دلكش مرعي
أن من بين الظواهر الشائعة داخل مجتمعنا الكردي هي ظاهرة الشكوى والتذمر والـتأوه والولولة واللعنة على هذه الدولة الظالمة المضطهدة للكرد أو اللعنة على هذه الجهة أو هذه الشريحة وغيرها من اللعنات التي تنثر هنا وهناك حيث نعتقد نحن الكرد بأن سبب تخلفنا وجهلنا واحتلال بلادنا هي بسبب المؤامرات الخارجية التي كانت ومازالت تحاك ضدنا من قوى خارجية أو عظمى أو من الشعوب الجارة وكأن الشعب الكردي كان الوحيد المستهدف للمؤامرات من بين شعوب الارض وغيرها من الكلام في هذا الصدد فنحن كنا وما نزال نرمي جلى إخفاقاتنا وانكساراتنا ومآسينا عل الآخرين فشعار ضد الامبريالية والاستعمار وضد الرجعية وضد هذه الشريحة الكردية أو تلك وغيرها من الشعارات المشابه التي يتم تداولها حتى الآن بكثرة داخل مجتمعنا ….
فنحن نعتقد بأن هذه الجهات هي وراء حالتنا المزرية البائسة وبأن هذه القوى هي التي حاكت وتحاك ضدنا المؤامرات والمكائد وتنصب لنا الفخاخ والخوازيق دونا غيرنا وبأن هي التي تتحمل وزر تعاستنا وتخلفنا وجهلنا وغير ذلك من التهم التي تنسب الى نظرية المؤامرة فالشعوب المتخلفة لا تعلم بل وتتعامى بأن ثرواتها وناسها وأرضها هي تركة لشعب مريض متخلف جاهل يغرف من ثرواته ما هب ودب من الجيران ومن غير الجيران فهذه الشعوب ومن بينها بطبيعة الحال شعبنا الكردي تؤول وبكل أسف تؤول معظم عوامل فشلها وبؤسها الى قوى داخلية أو خارجية لتبرير ذاتها والتملص من الاسباب الحقيقية التي أوصلتها الى هذا الواقع … فهي تتجاهل وتتعامى عن السبب الجوهري عما حصل لها تاريخيا ويحصل لها في حاضرها المعاش فهل سأل الكرد يوماً لماذا حصل جميع الشعوب التي تحيط بكردستان على استقلالهم السياسي وتمكنوا من ان يعيشوا ضمن دول مستقلة لها كياناتها السياسية ؟ ولماذا ظل الكرد وحدهم دون هؤلاء جميعاً ؟ وهل سأل الكرد يوماً عن السبب الذي اقتسم عبره كردستان بثرواتها الهائلة وناسها كغنيمة حرب بين الترك والعرب والفرس – وببلاش – ؟ وهل حالة التشرذم والتبعثر ومحاربة الذات وبيعه وجلده كردياً في سوريا الآن وفي هذا العصر هي مؤامرة امبريالية أو تركية أو فارسية أو عربية ؟ صفوة القول هنا هو أن أخطر ما انتجته نظريات المؤامرة لدى الكرد ولدى عموم شعوب المنطقة بأن هذه النظريات قد موهت وغطت وحرفت المسار عن محاربة العدو الحقيقي الذي تكمن في جهلنا ومكونات قيمنا وعقائدنا المتخلفة التي لا تنتج سوى البؤساء والمساكين والوقائع المزرية مع احترامنا الشديد لكل الشرفاء الذين ضحوا ومازالوا يضحون في سبيل حرية هذا الشعب وحقوقه وليس في سبيل مصالح هذا الحزب أو ذاك ومصالحها الأنانية فمن يلقي نظرة الى الفوضى وعدم الاتفاق السائدة الآن في الشارع الكردي في سوريا فأنه لن يجد وبكل أسف سوى الجدل البيزنطي العقيم وحالة الصراعات الفوضوية بين الأطراف السياسية فاللغة التي تملأ الحيز الفارغ في هذا الشارع هي لغة المشاحنات والعنعات ومحاربة الذات ولوم هذا الطرف أو ذاك وهذه المؤامرة أو تلك فكل الجدل توظف بثرثرتها وطلاقتها اللفظية تستغل في مجتمعنا توظف لنفي حالة البؤس والشرذمة الحاصل في واقعنا التي تستغل كأداة للتستر على عورات الأحزاب السياسية فهي التعبير الفاقع للهروب من العناء النفسي والفراغ الوجودي الذي نعاني منه نحن الكرد في سوريا الآن … فمن المؤسف ان نقول بأن من طبيعة الشعوب المتخلفة هو الهروب دائماً عن دراسة مكونات جهلها وقيمها وعقائدها المأزومة التي اوصلها الى حالة التخلف والبؤس والاحتلال ووضع اللوم دائما على مؤامرات الآخرين لا بل إذا وجد من يحاول دراسة جملة هذه الأفكار وتقيمها ونقدها فهؤلاء في نظر هذه القوة المتخلفة هم خونة خارجون عن القانون وشزاز آفاق وعملاء يتجاوزون الخطوط الحمر في المقدس الوطني وغيرها من الأمور .
كلمة أخيرة نقول : الوقت في سوريا يستنزف وهناك طريقان امام القوى السياسية لا ثالث لهما فأما أن تحقق هذه القوى وحدة هذا الشعب بقواه الفاعلة على الأرض لتكون هذه الوحدة هي الضمانة الى تحقيق الحقوق المشروعة لهذا الشعب ..
أو العمل من أجل المصالح الحزبية وبعدها تحقيق لعنة التاريخ الذي لن يرحم
أو العمل من أجل المصالح الحزبية وبعدها تحقيق لعنة التاريخ الذي لن يرحم