د.
كسرى حرسان
تعد ظاهرة الهجرة الكردية والشباب الكردي بالأخص من منطقة الجزيرة السورية في هذه الفينات إلى بلدان الاغتراب ظاهرة متجددة رائجة السوق، إلا أنها تتسم في هذه المرحلة بعوامل اصطناع فريدة من نوعها بتأثير الواقع الجديد.
كسرى حرسان
تعد ظاهرة الهجرة الكردية والشباب الكردي بالأخص من منطقة الجزيرة السورية في هذه الفينات إلى بلدان الاغتراب ظاهرة متجددة رائجة السوق، إلا أنها تتسم في هذه المرحلة بعوامل اصطناع فريدة من نوعها بتأثير الواقع الجديد.
ففي الوقت الذي تشهد فيه سوريا غلياناً شعبياً وأتوناً دموياً يدفعه أبناؤها ثمن مطالبتهم بالحرية تقشعر له الأبدان ويندى له الجبين ، خطط له القمعيون أصحاب الفكر الطائفي الرصين وبأيديهم مقاليد الأمور بمنهجيةٍ ودهاء لا سابقة لها في التاريخ القديم والحديث على حد سواء، ذلك أن موقف العالم المتحضر جاء غير منسجم مع تطلعات الشعب السوري التائق للتحرر والخلاص بل خاذلاً ومخيباً.
وسط هذه الجعجعة تنبعث هجرة الأكراد تارة أخرى دونما دواعٍ مستوجبة، لأن طابع التصنع هو ما يحكمها ويدفع بعجلتها دفعاً متسارعاً، رغم ما يبدو من صبغتها العفوية البريئة، لكن الحقيقة أنه ثمة أيديولوجية تتحكم بها وأيدٍ أليفة تنفذها ليس في حسبان أحدنا التعامل معها بالحذر، وخير دليل على هذا الاستقراء هو أن الجهات القائمة عليها لا تراعي شروى نقير مصالح أولئك الشبان الطيبين الذين هم في أعمار الورد، لأن عملية التهجير تنأى بهم عن مسقط رؤوسهم الذي هو بأمسِّ الحاجة إليهم، كما أنها مرفوضة ديموغرافياً أيضاً نظراً لكبر كثافة الهجرة، ناهيك عن الانعكاسات المعنوية للاغتراب، فأن هذا التوجه خطير لدرجة فقداننا العنصر الشبابي وافتقار المجتمع الكردي لثقته بنفسه وتعريضه من ثم للتفكك والانهيار، ولذلك فالمسعى التحريضي هذا أهوج وغير مسؤول لا يليق بأصحابه الذين يفترض بهم أن يتحلوا بالوعي والإدراك، بل يسدي خدمة جليلة لأعداء الشعب الكردي، فأبعاد الكارثة أكبر مما نتصور أو من أن نستهين بها، بل تحتم علينا أن نكون بمستوى العبء، نظراً لكون المحنة السورية واحدة، والغاية هي قلع هذا الشعب من الجذور، ولا يحتاج هذا التحليل إلى إثباته كونه بديهية مسلماً بها.
كما قلتُ أحدِثت ظاهرة الهجرة هذه إحداثاً، والحجة الحصول على فرص العمل في الخارج – في الظاهر – لمن يعاني من مشكلة البطالة المتفشية في الوسط الكردي، بسبب السياسة العدائية الممنهجة الممارسة بحقه منذ أمد بعيد – تجريده من الجنسية، نهب ثرواته ومقدراته، تطبيق الأساليب التعسفية المسيَّسة التي أنهكت قواه إنهاكا ملحوظاً –، حتى غدا فريسة مستسلمة بين براثن الانتهازيين الذين لا يهمهم الإثراء فقط بل والإساءة إلى المجتمع الكردي أيضاً.
كلنا يتفهم الوضع المعيشي المزري لشبابنا؛ بحيث أصبح لا يتسكع إلا على ضعفه، تضم شتاته اليائس المستسلم للبطالة وآثارها الأزقة والطرقات.
نعم كنا فيما مضى نحثه لتحسين أحواله المعيشية ولو بالتغرب، أما الآن فوجه الهجرة قد اختلف؛ إذ تحولت من هجرة بناءة إلى هدامة لا تعالج المشكلة بقدر ما تعرّض شخصيتنا للانحلال.
فالهجرة الشبابية حصراً لها منعكسات مصيرية، ولذلك استحالت بدعة سياسية الغرض منها إخلاء الأرض من سكانها باستهداف العنصر الشابّي، لأنه نواة التجمع الإنساني.
لذا أهيب بالشرفاء المخلصين أن يتنبهوا لهذه الأحبولة، ولاسيما أن الحالة الأمنية محرضة بحد ذاتها.
حقاً إن واقع الهجرة المستجد في أيامنا هذه خطير، بل مقلق ومقض للمضاجع، كوننا نعايش حالة شاذة غير عادية ستودي بمصيرنا لا قدر الله إلى نهاية غير محمودة، أيسر عواقبها ذوبان الشخصية الكردية التي لا شيء يثبتها إلا تشبثنا بديارنا، وكفى بالتشرد مرارة اجتراع.
كما قلتُ أحدِثت ظاهرة الهجرة هذه إحداثاً، والحجة الحصول على فرص العمل في الخارج – في الظاهر – لمن يعاني من مشكلة البطالة المتفشية في الوسط الكردي، بسبب السياسة العدائية الممنهجة الممارسة بحقه منذ أمد بعيد – تجريده من الجنسية، نهب ثرواته ومقدراته، تطبيق الأساليب التعسفية المسيَّسة التي أنهكت قواه إنهاكا ملحوظاً –، حتى غدا فريسة مستسلمة بين براثن الانتهازيين الذين لا يهمهم الإثراء فقط بل والإساءة إلى المجتمع الكردي أيضاً.
كلنا يتفهم الوضع المعيشي المزري لشبابنا؛ بحيث أصبح لا يتسكع إلا على ضعفه، تضم شتاته اليائس المستسلم للبطالة وآثارها الأزقة والطرقات.
نعم كنا فيما مضى نحثه لتحسين أحواله المعيشية ولو بالتغرب، أما الآن فوجه الهجرة قد اختلف؛ إذ تحولت من هجرة بناءة إلى هدامة لا تعالج المشكلة بقدر ما تعرّض شخصيتنا للانحلال.
فالهجرة الشبابية حصراً لها منعكسات مصيرية، ولذلك استحالت بدعة سياسية الغرض منها إخلاء الأرض من سكانها باستهداف العنصر الشابّي، لأنه نواة التجمع الإنساني.
لذا أهيب بالشرفاء المخلصين أن يتنبهوا لهذه الأحبولة، ولاسيما أن الحالة الأمنية محرضة بحد ذاتها.
حقاً إن واقع الهجرة المستجد في أيامنا هذه خطير، بل مقلق ومقض للمضاجع، كوننا نعايش حالة شاذة غير عادية ستودي بمصيرنا لا قدر الله إلى نهاية غير محمودة، أيسر عواقبها ذوبان الشخصية الكردية التي لا شيء يثبتها إلا تشبثنا بديارنا، وكفى بالتشرد مرارة اجتراع.
وبناءً على هذا الواقع الجديد المفروض والمصطنع، يتوجب علينا في الختام أن نتحرز تماماً من هذه الأيدلوجية الحاقدة الرامية إلى الفصل بين الوطن والشعب ذات الآثار التدميرية، وذلك بمحاربتها والوقوف في وجهها بحزم وشدة، لنقي كياننا من جلل، وسلاحنا تجربتنا المريرة.