لكنني شخصيا نشرت مقالة في الثاني من تشرين الثاني عام 2011بعنوان : حول عقد المؤتمر الوطني الكردي تحت عنوان ” مؤتمر وطني أم إجتماع أحزاب؟!(رؤية نقدية) “.جاءت في ديباجتها :”ولد المؤتمر الكردي للأحزاب التسعة ميتا في مهده، لعل لقطات الكاميرا للصور الشفافة قد تكون الشئ الوحيد التي تخزنها الذاكرة الكردية عن المؤتمر إلى حين، لأنه لم يستجب للتطلعات القومية التي طالما إنتظرتها القوى السياسية والشعبية الكردية مطولا.
وجاءت إتفاقية هوليربين المجلس الوطني الكردي ومجلس الشعب لغربي كردستان لتزيد من آمال وطموحات الكرد في غرب كردستان التي إنبثقت عنها الهيئة العليا، وكان من المفروض تطبيق القرارات المتخذة على أرض الواقع، لكن بدل من ذلك جرت الكثير من الأخطاء المميتة مما أفرغتها من مضامينها الحقيقية وحولتها عن المسار الذي يقود إلى الشعب والجماهير الثورية .
ماذا قدم المجلس الوطني الكردي للشعب الكردي خلال عام كامل من الإجتماعات والتحركات،والتنقلات بين هولير وقامشلو والقاهرة وإستانبول،سوى الدعاية الحزبية والشخصية!.
وهل إستطاع فعلا أن يصبح محورا للحركة السياسية الكردية في كردستان سوريا وإستقطاب جميع الفئات والتيارات من حوله؟!.
بالطبع الجواب بالنفي ، فقد فشل المجلس فشلا ذريعا في قيادة الشعب الكردي،بسبب الإزدواجية في المواقف وفي الخطاب السياسي، ولأنه يضم مجموعة أحزاب مختلفة الآراء والتوجهات،لم تتخلص من عقدة التحزب ، فأغلب الأحزاب المنضوية تحت سقف المجلس تعيش في صراعات تناحرية إنشقاقية، تعادي بعضها البعض في إطار إتهامات متبادلة بين رموزها في الشارع، بينما تعمل معا في إطار المجلس وهو تناقض سياسي واضح ، وبالتالي فالعديد منها تعيش حالة العشيرة الحزبية، ولم ترتق بأفكارها بعد إلى المستوى اللائق لتكون مؤهلة لقيادة حركة التحرر القومية الكردية في هذا الجزء من كردستان.
ناهيك عن أن أحزاب المجلس كل يعمل على هواه، فمنهم من لم يخرج عن الخطوط الحمر المرسومة منذ عقود من قبل النظام، ومنهم من وقفت في وجه المظاهرات الشعبية في المدن والبلدات الكردية إرضاء لأجهزة الدولة، إضافة إلى وجود فصائل شبه ثورية بينهم إنصاعوا لإرادة الآخرين ربما دون قناعاتهم.
لم ينجح المجلس حتى الآن في صياغة مشروع نهضوي إستراتيجي حقيقي للحركة السياسية، أين المشروع المستقبلي لفترة مابعد السلطة الدكتاتورية، وهل إتفقـت الأطراف على مطالب الكرد، وماذا ينشدون : تقرير المصير أم فيدرالية أم نظام لامركزي أم ….إلخ، ومن ثم هل نجحوا في إستمالة الطرف الآخر- العربي إلى جانب الحقوق الكردية والتأثير في مواقفهم تجاه القضية القومية الكردية .
والسؤال الأهم لماذا يتهرب المجلس من الأطراف الكردية الأخرى، وبالأخص من الفئات الثورية الفعالة في الشارع الكردي من تنسيقيات شبابية وإتحاد القوى الديمقراطية الكردية ، ان من ينشد الحرية بالفعل لايترك أحدا خارج السرب.
