مايتعلق بموظفي السلطات الأمنية – العسكرية فهناك طرق معروفة للتعامل معها تتسم بالمرونة والصرامة في آن واحد فقد أصدرت قيادة الجيش الحر بيانات وتعليمات بهذا الشأن داعية قوى الجيش والأمن بشكل خاص الى الانشقاق والالتحاق بالثورة وفي الفترة الأخيرة وضعت سقفا زمنيا محددا لتحديد الموقف اما الانشقاق والالتحاق أو اعتبارهم هدفا لضربات الثوار وفي حالة الأحزاب والجماعات والتنظيمات السياسية التي لها علاقات وصلات سرية أو شبه علنية مع أوساط النظام وخاصة مع أجهزته الأمنية فالأمر مختلف وتخضع لطرق ووسائل أخرى من المتابعة والعلاج .
الأمر الأخطر في المسألة أن النظام الشمولي السوري ومنذ عقود أخضع كل شيء للقرار الأمني ونظم العلاقات مع الأحزاب والحركات السياسية الوطنية والخارجية عبر فروعه الأمنية المعروفة وسخر أكثر من نصف ميزانية الدولة للمنظومة الأمنية لتتحكم في السيطرة الكاملة على مقاليد الأمور وتعبث بالحياة السياسية وتتفنن في ممارسة أبشع أنواع القمع والتعذيب والترهيب بحق المناضلين وتنجح في شق صفوف التظيمات الجادة التي تشكل تهديدا للنظام وتفتيتها وبث الشائعات ضد القادة الكفوئين أو تصفيتهم وتلميع صورة من هو مستعد للنفاق والموالاة وبيع الضمير بأبخس الأثمان .
علينا المصارحة بأن ساحتنا الكردية ومنذ بدايات ظهور – المكتب الثاني – في عهد الوحدة بقيادة – عبد الحميد السراج – تعرضت الى الاختراقات الأمنية وازدادت وتفاقمت في عهد التسلط البعثي وتحديدا منذ حكم الدكتاتور الراحل حافظ الأسد وحتى الآن وبدأت الفترة الذهبية (لانجازات) المنظومة الأمنية الحاكمة منذ أن تولى – محمد منصورة – الذي وصفه الدكتاتور المقبور بكبش الجزيرة مسؤولية الملف الكردي الى جانب ادارته للأمن العسكري في القامشلي خلال عقود ثلاثة حيث دشن وسائل مبتكرة حديثة تصب لصالح النظام في التعامل مع الحركة الكردية في سوريا وتركيا والعراق ومازال نهجه سائدا من بعده وأيتامه أمام ناظرينا وكل ما يحدث الآن في المناطق الكردية على الصعيد الأمني عبارة عن حصاد لنتائج مازرعه بعناية خلال عقود .
منذ أواسط ستينات القرن الماضي وتحديدا بعد انبثاق نهج اليسار القومي الديموقراطي المتمسك بالثوابت القومية والوطنية تزامنا مع مواجهة تحديات مخططات التهجير والحرمان من حق المواطنة والحزام العربي أصبحت السلطات الأمنية جزءا من الصراع الكردي – الكردي منحازة الى اليمين القومي المساوم حتى على وجود الشعب الكردي السوري ومن حينها بدأ التغلغل الأمني في الحالة الكردية بالجملة والتفصيل وتوسع ذلك ليشمل ساحة كردستان تركيا منذ الثمانينات بعد حلول السيد عبد الله أوجلان ضيفا على عائلة الأسد ودخوله باسم – حزب العمال الكردستاني – تركيا – طرفا في علاقات متشعبة أمنية وسياسية ولسنوات عديدة مع النظام السوري .
من جانبها وحتى قبل اندلاع الثورة السورية قام العديد من قيادات الأحزاب والتنظيمات الكردية السورية وغير السورية ولأسبابها الخاصة بها وتحت دوافع مختلفة بالتجاوب مع السلطات في التواصل ونسج العلاقات التي بقيت معظمها طي الكتمان وتقع مسؤوليتها على عاتق تلك القيادات بالذات وفي هذا المجال أرى أن الخطر الأكبر على الصعيدين القومي والوطني هو من استمر منهم في التعامل والتعاون أوعقد صفقات جديدة بغاية السرية مع نظام الأسد بعد قيام الثورة أحزابا كانت أم جماعات أم أفرادا من الداخل السوري أو من وراء الحدود ومن الواضح أن هذا النوع لن ينجح دائما في التمويه والتخفي واللعب على الحبال فاذا كان الحس الشعبي العفوي قد كشف ذلك النوع مبكرا بسبب ممارساته والحراك الثوري الكردي والسوري عموما قد كشف الغطاء عنه في معمعة النضال وعلى أرض الميدان فان مجرد سقوط النظام سيقرن الدليل الثابت بالقرائن والوثائق بالصوت والصورة ويساق المذنب عربيا كان أم كرديا أم آشوريا سريانيا أم تركمانيا الى المحاكم لينال جزاءه ولاينفع حينها التضليل والانكار وفي هذا المجال من الواضح أن مجموعات من الجيش الحر والثوار أنيطت بها متابعة الملف الأمني والاستحواز على الوثائق من مكاتب الفروع الأمنية وخاصة العسكري والجوي والسياسي والخارجي وما هي بحوزة اللواء محمد ناصيف كاتم أسرار نظام الأسد والمشرف على أكثر من ملف.
رغم اعتقادي بأن الوقت متأخر جدا الا أنه قد يكون مفيدا أن يعترف المذنب (حزبا كان أو حركة أو تنظيما أو جماعة أو أفرادا) بخطاياه من الآن علنا وأمام الشعب ويطلب منه السماح وأن يراجع حساباته ويكشف عن كل مااقترفه تجاه الشعب والوطن ويعلن للملأ تفاصيل الاتفاقيات المشبوهة على حساب القضية الكردية والثورة السورية الوطنية وهذا هو السبيل الوحيد لتخفيف الأحكام القضائية أولا وتمهيد السبيل لتحقيق التسامح والمصالحة وقطع الطريق على نوازع الانتقام والأخذ بالثأر .