د.
أحمد محمود الخليل
dralkhalil@hotmail.com
أحمد محمود الخليل
dralkhalil@hotmail.com
كان الأب من الڤايكنغ- سكان إسكندنافيا القدماء- يضع سيفاً مسلولاً أمام طفله الوليد، ويقول له: “ليس لديّ ذهبٌ ولا فضّة ولا ثروة أُورثها لك، وهذا ميراثُك، حقّقْ به الرفاهية لنفسك“.
وما الميراث الذي نضعه نحن الكرد أمام أطفالنا حينما يولَدون؟ كومة هائلة من المشكلات: وطنٌ ممزَّق ومحتلّ، وهويّةٌ مسلوبة، وشخصيةٌ مخترَقة، وثرواتٌ منهوبة، وخصوم بذهنيات شوفينية فاشية شرسة، وعالمٌ بلا أصدقاء سوى الجبال، وأفق مسدود، ثم نقول لأطفالنا: هذا ميراثكم، حقِّقوا به كل ما تريدونه من نكد وتعاسة.
وما الميراث الذي نضعه نحن الكرد أمام أطفالنا حينما يولَدون؟ كومة هائلة من المشكلات: وطنٌ ممزَّق ومحتلّ، وهويّةٌ مسلوبة، وشخصيةٌ مخترَقة، وثرواتٌ منهوبة، وخصوم بذهنيات شوفينية فاشية شرسة، وعالمٌ بلا أصدقاء سوى الجبال، وأفق مسدود، ثم نقول لأطفالنا: هذا ميراثكم، حقِّقوا به كل ما تريدونه من نكد وتعاسة.
يعبر الكردي إلى الحياة فيجد نفسه أمام ثلاثة خيارات: إما الرضا بالعيش عبداً في قبضة الشوفينيين، وإما الرفض وقضاء الحياة في الزنازين أو الجبال، وإما الفرار من الوطن، وهناك تبدأ مرحلة جديدة من مراحل استلاب الشخصية.
نحن الكرد نولد في فوّهات البراكين، ونُمضي الحياة في فوّهات البراكين، نولد في عالم متوحّش لا يفهم إلا القوة الباطشة، الكلّ مُصرٌّ على أن نستسلم ونقول: لا (كرد) ولا (كردستان)، هُراءٌ كلُّ ما نسمعه عن الأخوّة والقيم النبيلة، بقدر ما تكون قوياً وباطشاً تكون موجوداً ومبجَّلاً.
تلك هي الحقيقة، ودعونا نستعرض- على ضوئها- حجم المخاطر التي تهدّدنا في غربي كردستان، فالصراع السوري صراع على السلطة والثروة بين فريق سنّي وفريق علوي، وهو في جوهره جزء من صراع سنّي/شيعي إقليمي أوسع.
أما بالنسبة لنا فهو صراع وجود أو لا وجود، صراع أمة تدافع عن هويتها ضد الاستلاب والانمساخ، وتتمسّك بإرادة الحياة على ترابها القومي حرة مثل بقية الأمم، ولذلك فنحن مضطرون إلى خوض الصراع على أربع جبهات في آن واحد، وكلها حافلة بالأخطار:
أولاً – صراع ضد النظام البعثي: فهو مصرّ إلى الآن على تجاهلنا كشعب، ويريدنا أن نكون فقط جزءاً من (النسيج السوري) بالكيفية التي يريدها هو، أي أن نستسلم لمشروع التدجين والصهر، ولم يتفضّل علينا في دستوره الجديد بأبسط حقوقنا الثقافية، فكيف سيوافق على أن تكون لنا إدارتنا الذاتية؟ وإذا استردّ قوته، واستقامت له الأمور، فلن يتردّد في استكمال مخطّطاته الشوفينية.
ثانياً – صراع ضد المعارضة: فالذهنيات الشوفينية مهيمنة على عدد كبير من قادتها، لا فرق بين قومي وإسلامي، وبدوي وحضري، وحقوقي وجامعي، هم جميعاً من خرّيجي ثقافة إنكار الآخر، وهل هناك مؤشّر حقيقي يدل على تراجع هذه الثقافة في الشرق الأوسط كي نتفاءل بتراجعه في سوريا؟ إنهم الآن بحاجة إلينا: داخلياً لتوهين النظام، وخارجياً للتدليل على أنهم ديمقراطيون.
