دارا… الذي أبهرني.. الذي «هناك»

عمر كوجري

تعرّفت على الكاتب الشاب دارا عبدالله في مركز للياقة البدنية في الحي الذي نسكنه قبل سنتين، لما ناداه المدرب باسمه الكردي هرعت للتعرّف عليه.

 خلال دقائق شعرنا أننا نعرفُ بعضنا من أمد بعيد، أخبرني أنه يعرفني جيداً، ويتابع مقالاتي، وبسرعة ذكر أسماء بعض الكتّاب الكرد الذين يكتبون بحرفية وجودة، كما أبدى تبرّمه وشكواه من استسهال بعض مواقعنا الكردية، وتساهلها مع البعض الطارئين على الكتابة.
   وذكر أنه طالب في السنة الثانية بكلية الطب، وكعادة الكرد” السيّئة” سلختُهُ رشّاً من الأسئلة عن ضغط الدم، وتنمّل القدمين، ومشاكل في الرؤية، فردّ على أسئلتي بثقة الحكيم.

وتتالت لقاءاتنا في المركز الرياضي، كنّا في فرصة الراحة نتحدث عن شؤون الكتابة والكتّاب، ومناقشة شؤون البلد العامة باقتضاب، وكان يبدي إعجابه الشديد بمقالات حازم صاغية، وحازم الأمين، وأكرم البني، كما أبدى إعجابه الكبير بمقالات ابن عمه  بدرخان علي – الكاتب والطبيب الجميل- ” لم يقل لي وقتها أن بدرخان ابن عمه، ولم أكن قد التقيت ببدرخان بعد، ولم أعرفه شخصياً.
وفي إحدى المرات ألمح لي باستحياء أنه يكتب بعضاً من المقالات في موقع ” أوان”  الرصين والذي ينشر لأقلام كبيرة.
ولما التقينا فيما بعد في منزله، لم” يعبّ” عيني بداية، طالب في أولى سنواته الجامعية، يهتمّ بكمال جسمه، وبتنمية عضلاته، ويرتدي البنطال الكوبوي ذا” الخصر الواطي”، لكن ما إن هممنا في مناقشة شؤون وشجون الحركة الكردية في سورية ومآلاتها وسقطاتها و” إنجازاتها”  والوضع السوري حتى بدا لي أني أمام خطاب سياسي ولغة سياسية وتحليل سياسي عالي المستوى وفخم، وتبددت بسرعة نظرتي السّطحية لشكله ولباسه.
وهكذا دارت الأيام، ولم نتواصل إلا قليلاً، قبل فترة صادفته بالسرفيس ألمح لي أنّه كان « هناك» بيد أنه لم يبدِ لي أية بطولة، بل لم يعطني الفرصة لأسأله عن وضعه في المعتقل، وهل عذّب؟ وغيرها من الأسئلة.
قال لي وقتها أن ينشر في الأوان وبعض الصحف اللبنانية، ولم نلتق.
اطلّعت على بعض كتاباته على قلتها، بدا لي هذا الشاب كاتباً حقيقياً رغم صغر سنّه، وقلة تجربته الحياتية، لكنه مواظب كبير على قراءة الفكر والفلسفة والديانات المقارنة وغيرها من الكتب الإشكالية.
الآن من جديد، يقيم الصديق والكاتب المبدع دارا « هناك» وما أدرانا ما « هناك»
ورغم أن دارا هناك..

إلا أنه حرٌّ وحرٌّ..
دارا ننتظرك..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…