كردستان على بعد خطوة

توفيق عبد المجيد

هل مازلت مقولة ( التاريخ يكتبه الأقوياء ) صحيحة في عصرنا هذا ؟ أم نسقت وتراجعت إلى الخلف لتؤرشف في مكتبة التاريخ ومتحفه وتفسح المجال لمقولات ونظريات أخرى حلت محلها وفرضت نفسها وبقوة على مسيرة التاريخ ؟
وهل من حقي أن أعدّل – ولو قليلاً – تلك النظرية لتوائم العصر ومستجداته على ضوء تجارب كثيرة ومعطيات جمة تحكمت في مسيرة التاريخ وهو يتابع تدوين الأحداث وهي تفرض نفسها على يومياته لتدّون هي الأخرى على صفحاته ؟
ليسمح لي صاحب النظرية – وأظنه القائد الفرنسي نابليون – أن أتصرف بمقولته فأقول : التاريخ تكتبه المصالح .
في هذا السياق نشر الكاتب الفرنسي المخضرم ديفد هيرست مقالة بين فيها أن ظهور دولة كردستان للعلن بات قاب قوسين أو أدنى ، ولم يستبعد أن يكون الشعب الكردي هو الرابح الأكبر من الظروف الحالية والمتغيرات التي تعصف بالمنطقة وثورات الربيع العربي ، وهذا ما قاله بالحرف في مقاله المعنون بـ ” “ربيع العرب وخريفهم أزمة” إبتدأ مقاله بسؤال حول الدولة الكوردية ويقول ” هل يصبح الكورد الرابح الأكبر من الربيع العربي، فيوظفون الظروف الراهنة في المنطقة -التي يصب معظمها في مصلحتهم- ويعلنون دولتهم المستقلة؟.

وإستذكر الكاتب الخسارة الكبيرة التي لحقت بالكورد على خلفية إتفاقية سايكس بيكو قبل نحو 90 عاماً, وشدد على ان الكورد ونتيجة الظروف والتقلبات السياسية والإقليمية والدولية هم الخاسرون كانوا دوماً ونتيجة الحرب العالمية الاولى وانهيار الامبراطورية العثمانية.

فوفقا لمعاهدة سايكس – بيكو لعام 1916 وعدت بريطانيا وفرنسا، الكورد بدولة خاصة بهم، ولكنهما نكثتا بذلك العهد، وانتهى الامر بالكورد ان اصبحوا اقليات تتعرض للقمع على نحو او آخر في اربع دول هي ايران والعراق وتركيا وسوريا، التي تقاسمت «وطنهم القومي» الاوسع .

وأقول للكاتب المخضرم :

من المتوقع والمفروض أن يصحح التاريخ مساره ، وأن يعيد أولئك الذين كانوا يتحكمون في كتابته النظر في مخططاتهم  في ذلك الوقت وهم يقسمون ويجمعون ويطرحون بلدان الآخرين وأوطانهم في عصر الاستعمار القديم ، من منطق القوة والهيمنة ، ومن منطلق استعماري بحت أملته مصلحتهم في ذلك الوقت متكئين على نظريات : ” التاريخ يكتبه الأقوياء ” .

يضاف إلى ذلك العامل الكردي  الذاتي الذي لم يبلغ بعد مستوى الطموح وتطلعات الشعب  الكردي بعد الظرف الدولي المناسب ، والدعم اللا محدود الذي يبدي استعداده لتقديمه القائد الكردي السيد الرئيس مسعود بارزاني لأبناء الشعب الكردي في سوريا سيعزز الموقف الكردي ويحقق الأهداف الكردية المشروعة

ومن المفروض أن لا تهزم الدبلوماسية الكردية من جديد  في هذا الظرف التاريخي المفصلي  كما هزمت في محطات كثيرة .

25/12/2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…