التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة القيادية لمنظمات البارتي

اجتمعت اللجنة القيادية لمنظمات الحزب في أوائل كانون الثاني من عام 2007 , ومع اطلالة العام الجديد , بعد سنة ميلادية مفعمة بالأحداث … وقد وقف الاجتماع مطولا على الوضع التنظيمي والاجتماعي والسياسي للحزب وقضية وحدة البارتي , والسبل والوسائل الممكنة في ذلك بما يحفظ القيم الحقيقية للوحدة , كما عالج مسائل الاعلام والثقافة , والدور المؤسساتي الذي ينبغي أن يرسخ في المسيرة الجديدة , وأن يترجم الى واقع نضالي , يأخذ في الاعتبار الدور الجماعي , والقرارات والتوصيات المتعلقة بضرورة الارتقاء الى مفاهيم المرحلة , وما تستوجبه من اعادة نظر في النظام المركزي الذي كان متبعا , بحيث كانت القرارات الفوقية تطغى على القيم الجماعية , وتقودها – في كثير من الأحيان- الى تمركز وتبعية تلغي البادرة , وتشطب على ابداعات الكوادر المتقدمة

مما لم تعدله أهمية في عالم يجنح الى الامعان في مسيرة الحرية والديمقراطية والتداولية , والانعتاق من الوصاية والفردية المفرطة , والتي كانت من أكبر أدوار الحركة الكردية , وأكثرها ايذاءً للطابع المؤسسي الذي ينبغي صيانته , وتوفير أسباب نجاحه , والوصول به الى فتح الآفاق , والكشف عن القدرات والابداعات المقهورة , والأخرى الكامنة , والمعززة للسلاسة الحزبية , والطواعية في اتخاذ القرارت , والبرمجة في التنظيم والتثقيف والاعداد ..

مما يعد انطلاقة موضوعية لأفق جديد , يفترض فيه أن يترسخ , وتتعمق مفاهيمه , وينتقل اليه الحزب باتزان مدروس , يفضي الى افهام الحركة الكردية , أنَّ منطق الاستئثار هو أقرب الى قيم الاستبداد والتسلط التي تعد مذلة بالقياس الى التطلع الهادف والمرجو , والطموح المنشود الى مزيد من الانطلاقة الابداعية الى قيم المجتمع المعاصر , في التحول والتغيير والديمقراطية الحقة فكراً وممارسة , في تفاعل عملي من تحرر الذات , وشدها الى كل ما هو منعتق وحر ومطوع في مسيرة الحزب والحركة , ودورهما في اغناء الحياة النضالية على أسس جديدة ..

