دكتور فاروق كان قاسياً في مضمون تصريحه

شهاب عبدكي

   قرأت
تصريح انسحاب الدكتور فاروق اسماعيل من المجلس الوطني الكوردي بكل هدوء ، فالكلمة
كانت مقتضبة ولكنها حملت اكثر من فكرة ونقد للمجلس .

 دكتور فاروق شخصية لها احترامها في المجتمع
الكوردي ، وله مواقف جريئة بخصوص الثورة السورية، صديق و استاذ في آن واحد، وموقفه
بالانسحاب شأنه سواء أكان لدوافع أو الشخصية أو السياسية ، ولا يمكن لأحد مصادرتها
، إنما لنا الحق في مناقشة الاراء التي تضمنتها في ورقة الانسحاب بشكل جدي ، ربما المناقشة
في ذلك يؤدي لنتيجة أفضل في المستقبل.

وضح
في بداية تصريحه عن اشكالية الانتخابات ، وموقف المجلس الكوردي من المجلس الوطني السوري
، فإذا كان قسم من المهتمين غير راضين عن أداء المجلس ، فالمجلس هو خلاصة تجربة
الحركة الكوردية و الضغوطات التي مورست على الساسة لتأسيسها ، فهو بذلك يمثل
الحاضنة الكوردية رغم نواقصها .

  جاء في حديثه (عقد المجلس جلسة عامة في نيسان 2012، ومارس ولعه
بالانتخابات دون تغيير يذكر في الموقف السياسي والوضع التنظيمي، وتهرب مراراً من
الانضمام أو التحالف مع المجلس الوطني السوري بأساليب وحجج غير مقنعة.)
سؤال للدكتور فاروق العارف لطبيعة المجتمع السوري عامةً و الكوردي خاصةً ماذا يتوقع
من أحزابٍ لم تمارس السياسة إلا في غرف مغلقة، ولم ترى النور الاعلامي والمقابلات
الصحفية وبروز الشخصية إلا ما ندر ، أن تفعل في أول تجربةٍ انتخابية، هل التوقع
منهم ديمقراطية غربية، المهزوم يهنئ الفائز دون تشكيك في نتيجة الانتخابات.

  اعتقد انها القراءةٌ خاطئة عن مجتمعٍ ابتعد عن
ممارسة السياسة الحقيقية بفعل اقصائي، فالأفضل اعطاء التجربة وقتاً للحكم على
نجاحها من فشلها ويتم ذلك بضخ الافكار الطاقات النيّرة والشبابية لإحداث تغير في البنــية
الفكرية لهذه الاحزاب وليس الحكم عليها بالإعدام بشكلها الحالي .
 بخصوص
العلاقة مع المجلس الوطني السوري لكلٍ منا رأيه في هذا الموضع فأنا شخصياً وقبل أي
حوار بين الفريقين كنت اطالب المجلس بأن تكون كتلة مستقلة لها كيانها السياسي
وحضورها وثقلها في المشهد السوري، وهذا لا يعني ان لا تربطنا بهم علاقات مميزة
تخدم المعارضة في كيفية اسقاط النظام ، وهذا ما افتقدناه في تلك العلاقة ، حيث
تركزت الجهود على زيارات لإقليم كردستان دون الاهتمام الجدي بورقة المجلس وكيفية
تخطي العقبات ، طبعا لا ننس تصريحات اعضاء المجلس الوطني بين حين وآخر والتي كانت توتر
العلاقات بين المجلسين خاصة التيار الاسلامي ، ورغم اتفاقي معك على ان ولع
الانتخابات كان طاغياً دون اهتمام حقيقي ببرنامج المجلس ، إلا أن المجلس خرج
ببرنامج مرحلي لقي قبولاً عاماً من الاطراف السياسية ، وأعطى هذا البرنامج فسحة
كبيرة للمعارضة للانفتاح على مطالب الكورد وحقوقهم في سوريا ، فكلا المجلسين جزء
من المشكلة .
 المأخذ
الرئيس والتي ربما عجل بانسحابه في تصريح اتفاقية هولير حيث جاء في التصريح :

(ثم كانت المفاجأة بتوقيع اتفاقية أربيل /هولير وقامت أطراف في
قيادة المجلس ببيع المجلس الذي كنا نأمل فيه خيراً للشعب و الوطن و الثورة، وتكلل
ذلك باحتفالٍ كرنفالي بمناسبة تشكيل “الهيئة الكردية العليا” في الأحد 29/7/2012.) 

