فريد سعدون
يذكر البيان أن وفدي المجلسين التقيا في هولير: مجلس الشعب لغربي كردستان ، والمجلس الوطني الكردي، تسمية المجلسين تندرج تحت إطار العنونة، والعنوان من أخطر العتبات النصية دلالة، فهو المفتاح ومكون مهم من مكونات النص، إنه مرآة مصغرة وبنية مكثفة ومختزلة لنسيج نصه، لذلك فالعنوان علامة سيميائية دالة على رغم من ضآلة وحداته اللغوية، من هنا فإننا نحاول تفكيك عنوان المجلسين لغويا في تنقيبنا عما يضمران من مدلولات.
– مجلس الشعب لغربي كردستان:
هذا العنوان يغري القارئ، ويستفزه، للحفر في خبايا مدلولاته الغائبة، وهو يتربع في فضاء عام، يبحث لنفسه عن موقع فيه يبني عليه هويته وملامحه، تتحدد هذه الهوية من خلال البنية التركيبية ثم تليها البنية السيميائية، فهو قائم على بنية تركيبية اسمية تفتقد أي فعل: (مجلس الشعب) مضاف ومضاف إليه، كلمة ( مجلس ) نكرة تخصصت بإضافتها إلى (الشعب ) المعرّف بــ الـ التعريف، وفي القرآن الكريم ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) فالشعب أكبر من القبيلة، والشعب مجموعة من الناس يتكلمون لسانا واحداً، وهذه المجموعة تضم قبائل شتى، وهناك عرف عام في تقسيم الدولة إلى: شعب وحكومة، ينبني على ما سبق أن المجلس المذكور يضم أعضاء من عامة الناس من دون زعمائهم، وهم ينتمون لقبائل وجماعات مختلفة، والشق الثاني: ( لغربي كردستان ) هذه اللام تسمى في اللغة العربية ( لام التملك أو شبه التملك ) كقولنا : القلم لمحمد، أي ملكه، فهذا المجلس هو ملك لمكان يدعى غربي كردستان، بيد أن الملكية لا تنسب لمكان إنما تنسب لشخص عاقل، فقامت لفظة غربي مقام ( أهل الغرب )، مما يعني أن هذا المجلس يستثني من عضويته أي فرد يكون من أبناء دمشق أو حلب، لأن كلتا المدينتين خارج المكان المذكور، غير أن المعنى قد يذهب في اتجاه آخر مختلف تماما حينما تأخذ حرف اللام معنى النسبة، كقولنا: المضافة لغربي القرية، بمعنى أنها منسوبة أو مخصصة لهم ، لكنها قد تكون مملوكة لشخص في شرقي القرية، وهذا مفاده أن مجلس الشعب لغربي كردستان، ربما تشكّل في مكان آخر وهو يمثّل أو يُنسب لغربي كردستان، كقولنا: سكر العيد لأطفال القرية، فهو ليس ملكاً لهم ولا شاركوا في تصنيعه، بل أُعطي أو أُهدي لهم، وهكذا فالعنوان هنا غير دقيق الدلالة، للأسباب السابقة، ويمكن أن يكون: مجلس شعب غربي كردستان ، بيد أن تركيب غربي كردستان يمنع عضوية من هو من سكان دمشق أو درعا أو حلب جغرافياً، ثم إن شعب غربي كردستان لا يعني أبداً حصر عضوية المجلس في الكرد، لأن شعب غربي كردستان خليط من مكونات مختلفة عرقيا ودينيا، لذلك إن أردنا أن يكون هذا المجلس خاصاً بالكرد، سنقول: مجلس شعب كرد سوريا.
– المجلس الوطني الكردي في سوريا:
العنوان الراهن تركيب اسمي (صفة وموصوف)، ويبدأ باسم معرف بـ الـ التعريف، المجلس، وموصوف بـصفتين: الوطني – الكردي، ثم محدد مكانياً : في سوريا.
الصفتان: الوطني، الكردي، مفردتان فيهما ياء النسبة، أنا كردي: أي من القومية الكردية دون تحديد المكان، على عكس قولنا: أنا كردستاني، فالمكان في العنوان السابق يتحدد بـ الوطني، لكن هذا المكان غامض ما لم يدل على إطار جغرافي معلوم، ويزداد الغموض في تتمة العنوان: في سوريا، فالمجلس الوطني الكردي مكانياً قائم في سوريا، مما يعني أن مفردة الوطني مدمجة جغرافيا في سوريا، وهذا يلغي ادّعاء البعض أن مناطق سكنى الأكراد هي جزء من كردستان، إلا إذا اعتبرنا أن المجلس الوطني الكردي هو مجلس لوطن الأكراد، لكن فقط مقرّه في سوريا، وهذا يجافي الحقيقة، إذن يمكن القول: المجلس الوطني الكردي السوري، أي مجلس خاص بأكراد سوريا دون القوميات الأخرى، ودون أي اعتبار لكردستان، أو المجلس الوطني الكردستاني السوري، أي مجلس من أبناء كردستان سوريا، دون أن يكون خاصاً بالكرد، واختيار العنوان سيكون قائماً على اعتبارات سياسية.