مما يفترض في الحركة أن يكون اجتماعها على خط جديد , يستوجب فهم أبعاد المرحلة التاريخية الدقيقة , والسمو اليها , وتبديل الآلية النضالية التقليدية , الى عمل أكثر قدرة على المواءمة والتجاوب مع القيم النضالية الهادفة الى نقلة نوعية , تتوحد حولها القواسم المشتركة العليا , في الوجود القومي الراسخ للكرد في سوريا , تاريخياً وجغرافية , شعباً وأرضاً , وما يستلزم ذلك من المطالبة الدستورية والقانونية بالاقرار النصي بذلك , واخراجه من حالة الانقسام والتردد حول جدوى العمل المحوري , والنضال السلمي الديمقراطي المشروع , والذي يتجسد ويتفاعل مع المبادىء الأولى لحقوق الانسان والقانون الدولي , وشرائع الأمم المتحدة , مما يعد الركيزة النضالية الأساسية لمجمل المفاهيم والقيم القانونية والتشريعية والادارية , وما يتفرع عنها من ثقافة واجتماع واقتصاد , ومشاركة فاعلة كثاني أكبر قومية في سوريا , شطب عليها , وهمش نضالها , وأعرض عن تضحيات أبنائها , بقرار شمولي أحادي عربي المحتوى والتوجه والمنهج بعيد عن قيم العدل والمساواة والديمقراطية , والتي يمكن أن تشكل ركائزها أداة جامعة , ومحوراً نضالياً يلتئم حولها خطاب سياسي أشمل وأكثر قدرة وحيوية من الأفراد والمحاور القائمة , والتي يمكن أن تكون ببرامجها ومناهجها وأسسها منطلقاً لبناء فلسفة سياسية موحدة , وآلية نضالية محركة , تطرح نفسها بالحاح وقوة على قاعدة القواسم العليا الجامعة غير المفرقة , والقائمة على مشروعية النضال السلمي المدني , وامكان تتويجه بالنضال المنسجم مع تطلعات الشعب والجماهير الى كل ما هو موحد ومنظم وقادر على التعبئة والتصدي لخصوصية المرحلة ومستحقاتها , وركز الاجتماع في هذا المجال على ضرورة تحرك اللجنة القيادية لكسر الطوق والانفتاح على الحركة , والسعي عملياً للم الشمل , وترتيب البيت الداخلي , والتركيز بكل جهد على الاقبال على حياة سياسية جامعة , لا تقتصر على الرؤية المشتركة نظرياً , يقدر الانطلاق ميدانياً الى التوحد والبحث عن السبل المتاحة , وجعل المرحلة الانتقالية الحساسة التي نمر بها امتحاناً حقيقياً للنوايا , وشداً الى اللحمة , وعدم الانخراط في مزيد من التشتت وزعزعة الصف , وشرزمة الطاقات ..
وقد تطرق الاجتماع بشكل مفصل الى ملامح المرحلة الجديدة داخلياً واقليمياً وعالمياًَ و ليؤكد على الترابط المحكم في المعادلة السياسية بين الحلقات الثلاث , واعتبارها متداخلة , ومتقاطعة ومتكاملة جدلياً , في الفعل ورده , والتوتر والانفراج , وقضايا السلم والحرب , وما للارهاب وأشكاله وقيمه ومدارسه من أثر في تسخين الأجواء , وتسعير الصراعات , ومد رقعتها وبخاصة في العراق الذي يشكل محور تجاذبات اقليمية ودولية , وعمقاً كردستانياً حقيقياً , وما للجانب الآخر وقضايا السلم والمدنية والديمقراطية من آمال وتطلعات ينبغي أن تتعمق وعقبات وعراقيل يفترض أن تزال ..

وما لكل ذلك من استحقاقات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية , والصين واليابان  والشرق الأوسط والقرن الافريقي وفي مختلف بقاع المعمورة , مما يفترض من قوى السلام والديمقراطية أن تأخذ على عاتقها المهمة النضالية بحذر واقتدار ودقة , ومراجعة دقيقة للمسائل الاعلامية والتربوية والثقافية , واعتبار النظام العالمي الجديد والمنشود مسألة تهم المجتمع الانساني برمته بمختلف طوائفه وأديانه وقومياته وأفكاره وتوجهاته , وما يستلزم ذلك من جهود كبيرة في تلاقي الحضارت وتقاطع مفاهيم روحية وقيمية وأخلاقية جامعة , تشد على التوفّر على رفعة الانسان واعمار الأرض , ومحاربة قيم الارهاب , وتجفيف منابعه وما يحدث في العراق من حملة واسعة على الارهاب , وتداعيات اعدام الطاغية صدام حسين ..

