((الاستيلاء على مؤسسات الدولة))

خالد جميل محمد

ليس في برامج الحركة الكردية قرار بالانفصال عن سوريا، وإنْ كانت بعض الجهات أو الشخصيات (الكردية وغير الكردية) تستجر المسألة في هذا الاتجاه التأويلي الخاطئ من الناحية السياسية والعقلانية، حيث إن حق تقرير المصير أو الفدرالية أو اللامركزية السياسية، أو اللامركزية الإدارية التي تنادي بها فصائل هذه الحركة بتنوعاتها واختلافاتها، لا يقصد بأي منها الانفصال عن الدولة السورية والوطن السوري الواحد، ولا ينبغي أن يُترجم هذا الحق بأنه دعوة إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية بقدر ما يعني إحقاقاً للكرد وإخوانهم من الأطياف الأخرى في تسيير شؤون مناطقهم بطريقة تناسب التنوع الإثني والديني في هذه المناطق، بعيداً عن أي تعصب أو عنصرية أو تفرقة، وبعيداً عن احتكار المركز للقرارات المتعلقة بالأطراف البعيدة عن العاصمة التي أهملت هذه المناطق طويلاً وكثيراً، بصورة تدعو إلى الرثاء والأسف،
 وهي صورة دفعت الكرد وقد تدفع آخرين ممن يعيشون مع الكرد ويدركون الغبن الذي لحق بهم، إلى طروحات الاستقلال عن استبداد المركز لا عن الدولة أو الوطن السوري، كما تذهب بعض الجهات التي تريد تغيير ملفات الثورة السورية وتحويلها إلى ملفات الانفصال وما إلى ذلك، إلهاءً للثورة والإعلام والرأي العام، حيث يتوجب فهم طروحات الكرد بأنها ليست خاصة بهم وحدهم دون غيرهم، بل إنها تخص كل المكونات الأصلية التي تقيم في المناطق التي تتسم بأنها ذات أغلبية كردية، دون أن تعني هذه الأغلبية استئثاراً للكرد بكل شيء، ودون أن تعني هذه الأغلبية رفع أعلام كردية دون غيرها على مؤسسات الدولة بمعزل عن رفع أعلام تعكس الانتماء إلى سوريا وتعكس وجود آخرين من غير الكرد في هذه المناطق، ولعل في الاستيلاء الكردي وحده على مراكز رسمية والاقتصار على رفع الأعلام الكردية وحدها تأثيرات سلبية أكثر منها إيجابية في مسيرة الثورة عامة ومسيرة النضال الكردي خاصة، لذا يتوجب على الكرد إدراك أبعاد الانفراد الكردي في مثل هذا الاستيلاء.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…