تثبيت للحقوق أم هروب للأمام

  م.

أحمد آلوجي

إن مدى التسارع السياسي و الإعلامي التي تشهده منطقة الشرق الأوسط وخاصة بعد أحداث البحرين وسوريا وما نتجت عنها من إشكاليات واستقطابات واحتقانات طائفية متراكمة لسنين طويلة مع غياب ونفاق غربي ودولي في معالجة هذه القضايا بجدية وتركها تستفحل آكلة الشعوب والأنظمة معا.

و القضية الكردية في سوريا هي من أهم تلك القضايا غير المعالجة والمتروكة لعقود عدة والتي تعتبر حتى الآن في نظر بعض شوفيني المعارضة الراديكالية في سوريا بمثابة ملف تقني أوفني كملفات الفساد والاقتصاد والفقر والى ذلك من ملفات آنية محضة .
إن هذا التعامل اللا أخلاقي والبعيد عن العملياتية في معالجة هذه المشكلة في سوريا من قبل الأنظمة السابقة وما تقابله الآن من جفاء وإقصاء من أوجه المعارضة بكافة مشاربها تجاه مكون يشكل ثاني أكبر قومية في البلد وشعب يعيش على أرضه التاريخية مورس عليه الكثير من عمليات التعريب والاضطهاد والصهر القومي ,وما التصريحات الصادرة من أقطاب في المجلس السوري والذين يدعون العلمانية والنظرة الدونية للكورد حتى اعتبروهم مهاجرين وغرباء لخير دليل على ما سبق ,ضاربين غرض الحائط كل مساهمات الكرد الجلية منذ الاستعمار الفرنسي وبناء الدولة السورية العتيدة وحتى الآن .
إن هذا السبب والكثير غيره يجعل الكورد مترددين في الانضمام إلى الصيغ التحالفية للمعارضة ومتقوقعين في أطرهم الخاصة والتي قد تضمن لهم بعض الحقوق في السيناريوهات المستقبلية لسوريا .
لكن الولوج إلى الداخل الكردي نفسه , سنرى أنه غارق في التناقضات والحروب الباردة بين الأقطاب الرئيسية مما يجعل عملية اتخاذ القرار والخطاب السياسي متسرعا وهزيلا حتى إن البعض وصفها بالهروب إلى الأمام للتغطية على الإخفاقات العملية لهذه الأطر التجميعية فقط في لم الشمل وترتيب البيت الكردي وحتى قرارهم الاستراتيجي بالانضمام إلى ائتلاف المعارضة لم تكن بإرادتهم الحرة وطبعا مع كل الجهود المبذولة والمشكورة عليها من قبل الرئيس البار زاني في هذا المسعى .
إن خوض هذه المعارك الدونكيشوتية التي في ظاهرها انتصار لشرعية مؤقتة زائفة ولكنها في الباطن خسارة جسيمة لمجمل ما أنجزته الحركة الكردية منذ عقود ستكون مصدر ابتعاد للجماهير و تشرذما مقيتا لها .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…