 إن
المناقشة المتأنية لهذه القضية بعيداً عن الانفعالية من تصرفات حزب ( p.y.d)
وبعض عناصره، والتي انتقدتها في أكثر من مناسبة .
 وهنا يجب تحويل القضية من الانفعالية إلى البحث عن الشكل
المنفعي للكورد فيها ، فالمنفعي الكوردية تكمن في :
 1-    التوتر بين المجلسين أصبح
من غير الممكن السيطرة عليه و هناك أكثر من حالة تثبت ذلك ، وبوجود التنسيقيات الشبابية
غير الراضية عن أداء المجلس الوطني تجاه هذه التصرفات كانت الأمور تسير نحو صراع
كوردي كوردي.
 2-    ظهور السلاح بشكل علني
في المناطق الكوردية والعمل على السيطرة المطلقة على منافذ المدن بقوة السلاح  وخلق حالة من الفوضى المنظمة، بين فترة وأخرى لكسب
الشارع الكوردي ووضعه في مأزق ، والنشاط الملحوظ لتجار السلاح وغيرها من المواد
الاساسية الذين يفتعلون المشاكل ويؤججون الصراع بين المكونات المجتمع بغية كسب أكبر
قدر من الربح على حساب الفقراء بذريعة حماية الشعب من الخطر الخارجي، ووهم بعض
التنظيمات بهذه الحجج التي كانت تتقبل هذه الفكرة لمصلحة حزبية.
 3-    الإعلام الذي روج بأن
مجلس غربي كوردستان هو على اتصال مباشر بالنظام ويعمل على خدمته والنظام قام
بتسليم المناطق الكوردية لهذا المجلس كان سببا كافيا ان يقوم الجيش الحر بدخول المنطقة
بذريعة ان النظام سلح هذا الحزب في مواجهة معارضيه  ، وكان سيشكل ذلك كارثة  عسكرية على المناطق الكوردية، فكان لابد من
حماية هذا الشعب ولو على حساب الخسارة السياسية في هذه المرحلة، لان سقوط النظام
كفيل بحل جميع العقد ، ومعروف أن مناطقنا فقيرة بالإمكانيات الاقتصادية  وهي لا تتحمل عبئ الجيش ومستلزماته .
 وخلاصة ذلك أن سيطرة طرفٍ من الناحية التنظيمية لهذه
الاتفاقية والتي تبدو أنها غير متوازنة فيها منفعة الاطراف الكوردية كلها .
 اما بخصوص (خيانة الثورة )
وهي اقسى العبارات علينا ككورد فنضالنا يمتد لعقود من الزمن ، ولنا مناضلين قضوا
جل حياتهم في الأقبية الأمنية والمعتقلات من أجل الديمقراطية وحياة مدنية لهذا
البلد ، وهم جزء من الثورة بامتياز ولا يمكن لاتفاقية إجرائية محوا نضالنا.
 انسحابك من المجلس كان سيشكل ضغطاً لتصحيح المسار الذي
تراه خاطئاً ، لو استشرت اكثر وبينت الاسباب الموضوعية بشكل أدق وكنا استفدنا من
خبرتك ومن انتقادك ، ولكن فيما ذهبت إليه فيها 
قساواة  يلامس البساطة مع احترامي
لرأيك وشخصك  .
 وأخيراً المجلس ليس غاية في ذاته ، بل وسيلة ، والوسيلة
قابلةٌ للتغير والتعديل دائماً ، ولنا الحق في مراجعة كل تفاصليه وبيان أخطائه، ولكن
نحن بحاجة لشكل تنظيمي ارقى تكون حاملة لقضيتنا، وهذا المجلس حالة مؤسساتي موجودة سنتعامل
معها ونقوم بمساعدته ونعمل على انجاحه دون أن نخسر رأينا فيما نفكر للعمل في
المستقبل .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…