انتفاضة قامشلو وبداية الصراع

سيداي زانا

من خلال مواكبة مسيرة الحركة الكردية في سوريا, والعمل التنظيمي الجاري في صفوفها, وخاصةً من خلال المحطات الهامة والتي نعتبرها مرحلة تقييم للسابق والانطلاق نحو الأفضل في النضال, وكان من المفروض في تلك المحطات غربلة العناصر, وبالنتيجة الخروج بعناصر جديرة وبعقلية قابلة للتغيير وأصحاب المشاريع والمبادرات والتي تسعى إلى الارتقاء بالحركة الكردية نحو وضعٍ أفضل تحمل سمات المرحلة المستقبلية وتضمن من خلال برامجها الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردية ولكن الشيء الذي يحدث في أحزابنا الكردية هو عكس ما ذكرناها في مقدمة هذا الموضوع فقبل الوصول إلى تلك المحطات, تظهر العقلية التقليدية بالتحرك لتشكيل شلل والتكتلات وتعيين رموز وإجراء التحضيرات اللازمة بأساليبها التكتلية, والتي أعتبرها موروث ثقافي لهم

وبهذا النمط من التفكير والذي يعتبرونه أسلوباً نضالياً في سبيل حرية شعبهم, يتحرك تجار التكتلات لوصول عناصرها وتجاوز تلك المحطات بذكاءٍ بارع.

وكل ذلك من أجل دعم فلان من الناس وإبقائه في القيادة, وبالنتيجة تتشكل قيادات تحمل أفكاراً تكتلية وشللية, وغير قادرة على متابعة المسيرة ومواكبة التطور, فلذلك تتراوح الحركة الكردية في مكانها.
فالمشكلة ليست مشكلة البرامج أو الأهداف أو أساليب النضال, بل هو بقاء العقليات القابلة للتطور خارج دائرة الضوء بسبب اللوبي التكتلي العشائري, الذي يحمل في دمائه مرض السلطة والزعامة والوجاهة, وقد تكرر هذه النسخ من القيادات منذ خمسة عقود في حركتنا وأحزابنا, وهذا هو السبب الرئيسي برأينا في انقسامنا وتفرقنا وعدم وحدتنا أو تشكيل مرجعية تجمعنا لتخدم أهدافنا القومية, فالعقلية التكتلية تسري كالسرطان داخل جسم الحركة, وتطوق العناصر الكفوءة والمخلصة, والتي تحمل أفكاراً تضمن من خلالها آمال وطموحات شعبنا المضطهد, وتنقل المجتمع الكردي من هذا المأزق الذي يعيش فيه أكثر من خمسون عاماً.
فانتفاضة الثاني عشر من آذار 2004, انطلقت من قامشلو لتقول لا للظلم والاضطهاد, لا لقمع السلطة وإجراءاتها الشوفينية, لا للتفرقة والانشقاق, نعم للوحدة والتغيير, نعم للفكر القومي, نعم للقيادات الشابة المخلصة التي تحمل أفكاراً ثورية وتحررية, لا للقيادات التكتلية والتي تحركت بموازاة تحرك السلطة والأجهزة الأمنية لوقف هذا المد الثوري الكردي, والذي كان من المؤمل أن تحمل في طياتها ونتائجها قيادات قادرة على خوض النضال واجتياز مرحلة اليأس وكسر حاجز الخوف, وخلق انطلاقة جديدة, ولكن الصراع لا زال مستمراً بين الأفكار التي انبثقت من تلك الانتفاضة وبين خط القيادات التكتلية والتي تعرقل عجلة التطور, وتحاول إعادة التاريخ إلى الوراء, لكن العجلة تحركت في الثاني عشر من آذار والتي تتوقف رغم ما تعترضها من عراقيل, وهذه بداية لمرحلة جديدة, وأن غداً لناظره قريب.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…