كوردستان الغربية . . حقائق و مهام

  شريف علي

في التاسع عشر من الشهر الجاري  كان الحدث التاريخي بالنسبة للمنطقة عموما وللشعب الكوردي على وجه الخصوص , ذلك عندما باتت مدينة كوباني تدار عمليا من قبل أبنائها الكورد , وتحت العلم القومي الكوردستاني , أيا كانت آلية انتقال السلطة من أيدي الطغاة المستبدين إلى أيدي أبناء المنطقة لهو انجاز تاريخي ومفخرة للشعب الكوردي والسوري عموما خاصة وإنها تمت دون سفك للدماء وبشكل سلمي وفق الشعار الذي طرحته الثورة السورية منذ بدء انطلاقتها , هذه الآلية في الخطوة الأولى لتحرر باقي المناطق الكوردية من قبضة الدكتاتورية , والتي تختلف بكل تأكيد عما هي عليه الحال بالنسبة لمناطق أخرى من سورية أصبحت موضع جدل على الصعيدين الكوردي / الكوردي , والسوري / الكوردي من هنا كان لابد من التوقف مليا عند حقائق ملموسة على أرض الواقع وأخذها بعين الاعتبار عند أية قراءة للمشهد الكوردي في سوريا .
النظام ومنذ اغتصابه السلطة من الشعب قبل أكثر من أربعة عقود يراهن على التنوع القومي والديني والمذهبي في البلاد كي يحافظ على بقائه في السلطة ,عبر تقربه من المكونات التي تم تهميشها في اللوحة السورية وتهدر حقوقها أو تلك التي تعتبر مهددة من قوى غالبة عدديا .

وهو ما كان ولا يزال يلوح به , لا بل ينفذه على أرض الواقع ,وسيلة بشعة لكبح جماح الثورة الشعبية الساعية إلى إسقاطه من خلال التهديد المستمر بنشوب حرب أهلية في البلاد .وهو الأمر الذي لا تختلف عليه قوى المعارضة السورية بمختلف أطرها وكياناتها, وما حصل في اكثر من مدينة كوردية من مظاهر لتسليم السلطات الإدارية إلى حزب ال PYD  دون غيرها ليست سوى محاولات من جانب النظام لافتعال الفتنة في المنطقة الكوردية التي حافظت على الطابع السلمي لاحتجاجاتها ومشاركتها في الثورة ضد النظام رغم مرور أكثر من سنة ونصف من عمر الثورة ,  بالاستناد على اختلاق صراع كوردي /كوردي وتوجيه ضربة إلى إعلان هولير الذي أنجز برعاية الرئيس البارزاني بين القوى الكوردية  من جهة , وتوسيع الشرخ الذي افرزه مؤتمر القاهرة بين المعارضة الكوردية والعربية من جهة أخرى.
فالنظام الذي أحدث الفراغ الأمني والإداري , و أطراف أخرى التزمت الصمت تجاه التطورات , أرادت تسخير التضحيات الكوردية لمشاريعها المستقبلية في المنطقة , مما يعني دخول النضال التحرري الكوردي مرحلة حرجة ومفصلية لابد وأن تكون النظرة الكوردية متمثلة بقواها السياسية وفعاليتها كافة لا سيما الشبابية الثائرة التي كانت وستبقى دينامو الحراك الثوري الكوردي , أبعد من تحرير مدينة أو قرية وإدارتها من هذه الجهة الكوردية أو تلك ,وإنما يجب أن تكون نابعة من المصلحة القومية الكوردية العليا , والسير بالإتجاه الذي يخدم هذا المسار بما يضمن وقبل كل شيء السلم الأهلي , ومستلزمات و احتياجات معيشة السكان تفي المنطقة الكوردية واستمرار التضامن والتكاتف بين مكونات المجتمع في كوردستان الغربية , لمنع تهيئة المبررات للقوى الداخلية منها والخارجية , المعادية للطموحات التحررية الكوردية والشعب السوري عموما, بالتدخل في شؤون المناطق الكوردستانية وتحت أية ذرائع كانت.

ولما كان الإعلان مؤخرا عن تشكيل الهيئة العليا الكوردية خطوة عملية في تنفيذ إعلان هولير فإنه يستوجب كل الدعم والمساندة من قبل أبناء شعبنا الكوردي وأخوته من أبناء المنطقة والعمل على تطبيق المراحل التالية منه , بما فيه خير وسلامة وأمن المنطقة برمتها .
24 – 7 – 2012 
شريف العلي
الناطق الرسمي باسم البارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا
عضو المجلس الوطني الكوردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…