إبراهيم محمود
عندما نشرتُ حلقات بحثي عن الراحل الدكتور نورالدين ظاظا سنة 2006 انترنتياً، وعلى خلفية إشكالية مركَّبة لحلقة منها، لم يتردد حزبان كرديان، هما( البارتي والديمقراطي التقدمي)، وعلى مستوى قيادي، وخصوصاً بالنسبة للأول، في نشر بيان وما يشبه البيان، حيث جرى تخويني وإطلاق نعوت غاية في السلبية برعت فيها الأحزاب الكردية فيما بينها وتجاه الذين اتخذوا موقفاً منها لا ينسجم وسياساتها الداخلية، وتم توزيع هذا البيان التخويني باليد ورواجه في اجتماعات حزبية وفي أوساط مختلفة فيما يشبه جبهة مشتعلة بكاملها، باعتماد المتواطئين معهما من كتاب كرد، ولم يأت أي تعليق أو رد من أحزاب أخرى حول ما تقدم، كون ذلك ناسبها في تحفظها إزاء أي نقد يوجَّه إليها مجتمعة،حيث عبَّرتُ عن ذلك في ردي على ذلك، وتم نشر كل ذلك في ملحق كتابي عن الراحل ظاظا في كتاب مستقل سنة 2007.
أعيد هذه النقطة إلى الأذهان، وأنا بصدد صدور كتاب الأستاذ عبدالمسيح قرياقس (المسألة الكردية في سوريا) منذ فترة، وفيه ركَّز الكاتب على الأحزاب الكردية بالجملة، مفصحاً بجلاء عن دورها المعتبر شديد السلبية في تمثيل الشعب الكردي وفي علاقتها بالوطن الواحد : سوريا، وعلى طول صفحات الكتاب، لا بل وتخوينها حرفياً.
المفارقة الكبرى ليست فيما أثاره الكاتب، وإنما في صمت الأحزاب الكردية بالجملة حول الوارد عنها في كتابه، وأظن أن معظمهم قد اطَّلع على الكتاب كما أعلم شخصياً، حيث لم يصدر عنها أي توضيح لموقفها مما يخصها على الأقل.
لقد نشِرتْ ردود صاخبة، عنيفة، وما حاولتُ القيام به هو مناقشة منهجية الكتاب في مقال منشور لي، أي في المجال الذي اعتبرته عائداً إلي، بينما ثمة آخرون حاولوا أن يتحركوا في الظلال الحزبية، كما لو أن الذين تحدثوا بأسمائهم من الحزبيين الكرد كانوا بدون لسان وعين وذاكرة مكانية، والذين “تصدَّوا ” للكتاب، عبَّروا عن نشوتهم بالوكالة لما قاموا به.
ماذا وراء صمت الأحزاب الكردية عما جرى؟ هل استهانت بالكتاب، وفيه الكثير مما يخصها؟ هل لأنها تتميز بنوع من ضبط النفس، وتعاليها على مسائل من هذا النوع؟ وهي في مجموعها، ودون استثناء معنية بها!
إذاً لماذا كان ذلك الاندفاع القومجي والشعبوي والهجوم الشخصي علي، بصدد شخص واحد، لم يبخل رموز في هذه الأحزاب في التنكيل وإلحاق الأذى به حتى مماته “1989”، ليجري استغلاله بعد رحيله حتى اللحظة!؟
هل الموقف من شخص واحد، كان ضحية سياسات تصفوية وتكتلية مرعبة، يتعدى الموقف مما هو حزبي بالجملة؟ أم أن في الموقف شيئاً آخر أبعد مما أثير حتى الآن؟ ألا يتعلق الموقف بالآخر ومن يكون في الانتماء الاثني والمذهبي والاجتماعي والثقافي، واعتماد نوع من التقية السياسية المزيفة والفاضحة؟ ولماذا يعمد كتاب معينون إلى تمثيل هذه الأحزاب، وهي لا ترضى مطلقاً أن يكون هناك من يدّعي تمثيلها ولو في زاوية ميتة، لأن ذلك يمس البعد الزعاماتي لها؟ إنها العلامة الفارقة الخاصة بـ”ماكينة” الأحزاب الكردية والتي تكون عاطلة، أو ليست فاعلة عندما يتعلق الموقف بطرف آخر ليس من دائرتها الاثنية، رغم أن الموقف سياسي واجتماعي وتاريخي وحتى وطني، ولأن قائمة الأحزاب هذه معنية بكل نقطة واردة في الكتاب، حيث يمكن القول بأن الكتاب موجَّه إليها، وهي في خانة المسائلة، وعليها أن ترد..