لكن عندما يوضَعون على المحكّ، سرعان ما تعود حليمة إلى عادتها القديمة، ويفقدون السيطرة على أنفسهم، وتفضحهم ألسنتهم، ويعترضون على أي وجود ذي معنى قومي لنا.
وثمة أكثر من خطر محتمَل من جانب المعارضة:
– الخطر الأول: تشتيتنا، وهو حاصل الآن، فنحن مشرذمون الآن بين أكثر من فريق منهم.
– والخطر الثاني: تسليط (الجيش الحر) علينا، وقد وجّهت العناصر المسلّحة التهديد لنا أكثر من مرة، وصحيح أنهم يستهدفون الآن pyd ليُدخلوه بيت الطاعة، لكن الدور أتٍ على الجميع.
– والخطر الثالث: إطلاق قطعان الانتحاريين علينا، كما هو الحال في العراق وأفغانستان الآن.
ثالثاً – صراع ضد تركيا: فها قد أعلن الفاشيون الترك عن حقهم في الدخول إلى الأراضي السورية (أي مناطقنا الكردية) لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وإذا كانوا ينفقون المليارات لقمع الكرد في الشمال، علماً بأنهم يطالبون بالإدارة الذاتية فقط، فكيف سيقبلون أن تكون لنا إدارة ذاتية؟ أما سكوتهم على إقليم كردستان فتلك كانت غلطة، ولن يكرروها ثانية.
ولا ننس أن القوى الكبرى هي مع تغيير الأنظمة التي أصبحت عبئاً عليها، لكنها لا تقبل المساس باتفاقية سايكس- بيكو، وإلا فلماذا لا تسمح للكرد في الجنوب بتأسيس دولة مستقلة؟ ولماذا تصنّف pkk في خانة (الإرهاب)؟ إنها إذا جدّ الجدّ لن تترك حليفتها تركيا وحلفاء تركيا (المعارضة)، ولن تقف إلى جانب حقوقنا.
رابعاً – صراع على جبهتنا الداخلية: وهنا الخطر الأكبر، فنحن مجتمع غير متماسك، لا سياسياً ولا ثقافياً ولا اجتماعياً، واحتمالات اختراقنا كثيرة، وإلا فما معنى أن نبقى- بعد 16 شهر- غير موحَّدين حقيقة؟ أليس من الحكمة أن نتعلم من كرد الجنوب الذين توحّدوا عندما جدّ الجِدّ؟ إننا الآن مهيَّأون للاختراق من قِبل النظام السوري والمعارضة السورية وتركيا، ولا تنسوا أن لنا تراثاً عريقاً في أن يتحول بعضنا بسرعة إلى (جاش) و(حرّاس قرى) و(انتحاريين)، أجل، إن ثقافة العبودية ربّتنا على أن يكون (سيّدنا) المفضَّل أجنبياً، ويصعب على عدد غير قليل منا أن يكون (سيّدنا) كردياً.
وكي نحصّن شعبنا ضد هذه الأخطار وغيرها نرى القيام بما يلي وبأقصى سرعة ممكنة:
1 – أن تحلّ أحزابنا جميعاً أنفسها، وتنتظم في جبهة كردستانية واحدة، بهيئة قيادية عليا موسَّعة يتمّ انتخابها، ومن الضروري أن تضم شخصيات ثقافية واقتصادية واجتماعية، وشخصيات من جيراننا (عرب، أشور، سريان، أرمن، إلخ).