(وقد ساد اللقاءات جوٌّ من حرص جميع الأطراف على ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي، وترسيخ وتعزيز العلاقات بين مختلف مكونات المجتمع السوري، ) .
يذكر البيان أن اللقاء ساده جو من الحرص، مما يعني أن الفضاء العام وسياق الحديث كان يسودهما الحرص، وهذا التركيب لا يؤكد حرصهم، بل يتركه معلقاً، إذ من المفروض حتى يبلغ الكلام مبتغاه، القول: وقد حرص جميع الأطراف على كذا، لأن قد تفيد التوكيد والتحقيق، وهذا التحقيق وقع على الحرص هنا، بينما في جملتهم وقع التوكيد والتحقيق على الفعل ( ساد)، والسيادة كانت مسندة إلى ( جو ) وليس إلى الأشخاص أنفسهم.
على ضرورة كذا: فهم لم يحرصوا على الحفاظ على السلم الأهلي، وإنما ساد اللقاء جو من الحرص على ضرورة الحفاظ عليه، فإن يسود اللقاء شعور بالحرص على ضرورة شيء ما، غير اعتقادك به نفسه، أو حرصك عليه، فأنا أعتقد بضرورة توحيد الأحزاب الكردية، لكنهم لا يتوحدون، وأنا لا أعمل على توحدهم، ويسود نفسي جو من الحرص على توحيدهم، لكنني لا أترجم هذا الشعور إلى فعل.
(كما تمَّ التأكيد على الاستمرار في التطبيق الفعلي لجميع بنود اتفاقية هولير ).
التأكيد على الاستمرار: يعني أن بنود الاتفاقية كانت تنفّذ وتُطبّق فعلياً، وأكّد الجميع على الاستمرار في هذا التطبيق الفعلي، فالفعل: استمرّ يفيد التواصل غير المنقطع في الزمن.
وهذا ينافي الواقع؛ لأن الاتفاقية لم تنفّذ وكانت إحدى أسباب اجتماعات هولير.
(وتم التأكيد على حلِّ المشكلات والعقبات التي اعترضت سير العمل في الهيئة الكوردية العليا والعمل الكوردي المشترك في الآونة الأخيرة).
التأكيد على حل المشكلات: يعني أنهم أصرّوا أو ألحوا على حل المشكلات؛ لكنهم لم يضعوا الآليات والإجراءات المناسبة، ولم يجدوا سبيلا للحل بعدُ، أي هناك نية مؤكدة للحل، ولكنها غير متحققة، ثم أن ما يعترض سير العمل شيئان: مشكلات و عقبات.
وكلتا الكلمتين جاءت بصيغة الجمع، مما يدل على تفاقم الخلاف وتعقده، وهو ما يوحي بصعوبة وضع الحلول وربما استحالتها، فكان من المفروض أن يقول البيان: وبعد المناقشات والحوارات تم حل المشكلات التي كانت تعترض سبيل العمل المشترك وتوصل الجانبان إلى إقرار الآليات والإجراءات التي ستنظم عمل الهيئة الكردية ….
(وأقرّ المجلسان معاً واتفقا على أهمية هذه الاتفاقية وضرورة تنفيذها لِما لها من أهمية استراتيجية في حماية الشعب الكوردي وتأمين حقوقه في سوريا).
هذه عبارة ركيكة بامتياز، (أقر المجلسان معاً) هنا ينقطع الكلام ولا نعلم ماذا أقرّا، [طبعاً هذا يسمى في اللغة العربية عطف المتضايفين]، واتفقا على أهمية هذه الاتفاقية، هذه العبارة لا قيمة لها منطقياً، لأن المجلسين قد اتفقا سابقا على بنودها، ولولا أنهما يعرفان أهميتها لما اتفقا عليها، فكيف يعودان ثانية ليتفقا على أهميتها، أي أنهما يتفقان على شيء اتفقا عليه سابقاً، وهذا منطق سخيف.