المفارقة الكبرى ليست فيما أثاره الكاتب، وإنما في صمت الأحزاب الكردية بالجملة حول الوارد عنها في كتابه، وأظن أن معظمهم قد اطَّلع على الكتاب كما أعلم شخصياً، حيث لم يصدر عنها أي توضيح لموقفها مما يخصها على الأقل.
لقد نشِرتْ ردود صاخبة، عنيفة، وما حاولتُ القيام به هو مناقشة منهجية الكتاب في مقال منشور لي، أي في المجال الذي اعتبرته عائداً إلي، بينما ثمة آخرون حاولوا أن يتحركوا في الظلال الحزبية، كما لو أن الذين تحدثوا بأسمائهم من الحزبيين الكرد كانوا بدون لسان وعين وذاكرة مكانية، والذين “تصدَّوا ” للكتاب، عبَّروا عن نشوتهم بالوكالة لما قاموا به.
ماذا وراء صمت الأحزاب الكردية عما جرى؟ هل استهانت بالكتاب، وفيه الكثير مما يخصها؟ هل لأنها تتميز بنوع من ضبط النفس، وتعاليها على مسائل من هذا النوع؟ وهي في مجموعها، ودون استثناء معنية بها!
إذاً لماذا كان ذلك الاندفاع القومجي والشعبوي والهجوم الشخصي علي، بصدد شخص واحد، لم يبخل رموز في هذه الأحزاب في التنكيل وإلحاق الأذى به حتى مماته “1989”، ليجري استغلاله بعد رحيله حتى اللحظة!؟
هل الموقف من شخص واحد، كان ضحية سياسات تصفوية وتكتلية مرعبة، يتعدى الموقف مما هو حزبي بالجملة؟ أم أن في الموقف شيئاً آخر أبعد مما أثير حتى الآن؟ ألا يتعلق الموقف بالآخر ومن يكون في الانتماء الاثني والمذهبي والاجتماعي والثقافي، واعتماد نوع من التقية السياسية المزيفة والفاضحة؟ ولماذا يعمد كتاب معينون إلى تمثيل هذه الأحزاب، وهي لا ترضى مطلقاً أن يكون هناك من يدّعي تمثيلها ولو في زاوية ميتة، لأن ذلك يمس البعد الزعاماتي لها؟ إنها العلامة الفارقة الخاصة بـ”ماكينة” الأحزاب الكردية والتي تكون عاطلة، أو ليست فاعلة عندما يتعلق الموقف بطرف آخر ليس من دائرتها الاثنية، رغم أن الموقف سياسي واجتماعي وتاريخي وحتى وطني، ولأن قائمة الأحزاب هذه معنية بكل نقطة واردة في الكتاب، حيث يمكن القول بأن الكتاب موجَّه إليها، وهي في خانة المسائلة، وعليها أن ترد..
لا أقول هنا، ومن باب المكاشفة، بأن هذه الأحزاب غير عابئة بما ورد عنها، ولا لأنها تتعالى على الوارد فيه، لأن ثمة أمثلة تعرّيها في مواقفها، كما في الحالة الخاصة بي، أو لأنها ترمي ببصرها إلى الأبعد، ولديها ما هو أكثر من ذلك، غير أنني أستطيع أن أقول على أنها تستعرض قواها فيما بينها، وإزاء أي “نفر” من بني جلدتها، وتتفرغ لما يعنيها مصالحياً، محيلة “قضيتها” إلى ما هو مستعد للدفاع عنها بنوع من الاستزلامية أو الإمَّعية، وبؤس الوجه الثقافي فيها.