اعتقال شيخ آلي و الرسائل الموجهة

 

عبد الحليم سليمان عبد الحليم

للاعتقالات الأمنية صورتها و معناها في أذهاننا كأكراد سوريا و التي تعني لنا شيئاً واحداً لا تفسير آخر له و هو القمع والاضطهاد.
فاعتقال ناشط كوردي مهما كانت انتماءاته أو توجهاته الحزبية أو الطرفية له مدلولات معينة وفق لعبة الاعتقالات الأمنية التي  تصب في خانة كبح الجماح أو التقليم أو تحديد الأطر لدائرة النشاط على مختلف الصعد سواء الجماهيرية منها أو التواصلية وبناء الجسور وتفهيم الآخر و..
ولكن أي مدلول يحمله اعتقال شيخ آلي وأي معنى يمكن استنتاجه من هذا الاعتقال الذي يعد سابقة نادرة في الوسط الكوردي منذ عقود؟
و دون تسطيح وتعقيد لهذه المسالة في آن واحد، باتت القيادات الكوردية في الساحة السورية اليوم  في مرمى تسديد الجهات الأمنية المختلفة بعدما أن كانت القيادات بعيدة عن نهج الاعتقال من قبل السلطات وذلك بهدف خلق الشك في الأوساط بأن القيادات الكوردية لا تمسها الأيدي و خلق الانطباع  أن هذه القيادات مرتبطة وهم رجال للأمن بصورة أو بأخرى لتحد من مدى الارتباط بينها  و بين الجماهير ، و بالتأكيد أن الجهات الأمنية كانت تستفيد من حالة التعددية المفرطة لدى الأحزاب الكوردية في هذه الناحية .
وما حصل للشيخ آلي في مقهى النخيل في حلب كان و سيكون له تداعيات مختلفة  في الساحة الكوردية  ،و لا أحد يعلم ما الذي ستحمله الأيام المقبلة من أسماء لقيادات ستكون معتَقلة من قِبل هذه الجهة الأمنية أو تلك،فعلى الجميع الاستعداد للآتي القريب الذي ينذر ولا يبشر، و لا يعني هذا الاستعداد كيف ستجاوب هذه الشخصيات القيادية على أسئلة المستجوبين لهم أو كيف ستتحمل سماع الكلمات النابية أو ضربات الكبل أو صعقات الجهاز الكهربائي أو مدة بساط الريح؛ بل على القيادات  الاستعداد السياسي  ولا سيما أننا نعيش فترة الدعوة لتوحيد الصف و الكلمة ومصدر القرار الكوردي و المرجعية الكوردية التي باتت المرحلة الأخيرة لتكون الحركة الكوردية صاحبة القرار في القضية التي تعمل في إطارها،و تأخير تأسيس المرجعية الكوردية لا معنى له إطلاقاً في هذه الظروف التي يقول عنها معظم القياديين الكورد بأنها دقيقة  و صعبة لذلك التريّث والإعاقة والإبطاء سيكون لها تداعيات سلبية ستؤول بالوضع الكوردي نحو الأسوأ.
إن هذا الاعتقال بحق شيخ آلي ما هو إلا إنذار للكورد وممثليهم كما كانت يوماً في رسائل أخرى لم تكن تفهمها معظم القيادات.
فالتمنع عن وحدة هذا الصف الكوردي يدل على الرؤية الإستراتيجية المعدومة لهذه القيادات .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   في دهاليز السلطة، حيث تتهامس الأقدار وتتصارع الإرادات، تُحاك خيوط اللعبة السياسية ببراعة الحكّاء الذي يعيد سرد المأساة ذاتها بلغة جديدة. تُشبه تركيا اليوم مسرحًا تراجيديًا تُعاد كتابة فصوله بأقلام القوة الغاشمة، حيث تُختزل الديمقراطية إلى مجرد ظلٍّ يلوح في خطابٍ مُزيّف، بينما تُحضَر في الخفاء عُدّة القمع بأدواتٍ قانونيةٍ مُتقَنة. إنها سردية قديمة جديدة، تتناسخ…

خالد بهلوي بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وإرساء أسس بناء الاشتراكية وظهور المعسكر الاشتراكي كقوة اقتصادية وعسكرية تنافس الدول الرأسمالية ومعسكر الحلف الأطلسي، انعكس هذا التوازن على العديد من الدول، فحصلت على استقلالها، ومن بينها الدول العربية. كما خلقت هذه التحولات قاعدة جماهيرية تنادي بضرورة الاشتراكية، وأصبحت بعض هذه الدول، وحتى الأحزاب القومية التي تشكلت فيها، تدّعي…

شكري بكر لا يزال موقف حزب العمال الكوردستاني غير واضح تماما من فحوى نداء أوجلان في تسليم السلاح وحل نفسه. هنا سؤال يطرح نفسه: هل رسالة أوجلان وجهها لحزب الاتحاد الديمقراطي في تسليم السلاح وحل نفسه؟الصفقات التي يقوم بها الـ PYD مع الشرع هنا وهناك دلالة للسير بهذا الاتجاه.أعتقد أن الـ PYD سيسلم سلاحه وحل نفسه عبر الإقدام على عقد…

صلاح بدرالدين   زكي الارسوزي من مواليد – اللاذقية – انتقل الى الاسكندرون لفترة طويلة ، ثم عاد يمتهن التدريس في دير الزور وحلب وغيرهما ، وله الدور الأبرز في انبثاق حزب البعث ، ومعلم الرواد الأوائل في هذا الحزب ، وقد طبع كتابه الموسوم ( الجمهورية المثلى ) في دار اليقظة العربية عام ١٩٦٥ ، وتضمن آراء ، وأفكار…