وقد يبدو هذا الاقتراح لا واقعياً بل مستغرَباً، والذي نراه أن هذا التشرذم الحزبي هو اللاواقعي والمستغرَب في هذا الظرف الاستثنائي، ولا ندري ما حقيقة الاختلاف بين برامج أحزابنا؟ وعلى ماذا تتصارع؟ هل نحن نخوض صراعاً طبقياً، دينياً، مذهبياً، أيديولوجياً، أم نخوض صراع وجود؟ وبما أن مشكلتنا قومية أصلاً فما هو المبرر لأن نتشرذم حزبياً، ونُشرذِم الشعب فيما بيننا؟
2 – تقوم الهيئة القيادية العليا باختيار الراية القومية والراية السورية المفضَّلة، وتوحيد الرموز والشعارات، وتوحيد الخطاب السياسي داخلياً وخارجياً، واستبعاد اسم أو صورة أيّ (سروك) في المحافل العامة إلا في إطار جماعي موحَّد، ونعلم أن معظم أحزابنا تبعٌ لأحزابنا الكبرى في الشمال والجنوب، وهي بالتأكيد أحزاب ذات تراث قومي عريق، وقادتها ذوو تاريخ نضالي جدير بكل احترام، لكن نعتقد أن قادة هذه الأحزاب أكثر حكمة من أن يجعلوا أسماءهم وصورهم مصدراً لخلافاتنا، وأكثر إدراكاً لأهمية وحدة صفّنا، ولأهمية موقعنا استراتيجياً بالنسبة لهم ونحن على مرمى حجر من البحر الأبيض المتوسط، يقول الشاعر:
تأبى الرمـاحُ إذا اجتمعنَ تكسُّراً وإذا افترقنَ تكسّرتْ آحـــــــــادا
3 – تصوغ الهيئة القيادية العليا مشروع قومياً واقعياً وعقلانياً ممكن التطبيق، وتأخذ في الحسبان الظروف السورية والإقليمية والعالمية، والدخول بناء عليها في علاقات خارجية وتحالفات داخلية، ونرى أن (الفيدرالية) هي أقصى ما يمكن أن نطالب بها في هذه الظروف، وألا نرفع السقف، وإلا فقد نخسر كل شيء، فالسياسة هي (فن الممكن)، ولا ننسى أننا ندين بالمواطنة السورية، وأن الظروف الكردستانية والإقليمية والدولية لا تسمح لنا الآن بغير التحرك ضمن هذا الإطار.
4 – تشرف الهيئة القيادية العليا على إقامة الهيئات والمؤسسات والمنظمات والمجالس التي يحتاجها مجتمعنا على جميع الأصعدة، تشريعياً، وتنفيذياً، وسياسياً، وثقافياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وخدمياً، وتشرف على صياغة البرامج والقواعد والضوابط التي يحتاجها المجتمع لتحقيق حياة آمنة.
يا ساستنا الأعزاء، إن خصومنا يقرعون لنا الأجراس، وجدير بنا أن نكون في مستوى فهم ما يدور حولنا، ونرتقي فوق ذواتنا الشخصية والحزبية، ونتوحّد، إن في التاريخ مئات الأمثلة على أننا أمة شجاعة، ونحن الآن بأمسّ الحاجة إلى اتخاذ قرارات مصيرية شجاعة، وإن في تاريخنا قوافل لا تنتهي من أبطال قدّموا أرواحهم فداء لنا، أفلا يستحقون أن نكافئهم، ونضحّي بامتيازاتنا الشخصية أو الحزبية؟ ألا يستحق أطفالنا الذين لم يولدوا بعد أن يجدوا أمامهم ميراثاً آخر غير ميراث الفرقة والنكد والتعاسة؟
وإلى اللقاء في الوصية السادسة.
نحن الكرد نولد في فوّهات البراكين، ونُمضي الحياة في فوّهات البراكين، نولد في عالم متوحّش لا يفهم إلا القوة الباطشة، الكلّ مُصرٌّ على أن نستسلم ونقول: لا (كرد) ولا (كردستان)، هُراءٌ كلُّ ما نسمعه عن الأخوّة والقيم النبيلة، بقدر ما تكون قوياً وباطشاً تكون موجوداً ومبجَّلاً.
تلك هي الحقيقة، ودعونا نستعرض- على ضوئها- حجم المخاطر التي تهدّدنا في غربي كردستان، فالصراع السوري صراع على السلطة والثروة بين فريق سنّي وفريق علوي، وهو في جوهره جزء من صراع سنّي/شيعي إقليمي أوسع.
