حجر الصوان*…!!!

خليل كالو
لولا الخشية من الاتهام بالشوفينية والمبالغة والغلو أو الخرف لقلنا بأن الكرد من شعوب الأحجار الكريمة لا لأننا تمايزنا حضارة وازدهارا ومساهمون في صنعها بل لشدة مقاومتهم للانصهار والذوبان والاندماج في بوتقة ثقافات الغزو والحملات الإبادة والتطهير والتهميش للشوفينية الحاكمة على بلاد الكرد  ولكن من خلال متابعة السيرة الذاتية وقراءة التاريخ لمراحل متعاقبة لتطورنا يتشكل لدى المرء انطباع وحكم بأنه يمكن أدراج بنو الكرد ضمن مجموعة الشعوب الصوانية إذا صنفوا يوما ما لسببين جوهريين.
 أولا ….

مدح لهم بسبب قساوتهم للحز والنخر والتلف ومقاومتهم الطبيعية للصهر والذوبان على مدى قرون مضت أثناء تعرضهم للتقسيم والغزوات الثقافية والاحتلال والعبث المركب من عدوهم ونخبهم الاجتماعية والسياسية على حد السواء ولم يخضعوا لنظام الدولة الخاصة بهم وقد كانوا حتى وقت قريب عشائر متفرقة ناهيك عن حملات الإبادة والسياسات العنصرية في تاريخه المعاصر والأهم من كل هذا كله هو ما فعلها نخبه سابقا وما يفعلها الآن أحزابهم من تفريط والعبث بشؤونهم وتركهم تحت رحمة السياسات الحزبوية المزاجية فبقي هم كما هم كحجر صوان جبالهم .

ثانيا….ذم لهم بسبب مقاومتهم الشديدة للتغيير الذاتي وتخلفهم على الصعيد الثقافي والفكري والتنظيمي والشخصية من خلال نخبهم المتنوعة السياسية والثقافية والاجتماعية والروحية علما بأن الظروف الموضوعية وما تعرضوا إليه من ظلم واضطهاد والأحوال المعيشية الصعبة تشكل حافز كبيرا للتفكير السليم والثقافة المنتجة وتغيير منهج التعامل مع المحددات التي تبقي على أسباب شقائهم وعبوديتهم “”الحاجة أم الاختراع “” ولكن حتى هذه اللحظة فإن مستوى ودرجة التغيير وضيعة وتمسك عجيب بالموروث المعوق مقارنة مع المستجدات المحيطة بهم ويعزى السبب بالتأكيد إلى بلادة نخبهم وسوء أدائها.


إن الشعب الذي تؤول به الأحوال إلى هذا الدرك من البؤس والتشتت واغتراب الشخصية ليست أسبابه لخسارته حرب أو معركة خاضها ضد عازي بل كانت هزيمته نتيجة منطقية لفساد قادته وجهازه التنظيمي والإداري وعدم مقدرته لتحمل المسؤولية وكان دائماً يتلقى نبأ الهزيمة بعقلية لا تشرفه ولعن بعضه بعضاً قبل غيره ولم يشكر التضحيات التي قدمها أبناؤه نتيجة سلوك التفرد والأنانية وشكل في اغلب الأحيان الطابور الخامس أو بالأحرى جزءاً من الخيانة.

فلو كان العدو أو القدر مسئولا أساسيا عن هزيمتنا لما وجدا بيننا من يفرح بالمحنة ويرقص طرباً بالهزيمة ولما تبجح متبجح وتشدق وثرثر وساهم في أضعاف الكرد ولعب بقدراته ومصيره وتعاون مع العدو إلى حد حمل السلاح والقتال إلى جانبه .

ربما كان انطباع احد ضباط الأتراك صحيحاً “من بين كل اثنين من الكرد تجد كردياً خائناً لقومه”
ما أقل الكرد الذين لاحظوا في الوقت المناسب أعراض مرض الاغتراب عن حقيقة الذات والتفتت الوجداني والانتماء  بالمقارنة مع حجم القضية المركزية التي يسعون من أجلها وسقوط الشخصية في مستنقع الفردية والأنانية على حساب مصالح الجماعة وأقل منهم الذين اكتشفوا موطن الداء وحاولوا مكافحته بنيات طيبة وقيام بعض المخلصين بتدارك الوضع ولكن لم يكن الإخلاص كافيا لحل مثل هكذا مسائل صعبة ومزمنة فخلطوا بين أعراض المرض وأسبابه .فلا يزال الكرد ومن خلال نخبه السياسية والثقافية التي تعمل في حقل الكردايتي يعزون بمجمل أسباب الهزيمة والسقوط وتلف الشخصية الكردية في مراحل مفصلية من التاريخ إلى الظروف الموضوعية أولا  ويبررون مسئولية نخبهم هذه الأيام ثانيا بسبب ثقافة الأنا والدور وعجز تلك النخب بالبحث عن الأسباب بل تعالج النتائج وتعيش على التناقضات وتبني عليها سياسات وأفكار عامة فتأتي النتائج بالضرورة غير مرضية وعكسية في كل الأحوال .
خلاصة الكلام ..

ما زال اقتراب القوى الكردية من المسألة القومية سطحية لا تتجاوز سياسات حزبوية عقيمة ونمطية غير منتجة لا تخدم الكردايتي  موزعون ضمن مصفوفات ومحاور بلا فكر قومي جمعي ووسائل  كفيلة لبناء إنسان جديد ومنتج .

فحتى هذه اللحظة لا يوجد للكرد السوريين من مشروع قومي واضح متفق عليه ومؤسسات حيوية لتجاوز الظروف الموضوعية والذاتية المحيطة بهم وعلاج الضعف المزمن في هيكلية الجسم الكردي العام  قبل الإقدام على أي شيء آخر كما ينبغي وذلك بالتفكير المنتج وكيفية الانتقال إلى حالة أرقى وجديد منشود من خلال نقد كل الموروث البالي شر انتقاد وتفعيل الكفاءات الذاتية ونبذ ثقافة الأنا ومنعها من التداول بالتنوير والاستبدال لبناء الشخصية الحقيقية .


·  الصوان من الحجار القاسية جدا تشتهر جبالنا به ويأتي ترتيبه على سلم موس للقساوة الدرجة “8” من أصل “10” الذي يحتله الألماس

 

24.9.2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…