الداخل وقد حسم أمره فماذا عن الآخرين

صلاح بدرالدين

      لقد حان الوقت لدعوة كل الحركات السياسية والجماعات والتنظيمات المدنية والشخصيات المحسوبة بشكل أو بآخر على الخندق المعارض وفي المقدمة ” المجلس الوطني السوري ” الطرف الأبرز الى خلوات مع الذات والتمعن في أحداث الأيام الأخيرة والتطورات المرتقبة واتخاذ العبرة منها ومن أهمها :

 أولا – بادر الداخل الثوري في اعادة التوحيد والبناء عبر اسلوب متقدم وعلى أساس خمسة جبهات في جميع مناطق البلاد بحيث تدير كل جبهة شؤونها في ظروف الثورة والمواجهة ثم تنسق فيما بينها عبر قيادات فاعلة
وما حدث لايقتصر على الطابع العسكري الصرف بل تضمنت بيانات الجبهات توجهات سياسية واضحة بخصوص الموقف من النظام بالتشديد على اسقاطه وتفكيك سلطته الاستبدادية من دون الدخول معه في أي حوار أو تقديم أي تنازل على حساب دماء الشهداء كما حملت اضاءات تنير الدرب في مرحلة مابعد اسقاطه وجوهر الثورة الوطنية الديموقراطية وبرنامجها تجاه مختلف مكونات الشعب السوري .
  ثانيا – ماتم تحقيقه واعلانه البارحة في الداخل الثوري كان حصيلة شهور من المحاولات الجادة والنقاشات والمباحثات بين سائر قيادات الجيش الحر ورموزه المجربين بمختلف كتائبه وتشكيلاته خاصة وأنها بمثابة العمود الفقري للثورة الى جانب سائر قوى الحراك والتنسيقيات ونشطاء الاحتجاجات الشعبية في غالبية المناطق والمدن والبلدات ومن الملفت وكما تبين فان عوامل وأسباب عديدة حالت دون تحقيق هذه الخطوة في وقت مبكر ومن جملتها العراقيل التي زرعتها أطراف عقائدية في بعض المعارضات وخاصة جماعات الاسلام السياسي ورأس حربته الاخوان المسلمون التي انفردت في الشهور الأخيرة باقامة ورعاية وتمويل وتسليح تنظيمات ومجموعات مسلحة خاصة بها خارج أطر ادارة الجيش الحر  .
  ثالثا – لم نلحظ في جميع بيانات الجبهات المعلنة أية اشارة الى موالاة هذا الطرف المعارض أو ذاك بما فيه ” المجلس الوطني السوري ” أو الارتباط بأية جماعة سياسية أو حزبية أو عقائدية دينية وهو أمر في غاية الايجابية ومنتهى الأهمية خاصة اذا علمنا أن اندلاع الانتفاضة الثورية جاء بمعزل عن الحركات السياسية الحزبية التقليدية بل بمبادرة الشباب المستقل كما أن قيام الجيش الحر سبق ظهور المعارضات بأشهر وبالتالي من حق قوى الداخل مجتمعة الاعتماد على الذات وتقرير مصيرها بنفسها ومن واجبها في الوقت ذاته مد يد التعاون والتنسيق الى كل من يدعمها ويقف معها ويؤيد خطواتها ويعترف بتوجهاتها السياسية ويعتبرها مصدرا أساسيا وحيدا للشرعية بوجهيها الثوري والوطني جماعات كانت أم مؤسسات أم تنظيمات أم أفرادا .
  رابعا – الداخل الثوري وفي ميادين المواجهة وساحات الاستشهاد وفي الخنادق الأمامية ضد نظام الاستبداد يسطر المعجزات العسكرية ويحقق الانجازات السياسية على درب الوحدة والتلاحم والانتصار ومعارضاتنا تنشغل في الفنادق بالسجالات العقيمة واعادةهيكلة – الهياكل – المتآكلة وتبحث في الترشيق والتأنيق وتتجادل في ألوان وموديل ُثوب العريس الجديد وكأن الداخل المنهمك في دفن الشهداء ينتظر بفارغ الصبرالزفة من الدوحة أو عمان أو استانبول وهل صدق القائمون على المعارضات أنفسهم والمجلس في مقدمتها أن الداخل الثوري يحبس أنفاسه منتظرا بفارغ الصبر ولادة من يقوده ويقرر مصيره ؟ أقول هنا مستئذنا من الرئيس الاخواني المصري استخدام عبارته : ياعشيرتنا في الدوحة لقد فات أوان تمثيلكم الشرعي الافتراضي لشعبنا وثورتنا وسبق السيف العزل وليس أمامكم سوى اعلان بيان واحد فقط لاغير وهو تأييد ومباركة الحدث العظيم في الداخل الثوري بانبثاق الجبهات العسكرية الخمس واعلان كل من يطمح الى مواصلة النضال قبول الانخراط في احدى تلك الجبهات وتوجه من يرغب فرادى وأفواجا للداخل لخدمة الشعب والقضية وهذا هو الخيار الأنسب في ظل الظروف الراهنة بدلا من التسابق والصراع على مواقع قيادية افتراضية وشرعية زائفة .
  خامسا – جاءت الخطوة الاستراتيجية من الداخل الثوري في الوقت المناسب والتي رسخت حقيقة أن القرار بيد الداخل وأزالت القلق من نفوس السوريين وبددت الخشية على المصير وذلك في زحمة وسيولة موسم المبادرات والمشاريع والصفقات ومن ضمنها حكايات حكومة المنفى ولجان المحاصصات بالنسب لقيادة الشعب السوري من دون ارادته وعن بعد  التي تطبخ أساسا في عواصم اقليمية وعالمية لاتهمها الا مصالحها والحرص على سلامة جوهر النظام السوري وتقوم بمهمة الترويج لها جماعات من المعارضات اما غير محصنة تاريخيا ونضاليا أو مغررة بها .
  سادسا – ماينطبق على جميع السوريين لايستثنى منهم الكرد وما هو صالح لكل السوريين سيكون لمصلحة الشعب الكردي السوري وقضيته العادلة وكل مايعني المعارضات يشمل ” المجلس الوطني الكردي ” أما الجماعات السورية التابعة – لحزب العمال الكردستاني – التركي والسائرة في فلكها والملتزمة بسياساتها الموالية للنظام بموجب اتفاقيات سابقة والتي تسيطر الآن وبقوة السلاح على مقدرات المناطق الكردية وتقوم بحراسة ادارات السلطة وخاصة الأمنية ومكاتبها ومؤسساتها بمافيها الاقتصادية ومطار القامشلي وآبار نفط – قرة جوخ – التي تسخدم وارداتها في شراء السلاح لقتل السوريين أو مقايضة بنزينها بالمازوت الايراني لاستخدامها وقودا للدبابات وجباية ضرائب المرور والجمارك على الحدود المشتركة مع اقليم كردستان العراق وتفرض وحدانية (القرار والتمثيل) وتحتكر – الوطنية والقومية – لنفسها وتعتبر الآخر المختلف أي الغالبية الساحقة من الشعب والجماهير والأحزاب والمستقلين والشخصيات والتنسيقيات الشبابية اما خونة أو خارجين عن الخط النضالي أو أعوان الخارج يجب تهديدهم وارهابهم عبر الاغتيالات والخطف والحملات الاعلامية المضللة ومن الواضح أن استمرارهذه الجماعات في نهجها يعني ربط مستقبلها بمصير النظام وهذا مالانتمناه لأحد بل ندعو الى اعادة النظر في هذه السياسة الخاطئة المدمرة والمسيئة للكرد بدءا بالكف عن استثمار القضية السورية ومن ضمنها مسألة كرد سوريا في المواجهة مع النظام التركي وانسحاب مسلحي ب ك ك عن المناطق الكردية وقيام الكرد السوريين الموالين لهذا الحزب اذا أرادوا المشاركة الايجابية في الكفاح الوطني بحسم الموقف تجاه الثورة السورية والانخراط في صفوفها والتفاعل الأخوي الديموقراطي المدني مع سائر أطراف العمل الوطني الكردي على أساس المصير الواحد كما ندعو سائر القوى الكردستانية الشقيقة أن لايلحقوا الأذى بشعبنا وقضيتنا اذا لم يكن بمقدورها التضامن وتقديم الدعم والاسناد .

