الحركة التحررية الكردستانية مطالبة بتوحيد نضالها

كاردوخ

نظراً للأوضاع السياسية المضطربة والمتوترة التي تمر على الشعب الكردي وكردستان والمنطقة عامةً، مما يشير إلى خلق حالة من القلق الشديد لدى شعوبها، والفوضى السياسية، وعدم الاستقرار، وتهيئة مناخ عدواني مجهول؛ يُنذر بقيام حروب أهلية وإقليمية وربما دولية أيضاً، تختلف عن سابقاتها في المنطقة والعالم، نتيجةً للاحتقانات المتزايدة لدى هذه الشعوب والتي افتعلتها الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في المنطقة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، المتغيرات السياسية الدولية التي طرأت على الساحة العالمية والتي ألقت بظلالها على منطقة الشرق الأوسط بأكملها والتي نحن جزء منها سلباً أم إيجاباً.
وفي حين أن وضع الأحزاب الكردية في بعض من المناطق الكردية ككردستان سوريا مثلاً لا يبشر بالشيء المرجو منه، نتيجةً لانقساماتهم المتتابعة على أنفسهم وكثرة عدد أحزابهم المتزايد، وغير المجدي وتشرذمهم، مما خلق حالة من التعثر والتشتت السياسي الوطني المحلي، والقلق المتزايد لدى الوسط السياسي الكردي وخلق نوع من انعدام الثقة لدى الجيل الصاعد لاغتيال الروح القومية والوطنية في نفوسهم.

وأن مثل هذه الحالة الشاذة قد شجعت السلطة الحاكمة على ارتكاب مزيد من جرائم الاضطهاد القومي، وتطبيق المشاريع العنصرية بحق الشعب الكردي والاستمرار في سياستها العنصرية لتعريب المزيد من المناطق الكردية، وقطع أوصال الشعب الكردي في هذه البقعة من كردستان؛ لأن النظام الحاكم في سوريا قد نجح نجاحاً كبيراً في خلق أسباب كثرة الأحزاب الكردية، وانقساماتها على نفسها وتشرذمها في سوريا، مما أضعف القوى الوطنية الكردية المحلية للنهوض بواجبها في مواجهة تلك المشاريع العنصرية، منها مثلاً: تطبيق الحزام العربي بإنشاء المستوطنات العربية في الأراضي الكردية في محافظة الحسكة المتاخمة للحدود السورية التركية على طول مسافة أكثر من مائتين وعشرين كم تقريباً وعرض 15 إلى 20كم ، ونقل العشائر العربية من بادية محافظتي حلب والرقة إليها واستيطانهم فيها أي (تعريب المنطقة الكردية) -هذه السياسة التي استخدمها نظام حكم البعث الصدامي العفلقي في كردستان العراق سابقاً- وقبلها حرمان أكثر من 350 ألف كردي من الجنسية السورية، ناهيك عما أسلفنا فإنه مستمر في عملية اعتقالات أبناء الشعب الكردي دون توقف وتشريد الشعب الكردي عن دياره؛ من خلال إجراء سياسة الحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية، وإتباع سياسة التفقير والتجويع والحصار الاقتصادي بشكل مبرمج من خلال نهب ثروات المنطقة بأبشع الأساليب وصورها، وحرمان سكانها من المشاريع الخدمية والاقتصادية؛ بقصد إفشاء الفقر والبطالة بين الشعب الكردي، لتشريدهم وتهجيرهم عن ديارهم بشكل غير مباشر إلى خارج المنطقة، أي تطبيق سياسة (الإرهاب الاقتصادي)، وهذه تعتبر من أشد أنواع الإرهاب خطورة وضرراً للإنسانية على الإطلاق أي أشد من الإرهاب الاجتماعي والسياسي والثقافي.
أما بالنسبة للأوضاع السياسية في كل من كردستان تركيا وإيران، فإنها لا تختلف عن كردستان سوريا، بل تزيد عليها بسفك الدماء والقتل المبرمج واغتيال الشخصيات الوطنية البارزة من أبناء الشعب الكردي من قبل الطغمة الحاكمة منذ أمد بعيد على الرغم من وجود المقاومة المسلحة فيها خلال أكثر من قرن بشكل متقطع -ونحن إذ نُجلها ونحترمها ونحني هاماتنا لشهدائها الذين استشهدوا على مذبح الحرية هم شهداء الأمة الكردية وكردستان أغمدهم الله جميعاً في رحمته وجعل الجنة مثواهم وسيبقون حياً في ضمير الأمة الكردية إلى الأبد- حيث جعلوا من أرواحهم الزكية شعلة مضيئة أناروا بها درب الحرية لشعبهم وأمتهم، وزخرفوا بدمائهم الطاهرة قمم جبال كردستان الشامخة وسفوحها ووديانها، لتبقى في سجل التاريخ محطات مضيئة تذكرها الأجيال القادمة للأمة الكردية.