وضرورة تنفيذها: هذه العبارة تناقض قولهم: (كما تمَّ التأكيد على الاستمرار في التطبيق الفعلي لجميع بنود اتفاقية هولير ).
لأن هذا القول يعني أنهم مستمرون في التنفيذ، بينما عبارة : اتفق المجلسان على ضرورة تنفيذها، تعني أنهم لم ينفذوها.
هذا العنوان يغري القارئ، ويستفزه، للحفر في خبايا مدلولاته الغائبة، وهو يتربع في فضاء عام، يبحث لنفسه عن موقع فيه يبني عليه هويته وملامحه، تتحدد هذه الهوية من خلال البنية التركيبية ثم تليها البنية السيميائية، فهو قائم على بنية تركيبية اسمية تفتقد أي فعل: (مجلس الشعب) مضاف ومضاف إليه، كلمة ( مجلس ) نكرة تخصصت بإضافتها إلى (الشعب ) المعرّف بــ الـ التعريف، وفي القرآن الكريم ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) فالشعب أكبر من القبيلة، والشعب مجموعة من الناس يتكلمون لسانا واحداً، وهذه المجموعة تضم قبائل شتى، وهناك عرف عام في تقسيم الدولة إلى: شعب وحكومة، ينبني على ما سبق أن المجلس المذكور يضم أعضاء من عامة الناس من دون زعمائهم، وهم ينتمون لقبائل وجماعات مختلفة، والشق الثاني: ( لغربي كردستان ) هذه اللام تسمى في اللغة العربية ( لام التملك أو شبه التملك ) كقولنا : القلم لمحمد، أي ملكه، فهذا المجلس هو ملك لمكان يدعى غربي كردستان، بيد أن الملكية لا تنسب لمكان إنما تنسب لشخص عاقل، فقامت لفظة غربي مقام ( أهل الغرب )، مما يعني أن هذا المجلس يستثني من عضويته أي فرد يكون من أبناء دمشق أو حلب، لأن كلتا المدينتين خارج المكان المذكور، غير أن المعنى قد يذهب في اتجاه آخر مختلف تماما حينما تأخذ حرف اللام معنى النسبة، كقولنا: المضافة لغربي القرية، بمعنى أنها منسوبة أو مخصصة لهم ، لكنها قد تكون مملوكة لشخص في شرقي القرية، وهذا مفاده أن مجلس الشعب لغربي كردستان، ربما تشكّل في مكان آخر وهو يمثّل أو يُنسب لغربي كردستان، كقولنا: سكر العيد لأطفال القرية، فهو ليس ملكاً لهم ولا شاركوا في تصنيعه، بل أُعطي أو أُهدي لهم، وهكذا فالعنوان هنا غير دقيق الدلالة، للأسباب السابقة، ويمكن أن يكون: مجلس شعب غربي كردستان ، بيد أن تركيب غربي كردستان يمنع عضوية من هو من سكان دمشق أو درعا أو حلب جغرافياً، ثم إن شعب غربي كردستان لا يعني أبداً حصر عضوية المجلس في الكرد، لأن شعب غربي كردستان خليط من مكونات مختلفة عرقيا ودينيا، لذلك إن أردنا أن يكون هذا المجلس خاصاً بالكرد، سنقول: مجلس شعب كرد سوريا.
– المجلس الوطني الكردي في سوريا:
العنوان الراهن تركيب اسمي (صفة وموصوف)، ويبدأ باسم معرف بـ الـ التعريف، المجلس، وموصوف بـصفتين: الوطني – الكردي، ثم محدد مكانياً : في سوريا.
الصفتان: الوطني، الكردي، مفردتان فيهما ياء النسبة، أنا كردي: أي من القومية الكردية دون تحديد المكان، على عكس قولنا: أنا كردستاني، فالمكان في العنوان السابق يتحدد بـ الوطني، لكن هذا المكان غامض ما لم يدل على إطار جغرافي معلوم، ويزداد الغموض في تتمة العنوان: في سوريا، فالمجلس الوطني الكردي مكانياً قائم في سوريا، مما يعني أن مفردة الوطني مدمجة جغرافيا في سوريا، وهذا يلغي ادّعاء البعض أن مناطق سكنى الأكراد هي جزء من كردستان، إلا إذا اعتبرنا أن المجلس الوطني الكردي هو مجلس لوطن الأكراد، لكن فقط مقرّه في سوريا، وهذا يجافي الحقيقة، إذن يمكن القول: المجلس الوطني الكردي السوري، أي مجلس خاص بأكراد سوريا دون القوميات الأخرى، ودون أي اعتبار لكردستان، أو المجلس الوطني الكردستاني السوري، أي مجلس من أبناء كردستان سوريا، دون أن يكون خاصاً بالكرد، واختيار العنوان سيكون قائماً على اعتبارات سياسية.
