أطاحت الثورة بالرئيس المستفتي عليه أو المنتخب بنسبة 99,99% زورا وبهتانا لإرادة الشعوب في كل من تونس, وليبيا , ومصر, واليمن, ومعها نبذت هذه الثورات الفكر الشمولي الواحد, ومنطق الحزب العقائدي الرائد, الذي يتزعمه القائد الرمز الخالد, وما زال الحبل على الجرار في العديد من الدول التي ما تزال تستعر فيها نار الثورة.
ولعل تجربة الإخوان المسلمين في مصر هي خير دليل على ذلك , فبالرغم من كل المحاولات التي قامت بها الجماعة خلال عمر الثورة المصرية القصير لتدعي شرف القيام بها الا ان ذلك لم يجدي نفعا أمام عفوية وشبابية
الثورة وفكرها المتحرر من القيود القديمة الذي انتهجته سبيلا للتخلص من الحكم المستبد ومن صناديق التسعة والتسعون , لذلك حاولت هذه الجماعة ان تحصل من الثورة وتنتفع من كل مكاسبها وتسطو عليها , ولكن عصا الثورة كان بالمرصاد فقد ولى فكر الحزب العقائدي أيا كانت العباءة التي يرتديها, والنتيجة ان الإخوان وبالكاد فازوا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بنسبة52% , وهذا درس آخر وصفعة في وجه كل أصحاب الفكر التقليدي, ورسالة تقول ان من لا يحكم بالعدل وارادة الشعب ويحقق العدالة الاجتماعية, فإنهم وكما هو حال الإخوان في مصر سيكونون على شفا حفرة , وعلى حافة الهاوية للسقوط في المرة القادمة ,وستكون الهزيمة حليفهم ويكون البقاء للأفضل والأصلح ,
تهمس الثورة في أذان من لا يراهنون الا على عدتهم وعتادهم وفكرهم القديم, لتقول بأن اللحظة التاريخية قد اتت على الفكر الشمولي وأصحابه , وقد آن أوان التغيير فليغيروا أنفسهم فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, والا فأن الثورة ستغير من هو عصي على ذلك , فثورات عصرنا لا تنقضي بإسقاط نظام بل هي في حالة انعقاد دائم, مكانها الساحات وأداتها في التعبير والتغيير هي الاعتصام والصراخ في وجه كل من يريد أن يحرف البوصلة عن مسارها الصحيح ويتعلق بعقارب الساعة يحاول عنوة أن يعيدها الى الوراء ولكن أنى له ذلك فهذا زمان لا كما يتصورون….
بمشيئة الملاح تجري السفن … والتيار يغلبه السفين … (كما يقول الشاعر) فهل يتعظ الغافلون عن حكم التاريخ وصيرورة الزمن.