رعايا ام مواطنون

  د.

كاميران حسين

لقد أثبتت التجارب التي مرت بها الحركات السياسية في العالم عامة والشرق الأوسط خاصة انها كلما كانت أقرب الى الفكر الديمقراطي والليبرالي الحر كلما انتعشت وتوسعت بين الشعوب وكلما كانت تستند الى النظريات الشمولية والعمومية كانت أقرب الى الزوال، بدءا من التجربة الشيوعية التي توفرت لها امكانات هائلة وقوة عسكرية ضخمة مرورا بالفكر الديني الذي حاول الاعتماد على المشاعر والاحاسيس والتفسيرات الطوباوية للعالم وقضاياه.
فالتجربة الشيوعية تلاشت او تكاد بعد سنين طويلة من الانتعاش والتمدد بين الأمم والشعوب وذلك لتوقفها عند فكرة ” البروليتاريا” والدكتاتورية، فنسخت البشر والحجر وقضاياه في نمط واحد بلون واحد وتوجه واحد، ورؤى لم تستطع مجاراة التطور والتقدم الهائل الذي حدث في العالم بعد الثورة التكنيكية والالكترونية التي أوجدت أشكالا أخرى لأنماط السلوك والحكم وحتى الدول، فلمجرد ان حاول المصلحون السوفييت (كمثال) ان يصححوا بعض الخطوط العامة في تجربتهم الشيوعية حتى انهار النظام كاملا..

وكذلك يمكن العودة للتاريخ والنظر الى مصير الحركات الدينية في أوروبا التي تراجعت بعد زهوها واستقرت أخيرا في قلوب المؤمنين، بعيدا عن قاعات الحكومات ومقاعد البرلمانات، وهاهي الحركات الدينية وبعد ثورات الربيع العربي لا تستطيع الدفاع عن نفسها او حتى عن فكرها فهي وان وصلت الى سدة الحكم هنا وهناك..

فانها تحاول تطعيم حكوماتها بفكر آخر ليبرالي على الأغلب وذلك لتستند عليه في البقاء، وخلاصة القول ان الفكر الشمولي قد ولى زمنه، وأثبت فشله على كل الأصعدة.
من هنا كانت الحاجة لإيجاد منظومة سياسية او إطار سياسي ليبرالي في عموم كردستان التي كانت ومنذ ظهور حركتها السياسية تتأرجح بين الفكر القومي والعشائري وبين بعض التيارات الماركسية التي لم تستطع التصالح مع ما سبقها من حركات وتيارات وجدت على الساحة الكردية فهي في عمقها كانت أقرب الى ما سبقها من حيث توجهها القومي او الشمولي وان تلبست بلبوس اليسار والتقدم والديمقراطية .
ان ظهور الإتحاد الليبرالي الكردستاني – سوريا.

كان حاجة جماهيرية وفكرية و وطنية  لا سيما في الظروف الحالية التي يمر بها الشعب السوري عامة و شعبنا الكردي بشكل خاص.

وخلال نصف سنة من ولادة هذا الاتحاد استطاع ان يستقطب الكثير من الجماهير الكردية ويكون أحد التيارات الفاعلة قي الحراك الثوري الكردي سواء في سوريا أو أوروبا.
اذ انه قام ومنذ الأيام الأولى للثورة السورية بالمشاركة الفعالة في الكثير من النشاطات التي تواكب الثورة ، وعقد العديد من اللقاءات الرسمية والودية مع الحركة الكردية سواء داخل المجلس الوطني الكردي أو خارجه.
واستطاع الاتحاد اقامة العلاقات العديدة مع الكثير من الأحزاب والحركات الكردية سواء داخل الوطن أو خارجه، كما انه قام بنشاط واضح وفعال في التظاهرات الجماهيرية التي تتشكل على أرض الوطن، وخارجه، و قام رفاقنا في الخارج بتنظيم الكثير من التظاهرات وعقد العديد من اللقاءات السياسية مع الأشخاص و المنظمات التي تدعم حقوق شعبنا في الانعتاق والحرية وعلى الصعيدين السوري والكردي.
وفيما يتعلق بالأزمات التي تجتاح البلاد طولا وعرضا فلا بد لنا هنا من القول اننا كنا ومنذ البداية نحذر من انزلاق الثورة الى مسالك وطرق هي في غنى عنها، فالنظام جر الثورة جرا الى التسليح، وحمل السلاح، فليس من المنطق ان يدخل شبيحة النظام بيوت المواطنين العزل ليقتلوا ويذبحوا، ويسكت المواطن المسكين بحجة السلمية، فالسلمية لا تعني ان تمد رقبتك لسواطير الشبيحة، وللأسف فان هذا الوضع المستجد جعل بعض الدول ان تنظر الى الثورة السورية كصراع على السلطة بين طرفين، مما قوى الموقف الروسي الصيني اللاأخلاقي من ثورة الشعب السوري، لتبدأ موسكو وللحفاظ على ماء وجهها أمام المذابح التي يتعرض لها شعبنا، بالدعوة الى ” الحوار بين كافة الأطراف ” وبذلك فهي تساوي بين القاتل والضحية، أو كما لو ان الأمر مجرد صراع على السلطة بين الحكومة وبين أطراف معارضة.
ان العالم مدعو اليوم ليقف موقفا اخلاقيا صحيحا من ثورة الشعب السوري، ويتحرك في كل الاتجاهات لوقف حرب الإبادة التي يشنها النظام وعصاباته بحق الشعب السوري، ان النظام هو المسؤول الأول والأخير عن حمامات الدم وتهديم بيوت الناس، وتشريدهم، فهو يقوم بخبث في تحطيم البنية التحتية للبلد، ليحولها فيما بعد الى مزرعة فقيرة يتملكها مجموعة من العصابات والشبيحة والعوائل التي كانت تقوم بذلك خفية فيما سبق.
ويحاول النظام اليوم ان يظهر للغرب بأنه يدافع عنه ضد خطر الأصوليات الدينية والمذهبية التي كان حتى الأمس القريب يرعاها ويوفر لها الحماية ويمدها بالسلاح والمتفجرات، كل ذلك ليظل على رأس سلطة هشة هدفها الأول إذلال الشعب السوري الذي ثار بوجهه، فهو ظل على مدى نصف قرن لا يرى في المواطنين السوريين الا رعايا وقطعان من الغوغاء والسبايا في مزرعته الكبيرة التي يسميها في خطاباته الرنانة سوريا الممانعة، وجن جنونه حين رأى هؤلاء (الرعايا) يقومون بثورة تعيد لهم كرامتهم وحقوقهم في العيش الكريم.ولأأا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…