التقرير السياسي لحزب آزادي الكردي في سوريا

  دعوات, ومؤتمرات, وقرارات, وتوصيات, ومساعدات, وشجب, وغضب, وتنديد, واستنكار, جميعها غير ملزمة, ولا تساوي قطرة دم سوري, على أرض سورية, نعم إنّها اجتماعات ومداولات وجلسات لمجلس الأمن الدولي, والأمم المتحدة, ومروراً بدول مجموعة الاتصال في جنيف, واجتماعات المعارضة السورية هنا وهناك, وصولاً إلى مجموعة أصدقاء سوريا, في تونس واسطنبول وآخرها في باريس، الذي ضم أكثر من مائة دولة، جميعها لم تستطع إنقاذ الشعب السوري من آلة القتل والدمار، وأمست بمثابة مُهَلٍ إضافية للنظام للاستمرار في خياره العسكري العنيف, ضد الشعب السوري وثورته المباركة, في ظل تفكك المعارضة وعدم ارتقائها إلى مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها, ومجاراتها لتضحيات السوريين, إلى جانب انقسام الأسرة الدولية تبعاً لمصالحها الذاتية حيال الثورة السورية, والوقائع تثبت, بأن الأزمة ستطول, وأن النظام بانتظار مزيد من الوقت بدعم ورعاية روسية, والحصيلة مزيدٌ من القتل والتدمير والاعتقال والتهجير.
  إن الشعب السوري عندما نزل إلى الساحات والشوارع والأزقة في أرجاء البلاد, وتحت أزيز الرصاص وهدير المدافع, ولا يزال مستمراً في ملحمته الأسطورية ضد الطغاة والجبابرة, قال كلمته (الموت ولا المذلة) ولن يتراجع عنها تحت أية ظروف وبأي ثمن, وأمسى لا يعير كبير الاهتمام بالخطط والمؤتمرات الإقليمية والدولية, لأن جميعها تفتقر إلى آليات ملزمة لردع النظام عن حصد أرواح السوريين, وتجبره على الوفاء بوعوده والالتزام بتعهداته؛ فخطة المبعوث العربي والأممي المشترك كوفي أنان ذات البنود السداسية والمتممة لقرارات الجامعة العربية حول الأزمة السورية, باءت بالفشل وعلى لسان أنان نفسه, وأضحى النظام السوري في ظلها, يتفنن في قتل الناس, وينسبها إلى جهات خارجية وجماعات إرهابية تريد الشر لسوريا والسوريين على حد زعمه, وراح يتمادى في القتل والتدمير واستخدام صنوف الأسلحة الثقيلة, إلى أن وصل الأمر إلى ارتكاب المجازر البشعة بحق السوريين ( الحولة, القبير, دوما, دير الزور,…) وفي ظل وجود المراقبين الدوليين, وأحياناً على مرأى سمعهم وبصرهم, لا بل طال عنف النظام في الآونة الأخيرة إلى بعض المراقبين الدوليين أنفسهم, وفي مناطق متفرقة من البلاد, إلى أن أعلن رسمياً عن تعليق عمل البعثة من قبل رئيسها الجنرال مود, وتوج بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, وجعل عمل المراقبين مفتوحاً على خيارات عدة, منها بقاؤها أو زيادة عددها أو إنهاء مهمتها أو وتحويلها إلى وسيط سياسي بين الفرقاء؛ أما بخصوص اجتماع جنيف ( مجموعة الاتصال الدولية بشأن سوريا ) في 30 / 6 / 2012 فلم يصل المجتمعون إلى أية نتائج مرجوة, وسط انقسام حاد في المواقف والرؤى بين الروس والصين, من جهة وبين الأوربيين والأمريكان من جهة ثانية, حول التفاوض على المرحلة الانتقالية بوجود رأس النظام من عدمه, ويجب الإشارة إلى أن مسؤولي الروس يدركون تماماً, بأنهم لن يستطيعوا حماية النظام وبقاءه حتى النهاية, ولكنهم يجدون في إطالة أمد الأزمة وديمومتها إنعاشا لاقتصادهم, عبر بيع المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية وقد تكون الفرصة التي لن تعوض للتخلص من بعض ترسانتهم العسكرية المتهالكة في مستودعات ( الاتحاد السوفيتي السابق ) والتي لا تلقى رواجاً في الأسواق العالمية, وتحولت إلى ما تشبه الخردة بمفهوم الصناعات العسكرية الحديثة والمتطورة.

