حرب التماسيح على الدم الفصيح

إبراهيم اليوسف

إلى دوما والزملكا وبقية مدننا الصامدات

استغربت، وأنا أقرأ ماصد رباسم  “أحد”..” أصوات المجلس الوطني السوري، من تقويم غير مسؤول للقاء جنيف، المسمَّى بمجموعة العمل حول سوريا، والذي تحضره الدول الخمس، دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي روسيا و الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا، و”الأمينان” العامان للأمم المتحدة والجامعة العربية بان كي مون و”نبيل العربي”،  والعراق وقطر والكويت، وتم استبعاد: السعودية ، في رسالة معلنة إليها بعدم التمادي في الدعم المعنوي للثورة السورية العظمى .
 على أن فيه “بعض النقاط الإيجابية”، بالرغم من أن “الغموض” يكتنفه،على حد تعبير التصريح الذي سربته وسائل الإعلام، وذلك لأن ماتم في جنيف يوم أمس، يندرج في ماذهب إليه بعضنا، عندما أكدنا أن مايتم من تآمر على الثورة، إنما هو عالمي، لأن في كل لقاء يتم إنما محاولة لإيقاف النظام الساقط مضرَّجاً بخياناته الكبرى، على رجليه، بدلاً من محاولة إيقافه، ووضع حدٍّ له، وقد قال هؤلاء المجتمعون، من قبل، و كل بطريقته: إن نظام الأسد فاقد لشرعيته..!؟؟.

بدهيٌّ، أن النظام الروسي، قد كشف أوراقه كاملة، ليبين للعالم أن ماكان يتمُّ التحدث عنه، من قبل حول هيمنة “الصهيونية” على سياساتها، إنما بات واقعاً، وما سياسات فلاديمير بوتين التي ينتهجها المدعو سيرغي لافروف إلا ترجمة واضحة لذلك العقل الذي يتحكم بربقة ورقبة روسيا، والذي لايبكي البتة على مئة ألف مواطن له في سوريا، ولا على ترسانتها العسكرية الوحيدة في المنطقة، كرئة عسكرية وحيدة في المنطقة، لأنه كان من الممكن الاتفاق مع المجلس  الوطني السوري، الواجهة الأفضل، للثورة السورية، على ضوء ماهو موجود، حول ضمان بقائها في المنطقة، وإن كان أي قرار من نوعه، عائداً -في الأصل- إلى الشعب السوري، لا إلى أحد غيره، بعد سقوط النظام السوري، عن بكرة بيادقه، وأبيه..!.
يبدو أننا هنا، أمام أجواء جديدة، قديمة، لتكريس خطة كوفي عنان، وضخِّ الرُّوح والدم فيها، بالرغم من إعلان الرجل نفسه سقوطها، وهي نفسها “وصفة” أممية، لاستدراج الثورة إلى فخاخ القبول بالأمر الواقع، وإن خروج الأطراف الرئيسة في اللقاء، باتفاق، حول “تشكيل حكومة وحدة وطنية” هي محاولة لتكريس مبدأ أن بقاء الأسد على رأس السلطة، مسألة لابد منها، بل إن الدعوة إلى  إلقاء “الجيش الحر سلاحه”، مقابل عودة الجيش إلى الثكنات، إعلان للإجهاز على “الثورة” والتمهيد لضمان استمرار آلة القتل في الانتقام من “الشعب السوري” لا “الثوار” وحدهم، لأن شعار الثورة في إسقاط النظام كلٌّ متكامل، وهو نفسه جزء “من أيّ حل” حقيقي لإنقاذ سوريا -وإن كان هناك من هو صادق في موقفه من الثورة والنظام- مادامت أية تجزئة لمطلب الثورة يعني فشلها، ونصرة النظام البائس الذي يحشرج، الآن، ويلفظ أنفاسه الأخيرة، لاعقاً هزيمته الموشكة….!.
إن “إرادة” الشعب السوري، هي التي صاغت شعار “إسقاط النظام”، وهي وحدها التي ستترجم ذلك، من خلال عملها الميداني، على امتداد مساحة سوريا، مادامت “الإرادة الأممية” لم ترتق إلى مستوى إنصافها، بل إنها راحت تضع المعوِّقات في مسارها، في الوقت الذي تسكت عن دعمها الكامل من قبل روسيا، وإيران، وبعض البيادق المحلية الآيلة للسقوط  مع السقوط الأكيد للأسد، والذي لاشك ولا ريب فيه، ولا محالة منه..!.
ولعلّ نظام الأسد الذي باتت الموافقة الأممية على استمراره، مرهونة على مدى توفيره “الحراسة لحدود إسرائيل” ” الآمنة”، تبين طبيعته، وتكشف عن كيفية استمراره، في قيادة دفة الحكم، خلال عقود طويلة، مقابل السماح له باستخدام “كل وسائل الحرب الكلامية العظمى” في معاداة الإمبريالية والصهيونية، وهو ما ينمُّ عن تناقض رهيب، هو -في التالي- ديدن وأسس  بنية شخصية هذا النظام الذي يتصرَّف بثقة، كاملة، في ممارسة دعارة الجريمة بحقِّ البشرية، أمام معادلة أممية مبنية على “العهر” السياسي، بكل ما يحمله، هو الآخر من تناقضات…!؟
إن المجلس الوطني السوري، أمام امتحان فعلي*، لرفض ماصدر عن لقاء جنيف، واعتباره، امتداداً لما يقوم به النظام، واعتبار أن أي قرار من قبل أية جهات عالمية، حريصة على “الدم السوري” لابدَّ وأن يتضمن في أول بنوده، إسقاط هذا النظام، وكل خططه التي يتأسس عليها، بما في ذلك بيادقه المعتمد عليها، في الصف الثاني، أو الثالث، أو الألف، وإن قيامه بتوفير إمكان اعتماد المجلس الوطني السوري، وبالتنسيق مع الثورة، التي  تعدّ مانحة الشرعية له، مايكفل تحقيق” المصالحة والوحدة الوطنيتين اللتين يتباكى عليهما، التماسيح العظمى، المناصرة للنظام، حيث لافرق البتة، هنا، بين أمريكا، وروسيا،حيث كل منهما أمين على أمن إسرائيل، ومصالحهما في الشرق الأوسط، وليس على دماء المواطنين الآمنين، افتراضاً، في “حرب” هي”عالمية”، مضموناً، على أعظم شعب في المنطقة، والعالم…!.
elyousef@gmail.com
· خشية أي رد فعل مرتقب من شارع الثورة الذي يمنح المجلس الشرعية

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…