المجلس الوطني الكردي – عام من الفشل ام من النجاح

سليمان حسن

لو ادرك الشعب الكردي ان ولادة المجلس الوطني الكردي سيكون تباعا مثل بقية أخوات كان.

لما كان قد تظاهر تضامنا معه في الشوراع في معظم المناطق الكردية,

ولو ادرك انه يسكون مجرد صفر على الشمال دون اية قيمة عملية او دون اية ادوات متطورة تزيح تلك العاصفة الهوجاء المظلمة عن المصير الكردي في حق تقرير مصيره على ارضه التاريخية التي يعيش عليها منذ الازل.

لما كان قد كلف على نفسه عناء حر الصيف وبرودة الشتاء وهو يهتف المجلس الوطني الكردي يمثلني.
تلك الخطوة التي حظيت بدعم شعبي واعلامي قل نظيره في مجتمعنا نظرا لافتقار الشارع الى قيادة كاريزمية تدير الدفة مع اتجاه التيار لا ضده .

في ظل حركة قديمة.

ادارت الشارع الكردي بشعارات وخطابات متأثرة في مضمونها بسياسة الاحتكار البعثي للسلطة في ادارة مصالحها الشوفينية والحزبية متجاهلة نبض الشارع السوري العام الذي كان يتأمل في الافق .

ادارة مدنية تعددية بعد سلسلة الانقلابات التي شهدتها الساحة السورية انذاك والتي انتهت باحتكار الاسد للسلطة وما تبعها من اجراءات عنصرية هدفت الى اذابة الكرد في المخطط التعريبي  وما تلتها من مراسيم سيادية ترجمها بعثيون عمليا على الشعب الكردي وما نتج عنها من كوارث .

تلك القيادة الكردية التي انشأت وترعرعت في ظل احتكار البعث للسلطة والتي اثرت سلبا على القيادة الكردية الحكيمة .

التي سارعت في بداية تأسيهسا الى احتكار السلطة لنفسها و تسيير سياسة التمجيد الشخصية التي تخدم الانا, لا الشعب وبات الشارع مغلوبا على امره متأثرا بتلك السياسة التي ظلت لعقود.

والتي  لم نشهد انتخابات ديمقراطية لحزب غلب فيه المنافس على رئيس حزبه واستلم قيادة الحزب  نظرا لكفائته وموضوعيته , لا بل لم يتم اي تغيير جذري في بنية اي حزب باستثناء حوادث طارئة هي التي فرضت التغيير على الحزب.

وفاة رئيسه مثلا , التي تأدي بدورها الى استلام العنصر البديل المتمتع بدعم اقليمي اكثر من غيره .

نظرا لتبعية القيادة الكردية في قراراتها الى ايديولوجية اخوتها في كردستان وغيرها.
وبقي الشارع الكردي مترقبا لهذه السياسة المعارضة التي تنادي بالديمقراطية و الحرية واعادة حقوق مغتصبة , في حين هي ذاتها تقوم باغتصاب حقوق هذا الشعب من خلال استغلاله لمنصبه ولسلطته حتى الرمق الاخير من حياته,
ولعل هذا ما يفسر سبب دعم حشود الجماهير لولادة مجلسنا الكردي الذي ارتأى فيه خيرا وتبشيرا في ظل اجتياح سوريا ثورات الربيع العربي التي نادت بانهاء حكم العائلة الواحدة و ارساء سوريا الى طريق الديمقراطية ونظام مدني يدعم حقوق الاقليات قبل الأكثرية ويحفظ كرامة المواطن, فقدم الشعب جل ما يملكه من طاقة لهذا الحدث العظيم , لكن تفائله خيرا لم يدم فسرعان ما تم الاعلان عن نسبة الأحزاب والأعضاء المتمثلين فيه من مظمات ومستقلين وغيره كانت الضربة كافية كي يفقد الشعب وعيه ويقطع اتصاله عن الواقع.

