لعنة الانقسام الكردي والمفاوض الفاشل

د .

محمد رشيد

 بعيدا عن المقدمات الانشائية, فبعد اخفاق الكورد في الوصول الى مناصب متقدمة في قيادة المجلس الوطني السوري المدعوم باصواتهم الـ 41 (على الاقل باختيار 5 اعضاء في الامانة العامة) التي تؤهلهم للمنافسة والدخول بأريحية في القيادة (المكتب التنفيذي) اثناء اعادة هيكلية الهيئة العامة للمجلس الوطني السوري.

ومن ثم  تم طرح مشروع تشكيل مكون آخر – الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية– (مشروع السيد رياض سيف) المدعوم اقليميا ودوليا , حيث دعي الكرد الى المشاركة فيه بعيد اللقاء التشاوري الذي جرى في عمان – الاردن بتاريخ 3 تشرين الثاني 2012  بين مكونات المعارضة السورية.
ومن دون الخوض في تفاصيل تشكيل المجلس الوطني السوري والتدخلات الاقليمية منها والدولية ومحاولات الاستحواذ عليه من جهة واحدة او عدة جهات ليكون الممثل الشرعي الوحيد, واستفحال حالة التشتت والتشرذم والانقسام التي تعاني منها المعارضة السورية بشكل عام والمحاولة الاخيرة من المجلس الوطني السوري لاعادة هيكليته التنظيمية لتخطي الصعوبات التي تواجهه وفي ان يكون الممثل الشرعي للشعب السورية وبالتالي الاعتراف به داخليا وعربيا ودوليا .


