((تحريف الثورة السورية باتجاه تركيا))

خالد جميل محمد

أعتقد أن المنصفين في تحليلاتهم السياسية لا يشكّون في العداوة الأزلية التي تمارسها الأنظمة التركية وحكوماتها المتعاقبة ضد الكرد وقضاياهم، إلا أن أحداث الثورة السورية كشفت مؤخراً عن مساعٍ لتحوير مسار هذه الثورة في نسختها الكردية باتجاه النظام التركي، وكأن حقوق الكرد السوريين في تركيا لا في سوريا، أو كأن محاربة تركيا في سياق الثورة السورية القائمة هي الهدف والوسيلة معاً، أو كأنها تعني تحقيقاً لأهداف هذه الثورة وأهداف الكرد السوريين الذين ظلوا يناضلون من أجل حقوقهم القومية والوطنية في سوريا إلى جانب نضالهم من اجل سوريا حرة ديمقراطية لامركزية يسودها القانون وتنفصل فيها السلطات بعضها عن بعض، وذلك في الإطار السوري لا التركي.
ففي تحريف الثورة السورية ومنها الكردية السورية توجُّهٌ سياسي غير دقيق استناداً إلى فَـرْضِ أن حرية الكرد السوريين ترتبط بالتفرغ المبالغ فيه لحدّ إلهائهم بنضال يتمّ إقحامه عرَضاً ضد تركيا التي لا ينكر أحدٌ عداءها للكرد، ولا يأمل الكرد السوريون فيها وفي نظامها وحكومتها خيراً، لكن ذلك ينبغي ألا يعني أيضاً أن تسعى أطراف هنا وهناك لإخراج الكرد السوريين وتوجيههم نحو جبهات لا تخدم، حالياً، مصلحة الثورة السورية في مجالها السوري العامّ والكردي الخاص، من خلال الاستبدال بالشعارات السورية شعارات لا علاقة لها بالشأن السوري أو الشأن الكردي السوري، فكلما زاد إلهاء الكرد السوريين بغير النضال في طابعه السوري زادت الإساءة إلى الحقوق الوطنية الكردية السورية، وتأخر تحقيق أهدافهم، حيث إن كردستان الشمالية تناضل نضالاً مشروعاً بطرائقها المتنوعة والمختلفة من أجل الكشف عن طبيعة النظام التركي العدوانية، وأخواننا هناك لا يحتاجون إلى تخلّينا عن جوهر صراعنا لإسقاط نظام أردوغان ولا هي مهمة الكرد السوريين..

فإذا كانت حقوق الكرد في كردستان الشمالية تحتاج إلى نضال فإن الكرد السوريين أيضاً معنيون بخصوصية وضعهم داخل حدود الدولة السورية، وعلى الأقل مادامت ثمة دولة قائمة اسمها سوريا فإن حقوقهم في سوريا لا في تركيا، وهم الآن مشغولون بنظام آخر لا بنظام أردوغان المجرم أيضاً..

إلا أن تحريف الثورة باتجاه تركيا تغييب للحقوق الكردية السورية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…