فلقد كان واضحا انعدام المستقلين الحقيقيين فيه , وغياب شبه تام للمنظمات المدنية ومنظمات حقوق الانسان ,اي كان حزبيا بامتياز تخدم اجندة الاحزاب المنطوية تحتها.
في حين كان الشباب الكردي الثائر يسطر الشارع ببطولاته وتظاهراته المتضامنة مع بقية الشعب السوري, ان الموقف الشبابي كان واضحا في بداية حراكه التي تمثلت بدعم الثورة السورية بكل طاقته والانخراط فيها على اوسع نطاق والذي كان بحاجة الى من يمثله سياسيا ويترجم مطالبه في المنابر الاقليمية والدولية ويوصل نداء هذا الشعب المظلوم الى مراكز القرار والتي كانت من الفروض ان تكون مهمة هذا المجلس الذي صدم الشارع حين طالبه بالتريث وعدم الانخراط في هذه الثورة, لا بل عليه التصبر ومراقبة ما ستؤول عليه الامور ,
انقسم الشارع بين كتلتين احداها مؤيدة للمجلس الكردي والاخرى كانت معارضة ولعل هذا ما كان اولى انجازات المجلس الذي كان سببا في شرخ الشارع الكردي, وتفرغه إلى مهام ثانوية بعيدة عن الثورة وواقعها, فمنهم من انشغل بالبيانات والتصاريح ومنهم من انشغل بالزيارات الإقليمية والبعض منهم بالدولية, فرصة لا تعوض وخاصة هناك من يتكفل بهذه الرحلات والتي لن تكلف القادة سوى عناء بعض الساعات سفرا في الطائرات العابرة للقارات,
لم تترجم ما تمخض عنه الاجتماع التأسيسي للمجلس الكردي من قرارات سوى قرارات وقرارات.

لا يوجد اي شئ عملي يمارس على ارض الواقع في حين كانت اوضاع المواطنين تزداد سوءا بسبب تبعيات الثورة وما يرافقها من ضعف اقتصاد البلاد وعدم قدرتها على استيعاب كافة مطالب المواطنين.

الذي كان يجب ان يكون من مهام هذا المجلس وانشاء آليات فعالة من لجان حماية مدنية الى خدمية الى تنظيمية تمارس كل منها مهامها بين شعبها وتؤمن حاجياتهم اليومية على اقل تقدير, بل بقي هذا المجلس مجرد رقم لا اكثر حتى بات دوره ينعدم شيئا فشيئا في الشارع.

لا بل اصبح معدوما حين تهافتت تلك الاحزاب الى اعادة تمجيد حزبها في الشارع غير عابثة بقرارات المجلس ومواده.

في حين كان يتراود في الافق صدى عن نشوء تكتلات حزبية داخل المجلس بغية احتكار قراراه لنفسه ,
وبقي الشارع كما عليه لا جديد , حتى تمخضت عن الصراعات الماراثونية الحزبية ولادة الهيئة الكردية العليا بجهود حثيثة من القائد البرزاني.

وعاد الشعب من جديد متئملا خيرا وخاصة كانت المرة الاولى التي تتحد فيه القوى الحزبية الكردية.
ونتجت عنها انشاء لجان مدنية مشتركة بين القوتين الكرديتين من تنظيمية وخدمية وعسكرية واغاثية وغيرها الا اننا لم نشهد اي تمثيل عملي من المجلس الكردي في هذه الهيئات لا بل ظل متمسكا بموقف المتفرج الخائف من الخوض في معركة تحديد مصير شعبه, بل ارتقى الى ان يصبح معدوما تماما.

ولكنه بقي موجودا على الاوراق .
وكانت اخر ما ابدعت به هي الاخرى / الهيئة العليا/ هي ايفاد لجنة تقف على عتبة باب المحافظ ومدير التربية في الحسكة للمطالبة بحصة دراسية رسمية للغة الكردية في مدارس الاسد.

كونه حق من حقوق ابنائها التعلم بلغتهم الام, في حين افتتحت ما لا يعد ولا يحصى من المدارس في القرى والمدن الكردية لتعليم اللغة الكردية.

هذا غير عن المراكز الحزبية.
اذا لماذا هذا التهافت لفتح قنوات حوار مع النظام او ادواته في حين ترفض المعارضة جما وكذلك الشعب السوري بالاعتراف بهذا النظام.

الذي يحاور نفسه لانعدام من يحاوره.

فالشعب الكردي كان موقفه واضحا من النظام حتى قبل اندلاع الثورة.
و بعد عام من ولادة هذا المجلس الذي لم نشهد ما يمكنه من فرض نفسه على الشارع الذي بات مثقلا بهموم ومعاناة المواطنين وعجز عن تأمين حاجياته اليومية.
فهل كانت ولادة هذا المجلس نجاحا تاريخيا ينضم الى التاريخ الكردي السوري ومناسباته القومية .
ام كان فشلا ذريعا يضاف الى قائمة العار السياسي الكردي في سوريا ورقما يضاف الى الساحة السياسية.
selemanhasan@hotmail.com
بلجيكا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…