أحلام برسم 2007

عمر كوجري

  في منتصف ليلة الحادية والثلاثين سحب كل واحد منا آخر ورقة من روزنامة  2006   ذلك العام الذي قال عنه المهتمون بحركة الكواكب والعلوم الفلكية أنه سيكون عاماً جيداً لكنه كان عكس توقعاتهم ،وتفاؤلهم ، وكذب المنجمون ولو صدقوا .

فعلى كل الصعد كان عاماً سيئاً بامتياز ، وعندما يرغب واحدنا أن يعرض أوراق حياته خلال أيام السنة الفائتة سيبحث عن بصيص الشمعات المضاءة ، ويضع أيامه الحلوة – إن وُجدت – في كفه لئلا تفر من بين يديه  حتى صارت هذه الأيام مثل الجرائد الرسمية ” فالطبول هي الطبول – والحرب ليست مهنتي ” كما يقول الغالي محمود درويش .
وما أشبه البارحة باليوم وكأن الــ 365 يوماً التي عشناها بمُرِّها فقط هي نسخ مكررة عن أول يوم استفتحنا به العام الجديد.

بطبيعة الحال: الناس مشغولون حتى نقي عظامهم بالاحتفال بإنجازاتهم ، وأيامهم المشرقة ، ولياليهم الحمراء والملونة بكل الألوان – أعني ناس خارج جغرافياتنا المريضة ـ أما نحن أبناء القهر والليالي الحزينة سنظل إلى آخر المدى نعلك أحزاننا ، ونلوكها تاركين كل معاني الفرح في أقرب مخفر متخصص لاعتقال الأحلام والأماني والسِّير العطرة، والكلمات الحلوة والأنيقة التي خبأناها وموَّناها في صِغَرنا البائس ، وطفولتنا التي احترقت باكراً ،ولم ندرِ ما السبب ؟؟ هذه الكلمات أحببنا أن نلقيها في وجوه الأكبر سناً خوفاً من سياطهم القاسية، ولم تنجُ وجوهنا الصفراء بفعل غزارة الدم في عروقنا من صفعات الكبار .
هناك في الدنيا التي هي غير دنيانا بالتأكيد سمعت أو قرأت أن الموتى يوصون قبل أن يُودِّعُوا هذه الدنيا الفانية أن يُسَطَّرَ على قبورهم عدد الأيام والسنوات التي عاشوها في هناءة البال ، كأن يُكْتَب على قبر المتوفى : عاش الراقد هنا سنتين أو ثلاث سنوات أو يوماً أو أسبوعاً ، أما نحن فهل لقبورنا ـ إذا ما أسلمنا الروح لباريها ـ علائم أو دلالات تدل على أننا كنا هنا يوماً ، وخططنا على الأرض بعض خربشاتنا البريئة ؟؟؟
في ليلة رأس السنة ـ وإن على سبيل التقليد ـ يحتفل الكثير منا بمضي عام من حساب حياته ، لكنه يحتفل ولو بكيلو من الجزر والبرتقال الرخيص ” للعلم لم يعد عندنا شيء يُشْترى ، فالأسعار تحلق عالياً ، والمعيشة لا تطاق” وبالطبع هناك ” الشبِّيَحة” الذين يلهطون الأخضر واليابس هؤلاء يجلسون أمام الموائد العامرة، وينطربون على تمايل الخصور الهيفاء والأرداف الناعمة و..و..
في ليلة رأس السنة يحلم الكثيرون بأيام أفضل مما سبقت ..

برغد العيش ..بظروف حياتية وإنسانية أفضل ..أو ربما بالحلم بالفوز بورقة اليانصيب ،
أما أنا فحلمي:
هو:أن تُبَيَّضَ السجون في البلاد ، ولا يُعْتَقَلُ أحدٌ لمجرد أنه قال رأياً مخالفاً للرأي السائد، أو الثقافة السائدة
أن تكون السجون مأوى المجرمين والحرامية ، والذين يسرقون قوت الشعب ، والفاسدين والأفاقين ، والمتسلقين وماسحي الجوخ ، والذين يبيعون الوطن بحفنة من المصاري ، والذين يستغلون مناصبهم من أجل الإثراء السريع على حساب فقر المواطن المسكين .
أن يُفرج عن كل المعتقلين السياسيين وعلى سبيل التذكير : العالم الاقتصادي عارف دليلة ، والمفكر المتنور ميشيل كيلو والسياسي الكردي محي الدين شيخ آلي ، والمحامي أنور البني ..

و..

وغيرهم كثيرون
أن يعود كلُّ المنفيين إلى بلدهم من غير أن يودعوا الأقبية الرهيبة ما إن تطأ أقدامهم أرض مطار الوطن،ومن دون أن يُحاكموا إلى إذا كانوا قد اقترفوا وارتكبوا أعمالاً جنائية وغيرها، وأن يُعَوَّضوا مادياً ومعنوياً إذا كانوا أبرياء .
أن تنظر الدولة إلى الموضوع الكردي بعين الاهتمام ، فتعمل على كل من شأنه أن يعيد الحق إلى أصحابه ابتداء من حل آثار الحزام العربي المقيت إلى إعادة الجنسية للمحرومين منها ظلماً وبهتاناً ، إلى الاهتمام بالثقافة الكردية والتاريخ والفلكلور الكردي ، واعتبار القومية الكردية هي القومية الثانية في البلاد من حيث الكم ، والتعامل مع الحركة السياسية الكردية باعتبارها الممثلة الشرعية لطموحات وآمال الشعب الكردي ، وألا تنظر الدولة إلى الحراك السياسي الكردي باعتباره عدواً، ويترصد لاقتطاع جزء من أرض البلد..

الخ …
أن تعيد الدولة النظر بوضع الفقراء الذين يزدادون فقراً كل يوم جديد ، وتعاد لهم كرامتهم المهدورة تحت وطأة الحاجة والعوز ..
أن تضع الدولة قانون الطوارئ والأحكام العرفية في زبالة التاريخ لأن هذه القوانين الاستثنائية هي أكبر معيق لتطور سوريا اقتصادياً ..اجتماعياً ..سياسياً، ولم تجلب لها غير الكوارث،وانتهاك لحرمة الإنسان وحقوقه التي رعتها المواثيق والشرائع الدولية .
أن تصدر قانون أحزاب عصرياً، لا مقيساً على مقاس النظام ، فما الفائدة لهكذا قانون إذا حرم تشكيل الأحزاب على الأساس العرقي والديني ؟؟؟؟
أن ..و أن ..وأن … ولكن هل تتحقق المطالب بالأحلام والأماني ، فكما يقول المثل الكردي ” Dara hêviya şîn nabê أي : شجرة الأماني لا تثمر .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…