت والكهرباء ومأساة الناس كان يقطعه بين الحين والآخر دعوات الترحم على الميت وقراءة سورة الفاتحة..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…