بيان حول الأحداث في محافظة الحسكة

في الوقت الذي يواصل فيه النظام القاتل القاء براميله المتفجرة وقنابله العنقودية والفراغية على المدن والبلدات والقرى في كل المحافظات السورية، تنفيذا لسياسة الارض المحروقة والإبادة الجماعية، ويواصل المجتمع الدولي، ممثلا في مجلس الأمن، التعايش مع عمليات القتل والتدمير البشعة، واعتماد سياسة تمرير الوقت، وإدارة الازمة في انتظار بلوغ طرفي الصراع حالة الانهاك والقبول بالحلول المطروحة، تقف اطراف عربية وكردية في محافظة الحسكة في مواجهة بعضها البعض على خلفية التنافس على السيطرة عليها، ورفض دخول الجيش الحر اليها.
ان ما تشهده محافظة الحسكة، وخاصة بلدة رأس العين/ سري كانيه، من استعدادات وتحشيد وتعبئة وضغوط بين الاحزاب الكردية في مواجهة بعضها البعض من جهة، وصدامات مسلحة بين كتائب الجيش الحر وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من جهة ثانية، يثير القلق ويتطلب من الجميع الحذر والتصرف بمسؤولية عالية تلاقي تضحيات الشعب السوري، وتستجيب لمستدعيات الثورة وتطوراتها، فالمحافظة صورة مصغرة عن سوريا بمكوناتها القومية والدينية ما جعلها مرآة للتعايش والاندماج الوطني السوري، ورشحها لتكون مختبرا لقدرة السوريين على صياغة سوريا الجديدة، سوريا الديمقراطية، دولة لكل مواطنيها، وساحة لمحاولات النظام بذر الشقاق بين ابناء الشعب الواحد وتشويه صورة الثورة عبر تظهير الخلافات والتناقضات، وصب الزيت على النار، والدفع باتجاه الاقتتال بينهم في معارك جانبية تخدم تكتيكه لتعميق المخاوف والهواجس الداخلية والخارجية، وتكريس الحذر والخوف من الثورة، مستغلا مواقف وتصريحات اصحاب الرؤوس الحامية من العرب والكرد، وهذا جعل المناوشات بين كتائب الجيش الحر ومقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وما تلاها من استنفار وتعبئة وتحركات في كامل المحافظة، شديدة الخطورة ولا تخدم الثورة ولا غايتها في بناء سوريا الحرة العادلة التي تحقق تطلعات الشعب السوري بكل مكوناته القومية والدينية والمذهبية على قاعدة المواطنة والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات.
ان الامانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي اذ تشكر كل القوى والشخصيات الوطنية الخيرة التي سعت الى التهدئة ورأب الصدع بين الأخوة، ترى ان اعتبار محافظة الحسكة منطقة مغلقة في وجه الثورة، واتهام كتائب الجيش الحر بالتبعية لتركية، في محاولة رخيصة لتخويف الكرد من هذا الجيش وحشدهم في مواجهة الثورة، غير مقبول، فالثورة لكل سوريا والسوريين ومحافظة الحسكة جزء منهما، وهذا يفرض على الأخوة الكرد التنسيق والتعاون مع الجيش الحر، ومساعدته في حربه ضد النظام القاتل، والعمل على عزل اصحاب الرؤوس الحامية.

وان تحرك الجيش الحر لتحرير المحافظة من قبضة النظام القاتل دون تمهيد وتفاهم مع قوى المحافظة والاتفاق معها على خطة التحرير، وأخذ هواجسها ومخاوفها بعين الاعتبار، غير مقبول كذلك، لأننا امام حالة لها خصوصيتها، وهي شديدة الحساسية، وقابلة للتحول الى ثقب اسود يبتلع الثورة ويدمر انجازاتها العظيمة، وتدعو الجميع الى التعقل والحكمة والتصرف بدلالة تطلعات الشعب السوري وثورة الحرية والكرامة، وحل الخلافات بالحوار الهادئ، والابتعاد عن التصرفات الاستفزازية التي لا تورث إلا الحقد والكراهية وتعميق الجراح والسير في طريق لا تحمد عقباها.
تحية الى أرواح شهداء الثورة السورية
عاشت سوريا حرة وديمقراطية
دمشق في:24/11/2012
الامانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
http://www.annidaa-sy.org/modules/news/article.php?storyid=19476

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…