ولكن بالعكس من ذلك وبسبب تعنت بعض قيادات المجلس وإعتبار نفسها ودونما شرعية، ممثلا عن الشعب الكردي ، وعدم قراءته الواقع قراءة صحيحة ،فقد تقلص نفوذ المجلس الوطني الكردي في الشارع وبات يفقد مصداقيته ولاسيما بعد فشلهم في تطبيق إتفاقية هولير وتحول شريكهم في الإتفاقية ” مجلس شعب غرب كردستان” نتيجة تخبطاتهم إلى قوة معتبرة.
عام كامل مضى وفشل المجلس في البحث عن الكاريزما داخله، وتوسعت دائرة الصراعات على تشكيل مجالسهم، بسبب سيطرة فكرة الحزبية الضيقة كأولوية وتفضيلها على المشروع القومي المصيري، بل وتوسيع بعض المجالس دون حاجة لذلك، إذ أخذ الجميع يبحث عن مكانة له في أحد الأماكن، ركضا وراء بعض الإمتيازات البسيطة حزبية وشخصية،التي لاتساوي شيئا أمام القضية الحقيقية.
وبالتالي دخلوا في الصراع على احقية التمثيل والسفر إلى خارج البلاد والعودة إليها مجددا بحرية مطلقة مما تركت تساؤلات مشروعة.
لابد من الإشارة إلى أن المشروع الوحدوي وإتفاقية هولير برئاسة رئيس إقليم كردستان الأخ مسعود بارزاني تشكل خطوة تاريخية، لكنها تعثرت ولم تجد طريقها إلى التطبيق، كما لابد من الإعتراف بأن هناك العديد من العقول النيرة والشباب المتحمس يؤيدون المجلس وينتظرون منه خيرا.
ولكن إلى متى ؟!.
يبقى القول، إذا أراد المجلس الوطني الكردي أن يلعب دورا رياديا وأن يستمر كمشروع، من الضروري مراجعة الذات، وإجراء عملية جراحية سريعة، والقيام بالآتي:
1- توسيع دائرة أعضائه والعمل من أجل قيام جبهة قومية كردية عريضة في غرب كردستان تضم كافة الفصائل والتيارات والتنسيقيات والشخصيات الإعتبارية والوطنية دون إستثناء وهو الطريق إلى لملمة الشارع الكردي وتحويل الحركة الكردية إلى واقع حقيقي معتبر، بما يخدم الشعب الكردي، بالإتفاق مع جميع مكونات كردستان الإتنية والدينية.
2- وضع إسترتيجية قومية واضحة ورؤى مشتركة حول مستقبل الشعب الكردي وخياراته .
3- التخلص من العقلية الحزبية والإرتقاء إلى مستوى فكر قومي ديمقراطي سبيلا نحو النصر والنجاح.
4- الإعتماد على التكنوقراط وأصحاب الخبرة في إنشاء المجالس وليس على المحاصصة الحزبية، فعقلية التحزب الضيقة مسيئة وتتناقض مع مشروع النهضوي القومي.
الأحزاب جميعا تعمل في إطار المصالح القومية العليا .
5- فتح الحوار فورا مع إتحاد القوى الديمقراطية الكردية كطرف موجود معتبر وتنسيقياته، وقد أخبرت أصحاب القرار في المجلس الوطني الكردي مرتين خلال زياراتهم إلى هولير بذلك، وهي خطوة تدخل في إطار الإستراتيجية القومية .
6- إتخاذ الموقف وبكل وضوح من النظام الدكتاتوري الفاقد للشرعية.
7- عودة القيادات إلى ساحة النضال في الداخل.
8- تطبيق بنود إتفاقية هولير مع الطرف الآخر أو إتخاذ موقف من ذلك وتوضيح الأمور.
وإذا عجز المجلس عن القيام بمهامه الحقيقية هذه وغيرها، فإنه في طريقه إلى الزوال، وستشهد الساحة الكردية في كردستان سوريا بعد زوال الدكتاتور أشكالا جبهوية جديدة وقوى مؤثرة أخرى.
———————————–
*.
سكرتير البارتي الطليعي الكردستاني – سوريا (Pêşeng).