ما يجري في سوريا هو اكبر من طاقة حزب كردي بعينه

دلكش مرعي

عندما دعا معظم كتاب الكرد ومعهم العديد من الشرفاء من ابناء هذا الشعب إلى وحدة الشعب الكردي بقواها السياسية والشبابية والمجتمعية في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية من حياة هذا الشعب فلأنهم ادركوا جميعاً بأن ما يجري في الساحة السورية هي ليست حالة استعراضية أو مناسباتية يلقى فيها الأشعار الحماسية والكلمات الجوفاء التي تتكرر في معظم المناسبات الكردية المعروفة للتستر على الازمات والإخفاقات المتكررة  بل أدركوا بأن الامر يحتاج إلى طاقات هائلة وإمكانات وجهود متميزة وحنكة سياسية وخبرة ومؤهلات ذكية في إدارة ما يجري في هذه الساحة تفادياً لأي خطأ قد يكون قاتلاً تقضي على مستقبل هذا الشعب
 ومن أجل كل ذلك دعوا الى توحيد جهود جميع ابناء هذه الشعب وليس توحيد مواقف الاحزاب الكردية وحدها أو تنسيقيات الشباب او هذه المنظمة أو تلك وكان الهدف من هذه المناشدات هو ان يبتعد القوى السياسية في هذه المرحلة الحساسة عن الأنا الحزبية وصراعاتها الضارة بل ويبتعد الجميع عن المصالح الشخصية الضيقة  أو الفئوية المؤذية ويضعوا جملة هذه الامور جانباً في هذه المرحلة المصيرية بالنسبة لحقوق الشعب الكردي وأن ينحصر عمل وتوجهات الجميع  في تحقيق أهداف هذا الشعب وحقوقه المشروعة وعبر عمل جماهيري منظم وواعي تأخذ بعين الاعتبار معظم الوقائع الحساسة التي تحيط بالشعب الكردي ولكن من المؤسف بأن تمنيات الكتاب وتمنيات الشعب الكردي عموماً مازالت تذهب أدراج الرياح ولم تلقى أي استجابة حقيقية من قبل هؤلاء ويعود سبب اهدار جملة هذه الامور إلى النهج الكلاسيكي الذي ينتهج من قبل هذه الاحزاب هذا النهج الذي اثبت فشله تاريخياً لدى معظم الحركات السياسية في هذه المنطقة ولم تنتج سوى الدكتاتورية والاستبداد والأزمات لشعوب المنطقة فالواقع الراهن للثورة السورية كانت تفرض على الكرد المشاركة كحالة جماهيرية متراصة وبقيادة موحدة ومؤهلة لقيادة المرحلة يتم عبرها توزيع المهام على الجميع وبدون استثناء وعبر توجه سلمي كي يتمكنوا من تحقيق مطالبهم المشروعة ….

والسؤال المطروح هنا وبقوة هل سيتمكن أي حزب كردي بمفرده ملئ الفراغ الأمني الذي سيحصل في المنطقة الكردية عاجلاً ام آجلاً أو هل سيتمكن مجموعة  هذا الأحزاب بمفردها ودون مشاركة وتعبئة جماهيرية عامة هل سيتمكنون من الدفاع عن المنطقة الكردية والحفاظ على الأعلام المرفوعة ؟ فالكل يعلم بأن الآخر القادم من المعارضة السورية لن يكون مواقفه مختلفاً اتجاه الشعب الكردي وحقوقه من حيث الذهنية والتراث عن ذهنية النظام الآيل للسقوط … فكل الوقائع والتصريحات التي يطلقها معظم هؤلاء تأكد على هذه الذهنية المستبدة حتى قبل وصلهم إلى سدة الحكم والسؤال الأهم من كل ذلك هو هل سيستطيع هذه الأحزاب  تجاوز خلافاتهم في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة التي يتوقف على مجرياتها تحقيق حقوق الشعب الكردي أو اهدار هذا الحق ؟ 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…