الثورة … والبندورة …..!!!

خليل كالو

  تفاديا لأي التباس فلا نقصد هنا بالثورة في المناطق الكردية حيث لا وجود لها  كما يشاع في الشارع الكردي, ويقال بأنها مرت من هنا ضيفا ذات يوم مرور الكرام,ولكن العجب في طبيعة الأشياء  أحيانا يثير الفضول والجدل وهنا نخص بالذكر عجائب الثورة السورية هذه الأيام  بالنسبة للراهن الكردي والشعور المحسوس بها ,حيث لم يخطر على البال ما آلت إليه الكثير من المواقف والرؤى من تغيير 180 درجة عن سابقاتها بعد أن طالت عمرها ولم تضع أوزارها على عكس ما كان يفكر به كردنا ونخبهم الطارئة بأن النظام سوف يسقط هذا الأسبوع أو الذي يليه  فتأهب الكثيرون استعدادا لأخذ نصيب
 ولكن هذا ما لم يحصل إلى أن أضحى تريد شعار إسقاط النظام في الشارع الكردي كالعلكة في الفم ورفع العتب بلا معنى والتظاهرات ذات الطابع الفولكلوري والاستعراضي أحيانا لدى البعض تسويقا لغايات خاصة وأجندات حزبية وللتغطية على الفشل في المسؤولية و للاستهلاك المحلي .

فاختلطت وتشابكت على صفحات دفاترهم  مسائل وتوقعات حسابات الحقل مع محصول البيدر حينما أصبحت الثورة صفيحا ساخنا  .

   لكل ثورة تبعات ونتائج على المدى المنظور والبعيد .ففي غضون تتالي الأحداث وتعقيداتها ظهر طارئ جديد لم يكن في البال أبدا هو  اختراق بورصة البندورة  سقف الخيال وفاقت التوقع حيث ارتفع سهم البندورة ثلاثة أضعاف قيمة الفرد السوري في أسواق قامشلو وبات ثمن الكيلو غرام الواحد من البندورة في جوار الدولار الواحد ” 65 ل.س ” وغابت حتى عن موائد الطبقة المتوسطة وأصبحت حلما ومن أهداف حراك الطبقات الشعبية في الوقت الذي كان ثمن خمسة كيلوات منها في العام الفائت “25 ل .

س” وهذا بالمقابل فقد انخفض قيمة الإنسان السوري إلى ثلث دولار ” 25 ل.

س ” الآن سواء  بالجملة أو المفرق  أو ربما  أقل في المناطق  الساخنة وهو ثمن طلقة واحدة لبندقية قنص أو حتى ثمن سكين شاطر يبقر بطنا أو قطع رقبة  كما يقطع الجزار إلية خروف.

 .

  من التبعات أيضا طفو شريحة طفيلية متقملة ثقافيا وسياسيا ووجدانيا على السطح وروج لها ودعمت في الظلام كما ارتفاع ثمن البندورة الآن  وهي أكثر المستفيدين من استمرار الثورة باتجاهها المسلح للتبرئة من استحقاقاتها وللتغطية على إخفاقاتها وفشلها في إدارة الشأن الكردي في هذه المرحلة علما بأن تلك الشريحة كانت الأكثر جبنا ووضاعة وتذبذبا  في الوسط الكردي قبل الثورة وبمثل الأسعار القديمة للبندورة ثمنا  بالنسبة لسوق الحراك الجمعي والكردايتي والتي لم تكن تساوي شيئا حتى تعول عليها  .

فخلال مراحل التظاهرات السلمية وإلى وقت متأخر نسبيا كانت هذه الشريحة كرخص ثمن البندورة في زمن الكساد في سوق هال قامشلو المسائية وفجأة ارتفعت أسعارها  وأصبحت الواجهة القومية للكرد.

 ما يرى ويتراءى لنا من مظاهر وحراك شبيه هذه الأيام  في الوسط الكردي من لدن رجالات تصنف في خانة البندورة  من تظاهرات رفع العتب وتشكيل هياكل في ظل سياسة غض الطرف من العم  القط  والتدافش على احتلال وإيجاد أماكن لهم في صناديق الشحن  لتسويق الذات في أي بازار كان وبأي سعر لهو تضليل لوعي الذات الكردي في هذا المفصل التاريخي الهام وعلى حساب مشاعر وقيم وحقوق هذا الشعب المسكين.

 وما يثير الرعب والحيرة والدهشة معا قد تترك تلك الشريحة مواقعها الحالية وتتهرب من مسؤولياتها حين تحس بقدوم الخطر وتنتكس من جديد فترجع إلى أصولها كونها قد خلقت للأيام البيضاء وليست السوداء   …… فللثورة رجالاتها وساحاتها…………وللبندورة مزارعيها وأسواقها….

26.8.2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…