سليم والبيشمركة

جان دوست

ما من شك في أن حادثة قتل الشاب الكردي السوري سليم عمر أمين على يد أحد ضباط البيشمركة الكرد ستترك آثاراً سلبية للغاية بخصوص تشويه سمعة المؤسسة الكردية العسكرية والتي ينظر إليها الكثير من الكرد على أنها من مقدسات الأمة الكردية.

أنا شخصياً لا أهول من الأمر وأعتبر الحادث أمراً ممكن الحدوث لسبب وجيه وهو أنني لست قومياً فولكلورياً استغرب من أن يقتل أحد عناصر البيشمركة أو أحد عناصر الكريلا مواطناً كردياً أعزل.
فهذا شيء ممكن الحدوث ولسنا أمة مختارة “بيشمركتنا” قديسون و”كريلانا” ملائكة معصومون، إنما أستغرب أن نستنسخ نحن الكرد سلوك “أعدائنا” من البعثيين والترك وكل من حكمنا ومنع عنا ضوء الحرية ونور الاستقلال.

أستغرب أن تصدر رواية ركيكة غير رسمية تتهم شباب الكرد “في معسكر يُفترض أن يكون مغلقاً” بأنهم شربوا الخمر وكانوا سكارى واستفزوا الضابط “النزيه والورع” فما كان منه إلا أن فقد رشده وسحب مسدسه وأفرغ رصاصاته في رأس سليم الذي كان عندما يتلفظ بكلمة البيشمركة، يرتجف قلبه فرحاً ورهبة.


هل هذه الرواية معقولة؟ وحتى لو كانت الرواية صادقة فهل هذه هي أخلاق “بيشمركتنا”، وهل كلما انزعج أحد الضباط سيسحب المسدس ويقتل جندياً أعزل إلا من “الخمر” و”الشتائم” ؟ هل يُعقل أن يدخل الخمر إلى معسكر للتدريب دون علم الضباط؟ وأسئلة كثيرة أخرى تتبادر إلى الذهن حينما يقرأ المرء تلك الرواية السمجة الكريهة عن حادثة القتل.

لا أعتقد أن هذه هي أخلاق البيشمركة على الإطلاق، وأستطيع أن أؤكد أن هذه حالة فردية، ومع ذلك فلا يسعني إلا أن أطالب سلطات الإقليم وعلى أعلى المستويات أن تبادر فوراً إلى فتح تحقيق نزيه وشفاف في الموضوع وفتح المجال للصحافة المستقلة بمتابعة الموضوع والاطلاع على حيثيات القضية، فقتل شخص واحد هو قتل المجتمع كله خاصة إذا كان هذا الشخص لاجئاً محتمياً بحمى الإقليم الكردي الحر الوحيد في العالم.

إن من يريد الخير للإقليم الكردي عليه أن يحاسب المقصرين فوراً ولا يفسح المجال للسوس فينخر في خشب البلاد فيفسد السفينة فيغرق الجميع.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…