أما بالنسبة لنا فهو صراع وجود أو لا وجود، صراع أمة تدافع عن هويتها ضد الاستلاب والانمساخ، وتتمسّك بإرادة الحياة على ترابها القومي حرة مثل بقية الأمم، ولذلك فنحن مضطرون إلى خوض الصراع على أربع جبهات في آن واحد، وكلها حافلة بالأخطار:
أولاً – صراع ضد النظام البعثي: فهو مصرّ إلى الآن على تجاهلنا كشعب، ويريدنا أن نكون فقط جزءاً من (النسيج السوري) بالكيفية التي يريدها هو، أي أن نستسلم لمشروع التدجين والصهر، ولم يتفضّل علينا في دستوره الجديد بأبسط حقوقنا الثقافية، فكيف سيوافق على أن تكون لنا إدارتنا الذاتية؟ وإذا استردّ قوته، واستقامت له الأمور، فلن يتردّد في استكمال مخطّطاته الشوفينية.
ثانياً – صراع ضد المعارضة: فالذهنيات الشوفينية مهيمنة على عدد كبير من قادتها، لا فرق بين قومي وإسلامي، وبدوي وحضري، وحقوقي وجامعي، هم جميعاً من خرّيجي ثقافة إنكار الآخر، وهل هناك مؤشّر حقيقي يدل على تراجع هذه الثقافة في الشرق الأوسط كي نتفاءل بتراجعه في سوريا؟ إنهم الآن بحاجة إلينا: داخلياً لتوهين النظام، وخارجياً للتدليل على أنهم ديمقراطيون.
لكن عندما يوضَعون على المحكّ، سرعان ما تعود حليمة إلى عادتها القديمة، ويفقدون السيطرة على أنفسهم، وتفضحهم ألسنتهم، ويعترضون على أي وجود ذي معنى قومي لنا.
وثمة أكثر من خطر محتمَل من جانب المعارضة:
– الخطر الأول: تشتيتنا، وهو حاصل الآن، فنحن مشرذمون الآن بين أكثر من فريق منهم.
– والخطر الثاني: تسليط (الجيش الحر) علينا، وقد وجّهت العناصر المسلّحة التهديد لنا أكثر من مرة، وصحيح أنهم يستهدفون الآن pyd ليُدخلوه بيت الطاعة، لكن الدور أتٍ على الجميع.
– والخطر الثالث: إطلاق قطعان الانتحاريين علينا، كما هو الحال في العراق وأفغانستان الآن.
ثالثاً – صراع ضد تركيا: فها قد أعلن الفاشيون الترك عن حقهم في الدخول إلى الأراضي السورية (أي مناطقنا الكردية) لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وإذا كانوا ينفقون المليارات لقمع الكرد في الشمال، علماً بأنهم يطالبون بالإدارة الذاتية فقط، فكيف سيقبلون أن تكون لنا إدارة ذاتية؟ أما سكوتهم على إقليم كردستان فتلك كانت غلطة، ولن يكرروها ثانية.
ولا ننس أن القوى الكبرى هي مع تغيير الأنظمة التي أصبحت عبئاً عليها، لكنها لا تقبل المساس باتفاقية سايكس- بيكو، وإلا فلماذا لا تسمح للكرد في الجنوب بتأسيس دولة مستقلة؟ ولماذا تصنّف pkk في خانة (الإرهاب)؟ إنها إذا جدّ الجدّ لن تترك حليفتها تركيا وحلفاء تركيا (المعارضة)، ولن تقف إلى جانب حقوقنا.
رابعاً – صراع على جبهتنا الداخلية: وهنا الخطر الأكبر، فنحن مجتمع غير متماسك، لا سياسياً ولا ثقافياً ولا اجتماعياً، واحتمالات اختراقنا كثيرة، وإلا فما معنى أن نبقى- بعد 16 شهر- غير موحَّدين حقيقة؟ أليس من الحكمة أن نتعلم من كرد الجنوب الذين توحّدوا عندما جدّ الجِدّ؟ إننا الآن مهيَّأون للاختراق من قِبل النظام السوري والمعارضة السورية وتركيا، ولا تنسوا أن لنا تراثاً عريقاً في أن يتحول بعضنا بسرعة إلى (جاش) و(حرّاس قرى) و(انتحاريين)، أجل، إن ثقافة العبودية ربّتنا على أن يكون (سيّدنا) المفضَّل أجنبياً، ويصعب على عدد غير قليل منا أن يكون (سيّدنا) كردياً.