وأن الحركة التحررية الكردستانية موضع فخرنا واعتزازنا في جميع مراحلها المختلفة سياسياً وبقواها المسلحة المتمثلة بالبيشمركة الأبطال والثوار الأشاوس للدفاع عن حقوق الشعب الكردي، ولا شك أنها قد مرت في منعطفات تاريخية مشهودة صعوداً وهبوطاً وفي ظروف مليئة بالاضطرابات محلياً وإقليمياً ودولياً إلا أنها لم تتوقف عن مسيرتها التحررية وأداء رسالتها المباركة وواجباتها الوطنية والقومية  بكل عز وشرف وهي ستبقى موضع فخر واعتزاز للأمة الكردية أيضاً دون منازع، وها أنها قد وصلت بالحركة التحررية الكردستانية إلى مرحلة تبشر بإنعتاق الشعب الكردي من نير الظلم والطغيان، وها هي ماثلٌ أمام أعيننا تحرير كردستان العراق العزيزة من رجس الدكتاتورية والعابثين العنصرين القتلة أعداء الإنسانية.


غير إننا نشاهد منذ أن تحررت العراق وإقليم كردستان حركات عدائية مشبوهة، تقوم بها أنظمة الدول الإقليمية الحاكمة على كردستان، لقتل إرادة الشعب العراقي، وتفتيت قواه الوطنية، وإجهاض تجربته الديمقراطية الفتية، وبث روح الفتنة الطائفية والاقتتال الداخلي بين أبنائه، والعمل على تعقيد أموره، والتدخل السافر في شأنه الداخلي كـ(تركيا وسوريا وإيران)، وبمشاركة بعض من الدول الإقليمية الأخرى.

وخاصةً بعد إعلان التقرير المعروف بـ (تقرير كيري هاملتون) تزداد نشاطاً عدوانياً مفضوحاً، وهذه الدول تفتش عن وسيلة مخزية دون توقف؛ لخنق الحركة التحررية الكردستانية وعلى مستوى كردستان عامةً، وكما أنها لا زالت تحاول جاهدةً لإحياء تلك الاتفاقيات القديمة الجائرة المعروفة التي كانت تهدف دائماً إلى إجهاد الحركة التحررية الكردستانية والقضاء عليها كلما نهضت من أجل الإنعتاق والتحرر من حكم هؤلاء الطغاة العنصريين المتعطشين لدماء الشعوب البريئة، بدءاً من ثورة المرحوم شيخ عبد الله النهري، ومروراً بثورة الشيخ سعيد البيراني، وإحسان نوري، والبدر خانيين عموماً، وسمكو، وجمهورية مهاباد بقيادة المرحوم قاضي محمد، وثورة الشيخ محمود الحفيظ، والشيخ أحمد البرزاني وغيرها، وانتهاءً بالثورة المعروفة البارزة بقيادة مصطفى البرزاني التي استمرت 14عاماً.

وأن قادة هذه الثورات عموماً هم رموز الأمة الكردية وحركتها التحررية الكردستانية وعليه فإننا نرى بأننا نعيش حالياً في ظرف محلي وإقليمي ودولي خطير يهدد وجودنا أرضاً وشعباً، مما يستوجب علينا التفكير به جدياً والعمل لوحدة نضال الحركة التحررية الكردستانية وتضافر الجهود في هذا المضمار وخاصةً في هذه المرحلة التاريخية المصيرية، حيث أنها باتت أمراً ضرورياً وواجباً قومياً لا يمكن الاستغناء أو التغاضي عنه أو التقليل من شأنه.
وقد أثبتت تجارب الشعوب والأمم بأن تقدمها وتطورها وانتصارها في وحدتها وتكاتفها معاً، ونبذ الأحقاد والنفور والمحسوبية والمكاسب الفردية الوقتية والابتعاد عنها، ومكافحة (الأنا) بكل صدق وجد لأنه العدو الأقوى والأشرس والأكثر فتكاً بنا في ساحة النضال فلابد لنا التخلص منه !!!!!!
وبناء على ما تقدم فإننا نرى بأن الحركة التحررية الكردستانية مطالبة في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة -كما أسلفنا- بتوحيد نضالها وجهودها على أسس استراتيجية شاملة وموحدة حسب المناطق الكردستانية، وكل وفق خصوصيتها الجغرافية، وإمكانياتها الذاتية والمعنوية في الميدان السياسي التحرري القومي الإنساني، تحقيقاً لأمنيات الشعب الكردي ورغباته المشروعة والدفاع عن وجوده أرضاً وشعباً وحفاظاً على المنجزات القومية الهامة التي تحققت في كردستان العراق بفضل نضال الشعب الكردي وتضحيات مئات الألوف من خيرة أبنائه بأرواحهم الزكية في سبيل تحقيق تلك المنجزات المقدسة بالنسبة للشعب الكردي في كل مكان.
وانطلاقاً من إيماننا بوجوب وحدة نضال الحركة التحررية الكردستانية الشاملة والعمل من أجلها، وبناءً على متطلبات المرحلة الراهنة وعليه فإننا نرى: بأن القيادة الكردية في كردستان العراق وخاصةً المتمثلة في قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، باعتبارهما أكثر إمكانية في الوقت الحاضر للقيام بهذه المهمة  القومية والوطنية الإنسانية لتحقيق هذا الهدف المقدس، فإننا نأمل من هاتين القيادتين الكريمتين أن تقوما بهذا العمل النبيل في هذا الميدان القومي والوطني على مستوى كردستان عموماً لإنقاذ الحركة التحررية الكردستانية من التشرذم والانقسامات التي قد تؤدي إلى التراجع والتقهقر والتشرذم وخلق روح التشاؤم وقتل الروح القومية والوطنية في داخل الإنسان الكردي بدلاً عن تنشيط الروح الوطنية والقومية والتلاحم النضالي لديه .
ولكم فائق احترامنا وتقديرنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…