دع الخلاف جانباً… فالشعب لن يرحم

بافي لقمان

  سبب ما آلت إليه المنطقة الكردية من فقر ونزوح وعدم الاستقرار، زادت على الشعب الكردي مآسي لم تكن في الحسبان إضافة لما كان يتعرض له الكرد في ظل النظام، وزاد الطين بلة. هذا السبب كان في جزء كبير ورئيسي منه لتأخر تطبيق بنود اتفاقية هولير وفي عدم القدرة على تدارك الأوضاع الكارثية في المنطقة الكردية، وعدم تأمين مستلزمات الحياة اليومية، وضمان الاستقرار والأمان.
وهذه الأوضاع الكارثية التي آلت وتؤول إليها المناطق الكردية فتحت الأسئلة على مصراعيها، حول الدور المنوط بها، والمسؤولية الملقات على عاتقها والتي دخلت اليوم تحت المسؤولية التاريخية، لأننا نعيش ظروفاً استثنائية، وهذه الظروف تتطلب أخذ القرارات الجريئة والفاعلة.
كلّ هذا دعا الحركة الكردية، وجميع قواها الفاعلة إلى مراجعة نفسها، وحول عدم قدرتها على إدارة الكارثة الوشيكة على الكرد، إن هذه المرحلة الحساسة على جميع المستويات، فتحت باب الانتقادات من داخل المنظومات السياسية ذاتها، ومن العمق، وطرح بدائل أو القيام بإصلاحات شاملة في البنى، وآليات جديدة، تستطيع أن توفر للكرد المظلة السياسية، لمطالبهم بحيث تكون على قدر المسؤولية.
إننا بحاجة أكثر من أي وقت آخر إلى ضم أصواتنا إلى بعضنا البعض طالما أن المصلحة الوطنية الكردية واضحة للعيان، وليس من خلاف سوى على بعض التفاصيل، واختلاف بعض وجهات النظر، وهذه هي الحالة الطبيعية.
إن المصلحة الوطنية الكردية يمكن أن تختزل في رأيين أو ثلاثة لكنها لن تحتمل أكثر من ذلك، إن الكرد بحاجة أكثر إلى تكوين كتل تتقارب في وجهات نظرها، بحيثُ تتمركز الخلافات في رأيين أو ثلاثة بمعنى، ضم القوى بعضها إلى بعض.
لقد كثر الحديث مؤخراً وعقب إعلان الإتحاد السياسي الكردي عن جدوى هذا الإتحاد وفيما إذا كان خطوة في الاتجاه الصحيح أم لا، انتقد هذه الخطوة الكثيرون وباركها الكثيرون.
كان من المنتقدين من انتقدوا لمجرد النقد، ومن بين المهنئين والمباركين لمجرد المباركة والتهنئة.
لكننا نرى وبنظرة عن كثب أنها ليس خطوة جيدة فقط بل هي جديرة وملحة وضرورة نحو وحدة الصف الكردي، الذي لو كان واحداً لما تعرضت المنطقة الكردية، لما تتعرض إليه من جوع، ونقص في المواد الأساسية ومستلزمات الحياة اليومية، وفقدان الأمن، والاستقرار.
ومن ناحية أخرى جاءت الخطوة في طريق المصلحة الوطنية، والكردايتية، التي تسير وفق منهج يحفظ للكرد كرامتهم، وعدم النتازل عن حقوقهم.
ولقد كثر اللغط حول هذا الاتحاد وأنه يسعى لإضعاف المجلس الوطني الكردي، لكنّ هذه النظرة هي نظرة فقيرة لبعد النظر، فالاتحاد سيهدف إلى تقوية المجلس، فهو سيقلص فوارق الاتفاقات والخلافات، لأنه يمثل أربعة أرقام في المجلس الوطني الكردي.
وقد خطى الاتحاد على المستوى التنظيمي خطوة مهمة من حيث نظام المحاصصة التي جعلها بالنسبة، على عكس نظام المناصفة التي تبناها المجلس والتي أثبتت عدم نجاعتها.
إن التوزيع النسبي يُعطي مصداقية أكثر، فالأحزاب التي ليس لها قاعدة جماهيرية إما أنها ستنحل أو ستسعى إلى توسيع قاعدتها. أو التفكير في اتحادات اندماجية، لأن المرحلة القادمة، ما بعد سقوط النظام ستشهد البلاد خلالها، نظاما ديمقراطيا مؤسساتيا وسيكون للأحزاب قانون، وهذا القانون الجديد سيحدد مصير هذه الأحزاب.
إن المرحلة القادمة وفي سوريا الجديدة، الديمقراطية والتعددية، تتطلب منا نحن الكرد، أن نُبعد جميع ما من شأنه شرخ حركتنا، والتقارب في وجهات النظر، وما يضمن لنا نحن الكرد، حقوقنا وبمساعدة شركاء الوطن من جميع المكونات السورية الأخرى، على اختلافها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أكد الرئيس مسعود بارزاني ، أن إقليم كوردستان قد حقق فخرا كبيرا بوصوله إلى مرحلة انتخاب نظام حكمه، معتبرا ذلك انتصارا ومنجزا عظيمين.

وقال بارزاني في كلمة له خلال مهرجان انتخابي ضخم في مدينة أربيل اليوم الثلاثاء ، إلى أن الانتخابات كانت مقررة قبل عامين، إلا أن بعض الأطراف وضعت عراقيل أمام العملية، مما أدى إلى…

شوان زنكَنة

قدّم حزبُ العدالة والتنمية مشروعَ قانون من 12 مادة، يتضمن تعديلاتٍ في قانون أصول الضرائب، تهدف إلى رفع حجم واردات صندوق الصناعات العسكرية، وبموجب هذه التعديلات، تمَّ فرضُ ضرائب على بطاقات الائتمان، ومعاملات كُتّاب العدل، ومعاملات الطابو، وكافة ضرائب الختم، وتهدف الحكومةُ من هذه التعديلات استحصالَ ضرائب مقدارها حوالي 80 مليار ليرة سنويا.. وسيتمّ العملُ بهذه…

صبحي ساله يي

إستناداً إلى المعطيات السياسية الحالية في إقليم كوردستان، يمكن القول أن العلاقات بين الأحزاب والقوى السياسية الكوردستانية مرّت بتغيرات كبيرة ومحطات عديدة، والخلافات الحادة التي تراها اليوم لم تبدأ مع بداية الحملة الإنتخابية لبرلمان كوردستان، ولن تنتهي يوم الإقتراع أو بعد إعلان نتائج الانتخابات أو حتى رؤية المخرجات النهائية للعملية الانتخابية وتشكيل حكومة…

دلدار بدرخان

حتى الأمس القريب كانت كتاباتي تركز على القضية الكوردية في سوريا بشكل عام دون أن أخصصها لمنطقة معينة، لكنني أدركت مؤخراً أن عفرين تمر بمرحلة مصيرية تهدد وجودها، فكان من الطبيعي أن أجعلها أولوية لدي ، وعندما فعلت ذلك لم يتردد البعض في اتهامي بإثارة النزعة المناطقية، وكأن تسليط الضوء على معاناة عفرين وشعبها…