وبالابتعاد ايضا عن استعراض المكونات والتكتلات والتحالفات والائتلافات والزيادات والاقصاءات والانسحابات و الترشيق الذي سبق انعقاد مؤتمر المجلس الوطني السوري  فان الكرد كان لهم نصيب قدره نسبة 10% من مجموع اعضاء الهيئة العامة (41 من اصل 418) من المشاركة الخائبة * فقد تم تعويم مسودة مشروع الائتلاف المنشود في اليوم التالي لانتهاء اعمال المجلس وتمت الدعوة اليه بناء على اساس الجلسة التشاورية في عمان وفي ان يكون المشارك من “المجلس الوطني الكردي السوري” بثلاث اعضاء وعضو مستقل وآخر من الحراك ولربما زيادة عضو آخر (هكذا افضى الى كاتب السطور السيد رياض سيف), ومن دون شك فان تشكيل ” الائتلاف ” واعلان ولادته خطوة محمودة وتحرك نوعي ورافعة قوية بان يمثل المعارضة والثورة السورية  ويقبل به المجتمع الدولي كممثل شرعي والاعتراف به وانجاح مهامه لقيادة المرحلة الانتقالية
الامر الى هنا طبيعي جدا, ولكن الامر الغير طبيعي بل الشاذ والغير سوي في ان يشارك ” المجلس الوطني الكردي ” في مؤتمر الدوحة , ويقترح او يفرض احد شروطه والغير مقبولة كرديا قبل ان يكون الطرح اخلاقيا , وفي ان يطالب بان يتم تعديل او اضافة البعض من النقاط والاصطلاحات, سيما النقطة التي اتت على لسان مفاوضيه وتقدم به الى الائتلاف والجهة الراعية للملتقى ” …المجلس الوطني الكردي هو الجهة الوحيدة المخولة باختيار ممثلي الكرد.”
نعم بكل فجاجة واستهتار بالعقول وعدم مراعاة مشاعر الاخرين من الكورد او حتى الالتزام بمداراة شركاء آخرين, بالاضافة الى التمادي في تخطي قناعات الاخوة الشركاء في الوطن  – لربما كان هذه ردة فعل من جماعة الاخوان المسلمين في اللقاء التشاوري الذي انبرم في عمان اذ أردفوا بدورهم نقطة وهي ”  – تمثيل جبهة العمل الوطني الكردي، وأن لا يقتصر تمثيل الإخوة الكرد على الأحزاب العلمانية.” – كل هذا في ان يكون المفاوض الطفحل الممثل الشرعي والوحيد للشعب الكردي متجاوزا التنوعات الكردية العديدة الحزبية والمستقلة والشباب والثوار وباقي المكونات والشرائح الاجتماعية.
 فاذا كانت هذه هي عقلية المفاوض الكردي في اقصاء شقيقه الكردي الآخر المختلف عنه توجها ومنهجا وموقفا في المحافل الفاعلة من حراك المعارضة السورية بقصد وتعمد, والاستقواء عليه باوهام ومن دون اي مسوغ سوى الاستهتار والازدراء بقدرات الآخرين للاستحواز على ارادته وكأن الامر استيلاء وامتلاك واستملاك وتملك, ومن جهة أخرى اذا كان هذا ديدنهم فلماذا الصراخ والعويل والزعيق والشكوى والبكاء في ان حليفهم “مجلس شعب غرب كردستان” لايشاركهم بالتعبئة والتنظيم والقسمة والعتاد والمال والسلاح وهم لايملكون نقيفة لاصطياد العصافير (جطل  Qewsik -) تحوطا.
لقد كتب الكثير من المفكرين والمثقفين والكتاب الكورد ولن تجف اقلامهم بل وصل الامر بالعديد منهم استجداء وتسولا في ان يتحد الكورد فيما بينهم ويتآلفوا ويتكاتفوا ويتعاونوا  ويتآزروا ويتعاضدوا  ويتضامنوا وخاصة في هذه الظروف المفصلية التي تمر بها المنطقة , والفرصة المتاحة لشعبنا في الخلاص من العبودية والدكتاتورية المقيتة للحصول على حقوقه العادلة , وتجاوز ظاهرة الفرقة والتشرذم والتشتت والانقسام , ولكن يبدوا بان كل ذلك يذهب ادراج الرياح .
وللعودة الى ماتم من تقديم , فهل يرضى الكرد بشرائحه العديدة والمتعددة بما تقدم به المفاوضون من”  المجلس الوطني الكردي ” الى ” الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ” باقتراحهم المشروط  المشروم المرفوض مسبقا في ان يمثلوا الكرد كل الكرد (لربما شرط اجرائي وذلك بانتقاء واختيار ممثليه , ان كان من حلفاءهم في الهيئة الكردية العليا او من يتوجب  السير في ركابهم – كما هو الحال في مجلس احزابهم -) , وهل هذا الاشتراط – الغير مقبول سلفا –  في الانضمام الى “الائتلاف ” الوليد مدعاة الى الزهو والاعتزاز والخيلاء وهم يعلموا قبل غيرهم بان انتفاضة الشباب االكردي الثائر قاد ويقود الكرد للانضمام والانخراط في الثورة  وجرجروا احزاب مجلسهم عنوة (مكرها أخاك لا بطل) , على الرغم بانه والى هذه اللحظة مازالت مواقف اولاءك ” من الثورة مخيبة ومطالب وحقوق شعبنا الكردي لديهم ضبابية ومكفهرة ومبهمة وغامضة وغير واضحة , فهو متأرجح بين الشعار والخطاب والتكتيك ومازال الموقف من النظام متناغم, وتذكيرا لما سبق الم يجلب هذا التهاون ما يحدث الان في مدينة تربى سبي (القحطانية) من استعراض الميليشيات البعثية المدججة بالسلاح والعتاد في ترعيب الاهالي المسالمين والاستيلاء على المدينة المسالمة, ام انه الغرور ومدعاة الى الادانة والشجب , وبناء عليه فهل ستستمر لعنة التشرذم ملاحقة للكرد في السراء والضراء, هذا اذا وجد اصلا مما هو مسر من خلال مسيرة تاريخنا المؤلم الملئ  بالمآسي والويلات والكوارث .

·        لربما يكون للحديث بقية حول ذلك

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…