وكي نحصّن شعبنا ضد هذه الأخطار وغيرها نرى القيام بما يلي وبأقصى سرعة ممكنة:
1 – أن تحلّ أحزابنا جميعاً أنفسها، وتنتظم في جبهة كردستانية واحدة، بهيئة قيادية عليا موسَّعة يتمّ انتخابها، ومن الضروري أن تضم شخصيات ثقافية واقتصادية واجتماعية، وشخصيات من جيراننا (عرب، أشور، سريان، أرمن، إلخ).
وقد يبدو هذا الاقتراح لا واقعياً بل مستغرَباً، والذي نراه أن هذا التشرذم الحزبي هو اللاواقعي والمستغرَب في هذا الظرف الاستثنائي، ولا ندري ما حقيقة الاختلاف بين برامج أحزابنا؟ وعلى ماذا تتصارع؟ هل نحن نخوض صراعاً طبقياً، دينياً، مذهبياً، أيديولوجياً، أم نخوض صراع وجود؟ وبما أن مشكلتنا قومية أصلاً فما هو المبرر لأن نتشرذم حزبياً، ونُشرذِم الشعب فيما بيننا؟
2 – تقوم الهيئة القيادية العليا باختيار الراية القومية والراية السورية المفضَّلة، وتوحيد الرموز والشعارات، وتوحيد الخطاب السياسي داخلياً وخارجياً، واستبعاد اسم أو صورة أيّ (سروك) في المحافل العامة إلا في إطار جماعي موحَّد، ونعلم أن معظم أحزابنا تبعٌ لأحزابنا الكبرى في الشمال والجنوب، وهي بالتأكيد أحزاب ذات تراث قومي عريق، وقادتها ذوو تاريخ نضالي جدير بكل احترام، لكن نعتقد أن قادة هذه الأحزاب أكثر حكمة من أن يجعلوا أسماءهم وصورهم مصدراً لخلافاتنا، وأكثر إدراكاً لأهمية وحدة صفّنا، ولأهمية موقعنا استراتيجياً بالنسبة لهم ونحن على مرمى حجر من البحر الأبيض المتوسط، يقول الشاعر:
تأبى الرمـاحُ إذا اجتمعنَ تكسُّراً وإذا افترقنَ تكسّرتْ آحـــــــــادا
3 – تصوغ الهيئة القيادية العليا مشروع قومياً واقعياً وعقلانياً ممكن التطبيق، وتأخذ في الحسبان الظروف السورية والإقليمية والعالمية، والدخول بناء عليها في علاقات خارجية وتحالفات داخلية، ونرى أن (الفيدرالية) هي أقصى ما يمكن أن نطالب بها في هذه الظروف، وألا نرفع السقف، وإلا فقد نخسر كل شيء، فالسياسة هي (فن الممكن)، ولا ننسى أننا ندين بالمواطنة السورية، وأن الظروف الكردستانية والإقليمية والدولية لا تسمح لنا الآن بغير التحرك ضمن هذا الإطار.
4 – تشرف الهيئة القيادية العليا على إقامة الهيئات والمؤسسات والمنظمات والمجالس التي يحتاجها مجتمعنا على جميع الأصعدة، تشريعياً، وتنفيذياً، وسياسياً، وثقافياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وخدمياً، وتشرف على صياغة البرامج والقواعد والضوابط التي يحتاجها المجتمع لتحقيق حياة آمنة.
يا ساستنا الأعزاء، إن خصومنا يقرعون لنا الأجراس، وجدير بنا أن نكون في مستوى فهم ما يدور حولنا، ونرتقي فوق ذواتنا الشخصية والحزبية، ونتوحّد، إن في التاريخ مئات الأمثلة على أننا أمة شجاعة، ونحن الآن بأمسّ الحاجة إلى اتخاذ قرارات مصيرية شجاعة، وإن في تاريخنا قوافل لا تنتهي من أبطال قدّموا أرواحهم فداء لنا، أفلا يستحقون أن نكافئهم، ونضحّي بامتيازاتنا الشخصية أو الحزبية؟ ألا يستحق أطفالنا الذين لم يولدوا بعد أن يجدوا أمامهم ميراثاً آخر غير ميراث الفرقة والنكد والتعاسة؟
وإلى اللقاء في الوصية السادسة.
27 – 7 – 2012