  لا بدّ من التأكيد مجدداً, أن المعارضة السورية لم ترتقِ بعد إلى مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها؛ فمنذ ما يقارب السنة والنصف من عمر الثورة, لا تزال تعاني التشتت والانقسام والصراعات غير المبررة، متجاهلة معاناة السوريين وصيحات المتظاهرين في الداخل حول ضرورة توحيد الصف والموقف، وأخفقت على الدوام مخاطبة العالم بلغة سياسية موحدة, تقترب من طموح الشارع وتلامس مطالبه المحقة, كما أن عدم الاستجابة لمطالب الشعب الكردي في مؤتمر القاهرة بتاريخ 2-3 / 7 / 2012 جاءت مخيبة لآمال وطموحات الكرد وحراكه السياسي والجماهيري, وشكلت انتكاسة جديدة لرموز المعارضة ومدى تخلفها عن ركب الثورة وعدم ارتقاء وعيها في ظل الثورة السورية, إلى الاعتراف بالآخر المختلف قومياً, وهو دليل إضافي لعدم صلاحية بعض الأوساط المعارضة لمرحلة التغيير المنشودة, لا بل معاداتهم لتطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة؛ فجاء انسحاب الوفود الكردية من المؤتمر رداً طبيعياً واعتراضاً صريحاً على أدعياء معاداة النظام تارة, وانتهاج سلوكه الإقصائي تارة أخرى, حيال الشعب الكردي الذي بقي صامداً صمود جبال كردستان وضحى بالغالي والنفيس من أجل قضاياه الوطنية, وحقوقه القومية والديمقراطية المشروعة, على مدى أكثر من نصف قرن, قارع من خلاله أشكال السياسات الشوفينية والعنصرية البغيضة, ووقف في وجه جميع محاولات ومشاريع التعريب, وتذويب الكرد في بوتقة القومية العربية, وهنا لا بدّ أن نعلن للقاصي والداني, بأن المجلس الوطني الكردي ومعه حزب آزادي الكردي في سوريا, لن يتنازلا عن الإقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي, وعليه يحق له ما يحق لأي شعب يعيش على أرضه التاريخية, ووفقاً للعهود والمواثيق الدولية, وإننا نرفض الصيغة التي أقرتها وثيقة العهد الوطني لمؤئمر المعارضة في القاهرة والصادرة بتاريخ 3 / 7 / 2012 وخاصة الفقرة المتعلقة بوضع شعبنا الكردي( تقرّ الدولة السوريّة بوجود قومية كرديّة ضمن أبنائها، وبهويّتها وبحقوقها القوميّة المشروعة وفق العهود والمواثيق الدوليّة ضمن إطار وحدة الوطن السوري.

وتعتبر القومية الكردية في سورية جزءاً أصيلاً من الشعب السوري…) ونؤكد بأنه تراجعٌ واضح في مواقف بعض أطر المعارضة, حيال الشعب الكردي وقضيته القومية العادلة.


  وأما بخصوص الأحداث الأخيرة في المناطق الكردية, نؤكد على رفضنا القاطع, لجميع أشكال العنف والإرهاب الفكري الجسدي و السياسي, وندعو الجميع إلى مراجعة الذات, وضبط النفس, وعدم الانجرار إلى ألاعيب النظام ودسائسه الخبيثة, وعليه يجب التأكيد مجدداً بأنه لا بديل عن التقارب والتلاحم الكردي- الكردي, ولا بدّ من العمل وبالسرعة القصوى من أجل وضع أسس وآليات جديدة, تخدم التفاهم والتقارب الأخوي المشترك بين المجلسين الكرديين، وصولاً إلى شراكة حقيقية, وتعزِّز الثقة المتبادلة لدى جميع الأطراف, من خلال تجاوز الأخطاء والممارسات السابقة, والتي لا تخدم سوى أعداء الكرد وجلاديه.


  إن الشعب السوري ومعه الشعب الكردي, الذي أقسم بدم الشهداء, لن يتراجع عن ثورته, ولن يتخلى عن أهدافها, بعد بحور من الدموع والدماء، وسيستمر في مقارعة الطغاة مهما ارتفعت التضحيات وبلغ ثمنها, وصولاً إلى الحرية والكرامة للسوريين, والحقوق القومية للشعب الكردي, في إطار دولة تعددية برلمانية تشاركيه موحدة عمادها الديمقراطية, واللامركزية السياسية .


    
أوائل تموز 2012
اللجنة السياسية

لحزب آزادي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يكتسب الخطاب الشعبوي سلطته وسطوته حين يتم استغلاله كأداة لإعادة تشكيل الواقع وفرض رؤية محددة، لتسيدها، بغض النظر عن صحتها أو توافقها مع منطق الواقع. هذا النوع من الخطاب لا يكتفي بتقديم المواقف الخاطئة بوصفها حقائق، بل يتجاوز ذلك إلى تشويه المواقف العقلانية، وتجريم كل من يتبنى رأياً صائباً، في محاولة لترسيخ الوهم وإضعاف كل محاولة للتصحيح. إن…

فرمز حسين ليس سهلاً البقاء في القمة، مقولة سويدية و تعني أن الحفاظ على البقاء في القمة أصعب بكثير من الوصول اليها. هذا المثل ينطبق حرفياً على هيئة تحرير الشام و الفصائل الاسلامية المسلحة الأخرى التي دخلت دمشق منتصرة. الأسد سقط و زمرته بعد ثورة شعبية دامت أكثر من ثلاثة عشر عاماً شارك فيها الأغلبية الساحقة من السوريين مضحّين في…

نظام مير محمدي* لقد أشعل تحرير سوريا الجدل من جديد حول الفرص الضائعة التي أطالت أمد نظام بشار الأسد الوحشي. فقد كشف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في مقابلة أجريت معه مؤخرا أنه في عام 2013، خطط هو والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون لشن ضربة لزعزعة استقرار الأسد بعد استخدامه للأسلحة الكيميائية. ومع…

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…