, والدعوة الى الاحتكام الى الحوار والتلاقي والتواؤم مع مختلف المفاهيم والحضارات والأفكار ومدارسها والمصالحات الوطنية والقيم الموحدة , بحثاً عن وسائل وبدائل تحقق الحد الأدنى من تخفيف آلام البشرية ونزعاتها وصراعاتها , وحروبها الدامية , والقائمة على قتل روح المبادهة والمبادرة الانسانية , وازهاق الحياة البشرية , والقتل على الهوية , وزرع بؤر الفساد , والأحقاد والثارات المذهبية والعرقية المفتتة والمقسمة للمجتمعات الانسانية , وخاصة في العراق وأفغانستان و فلسطين ولبنان والسودان والصومال , وما يمكن أن يجر ذلك الى مزيد من الاحتقان والادماء واشاعة الفوضى , وبث الفرقة , وتفتيت المجتمعات , وجرها الى المجهول ما لم تتحدد الاستراتيجيات العملية والمجدية لمعالجة هذه المسائل , في صراع غير مألوف العواقب , مما يمكن أن يشكل ارتداداً على المكاسب الحضارية , وثمرات التطور العلمي والتقني , بشكل يعطل الطاقة الابداعية , في حيلولة دون الانطلاقة المبرمجة نحو معالجة قضايا السكان والتنمية والبيئة ومواجهة الأخطار والكوارث الطبيعية والاحتباس الحراري والأمراض والأوبئة , ووجوب التصدي لكل ذلك تخطيطاً وبرمجة وتطويراً لكل المنجزات العلمية وتكنولوجيا المعلومات , وضرورة تسخير ذلك لخدمة المجتمعات الانسانية , ورفاهها واعمار حياتها , رفداً للطاقات , تفتيقاً للقدرات , وانطلاقاً الى معالم الفضاء وأسراره , مما يشكل المقدمة الكبرى للفتوحات العلمية , اثراء للتراث الانساني , واغناء لقيم المعاصرة والسلم والديمقراطية , فتحاً لآفاق مغلقة , ومنجزات تعد الركيزة الفعلية لعالم جديد , ينبغي أن يؤسس حضارياً ومنهجياً , لينطلق الى بناء عالم حضاري مدني جديد , قائم على العدل والتكامل والتكافل والمساواة , ونبذ الفرقة والاحتراب , والابتعاد عن النظم الشمولية المتسلطة والعميقة , الساحقة لكل التطلعات والآفاق الانسانية , ومنها قضايا الأمم والشعوب العالقة والتي لا تزال ترزح تحت القبضة الفولاذية لنظم متآكلة من الداخل , مصابة بالعقم غير قادرة على الانعطاف والتبدل والانطلاق الى عالم أرحب , ومجتمع أكثر انطلاقاً الى الحداثة والتغيير , ومواكبة المد العالمي في مضمار حقوق الانسان وقيمه المدنية , وآفاقه وتطلعاته الى النظم الديمقراطية والسلمية , وما تحققه من مد سوف يجتاح الحدود المغلقة , ويستعلي على القهر والكبت والاذلال , وملاحقة الأحرار وضرورة انعتاق الكرد في كل مكان من السياسات التمييزية والاضطهادية والاقصائية , وهو ما ركز عليه الاجتماع وثمنه ودعا الحركة الكردية في سوريا الى ما تمليه والاعتبار به , والانفتاح على قوى السلم والديمقراطية واحترام حقوق الانسان , والنظر الى المسألة الكردية بجدية وواقعية , ونبذ أي عقبة تحول دون التلاؤم والتكامل والتواصل الوجداني بين أطياف المجتمع السوري وقوى المدنية والسلم , وضرورة اعزاز مسيرة الانفتاح , ونبذ كل ما هو استعلائي وتمييزي وعنصري , تغليباً للمصلحة الوطنية العليا , وشداً لكل الأواصر والقيم التاريخية الكبرى , من خلال الانفتاح الفعلي على تكوينة المجتمع السوري وأطيافه , وما يشكل من نموذج حي لمنطقة معقدة التركيب , بعيدة عن الرؤية الأحادية الشمولية التي أثبتت فشلها في معالجة القضايا الوطنية والقومية والتي تستلزم جهداً وطنياً واعياً ومنظماً ومسؤولاً .

أوائل كانون الثاني 2007

اللجنة القيادية لمنظمات
الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…