  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شكري بكر إن ما يحدث في سوريا ومنذ سقوط نظام بشار الأسد البائد من أحداث وتطورات سياسية وعسكرية بين السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية ، وما إتفاق 10 آذار هو إتفاق عسكري وإداري لا علاقة له بالقضية الكوردية لا من قريب ولا من بعيد . فالبنود الثمانية التي وقع عليها كل…

شادي حاجي   إلى السياسيين الكرد، إلى المثقفين، إلى النخب في المجتمع المدني، لنكن واضحين منذ البداية: لا يوجد إنجاز كردي حقيقي في سوريا دون تغيير جذري في طريقة التفكير. وكل حديث عن مكتسبات أو انتصارات، بينما العقل الذي يدير المشهد لم يتغير، ليس سوى محاولة لتجميل الفشل أو تأجيل الاعتراف به.   التجارب السابقة لا تحتاج إلى مزيد من…

نحن، المنظمات الحقوقية السورية الموقِّعون أدناه، نتابع ببالغ القلق والاستنكار الجريمة الخطيرة التي تعرّض لها المدنيون في حي وادي الذهب بمدينة حمص، حيث تشير المعطيات الميدانية الأولية، وشهادات السكان المحليين، والمواد المصوَّرة المتداولة، إلى وقوع تفجير إرهابي داخل جامع علي بن أبي طالب التابع للطائفة العلوية، أثناء تواجد عدد كبير من المدنيين المصلِّين داخله، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين…

صلاح بدر الدين تدعو الكاتبة سميرة المسالمة، في مقالها “مواطنون في دولة سورية… لا مكوّنات ولا أقليات” (“العربي الجديد”، 22/12/2025)، إلى “مجتمع من المواطنين… يتحرّرون من الإرث الثقيل الذي خلفه النظام الأسدي باستعادة دورهم ذواتاً فاعلةً، وبناء الثقة المتبادلة فيما بينهم، من خلال تعريف أنفسهم شعباً واحداً لا مكوّناتٍ ولا أقلياتٍ متفرّقة، وتعزيز هُويَّتهم مواطنين لا رعايا”. وتضيف: “فالجماعات الإثنية،…