(وقد ساد اللقاءات جوٌّ من حرص جميع الأطراف على ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي، وترسيخ وتعزيز العلاقات بين مختلف مكونات المجتمع السوري، ) .
يذكر البيان أن اللقاء ساده جو من الحرص، مما يعني أن الفضاء العام وسياق الحديث كان يسودهما الحرص، وهذا التركيب لا يؤكد حرصهم، بل يتركه معلقاً، إذ من المفروض حتى يبلغ الكلام مبتغاه، القول: وقد حرص جميع الأطراف على كذا، لأن قد تفيد التوكيد والتحقيق، وهذا التحقيق وقع على الحرص هنا، بينما في جملتهم وقع التوكيد والتحقيق على الفعل ( ساد)، والسيادة كانت مسندة إلى ( جو ) وليس إلى الأشخاص أنفسهم.
على ضرورة كذا: فهم لم يحرصوا على الحفاظ على السلم الأهلي، وإنما ساد اللقاء جو من الحرص على ضرورة الحفاظ عليه، فإن يسود اللقاء شعور بالحرص على ضرورة شيء ما، غير اعتقادك به نفسه، أو حرصك عليه، فأنا أعتقد بضرورة توحيد الأحزاب الكردية، لكنهم لا يتوحدون، وأنا لا أعمل على توحدهم، ويسود نفسي جو من الحرص على توحيدهم، لكنني لا أترجم هذا الشعور إلى فعل.
(كما تمَّ التأكيد على الاستمرار في التطبيق الفعلي لجميع بنود اتفاقية هولير ).
التأكيد على الاستمرار: يعني أن بنود الاتفاقية كانت تنفّذ وتُطبّق فعلياً، وأكّد الجميع على الاستمرار في هذا التطبيق الفعلي، فالفعل: استمرّ يفيد التواصل غير المنقطع في الزمن.
وهذا ينافي الواقع؛ لأن الاتفاقية لم تنفّذ وكانت إحدى أسباب اجتماعات هولير.
(وتم التأكيد على حلِّ المشكلات والعقبات التي اعترضت سير العمل في الهيئة الكوردية العليا والعمل الكوردي المشترك في الآونة الأخيرة).
التأكيد على حل المشكلات: يعني أنهم أصرّوا أو ألحوا على حل المشكلات؛ لكنهم لم يضعوا الآليات والإجراءات المناسبة، ولم يجدوا سبيلا للحل بعدُ، أي هناك نية مؤكدة للحل، ولكنها غير متحققة، ثم أن ما يعترض سير العمل شيئان: مشكلات و عقبات.
وكلتا الكلمتين جاءت بصيغة الجمع، مما يدل على تفاقم الخلاف وتعقده، وهو ما يوحي بصعوبة وضع الحلول وربما استحالتها، فكان من المفروض أن يقول البيان: وبعد المناقشات والحوارات تم حل المشكلات التي كانت تعترض سبيل العمل المشترك وتوصل الجانبان إلى إقرار الآليات والإجراءات التي ستنظم عمل الهيئة الكردية ….
(وأقرّ المجلسان معاً واتفقا على أهمية هذه الاتفاقية وضرورة تنفيذها لِما لها من أهمية استراتيجية في حماية الشعب الكوردي وتأمين حقوقه في سوريا).
هذه عبارة ركيكة بامتياز، (أقر المجلسان معاً) هنا ينقطع الكلام ولا نعلم ماذا أقرّا، [طبعاً هذا يسمى في اللغة العربية عطف المتضايفين]، واتفقا على أهمية هذه الاتفاقية، هذه العبارة لا قيمة لها منطقياً، لأن المجلسين قد اتفقا سابقا على بنودها، ولولا أنهما يعرفان أهميتها لما اتفقا عليها، فكيف يعودان ثانية ليتفقا على أهميتها، أي أنهما يتفقان على شيء اتفقا عليه سابقاً، وهذا منطق سخيف.
وضرورة تنفيذها: هذه العبارة تناقض قولهم: (كما تمَّ التأكيد على الاستمرار في التطبيق الفعلي لجميع بنود اتفاقية هولير ).
لأن هذا القول يعني أنهم مستمرون في التنفيذ، بينما عبارة : اتفق المجلسان على ضرورة تنفيذها، تعني أنهم لم ينفذوها.
في نهاية المطاف أترك للقارئ استنتاج مدى جدية هذا البيان أو فاعليته.