افتتاحية نشرة البارتي*
ليكونوا بذلك نموذجاً يقتدى به , و تجلى في طابع الحفاظ على كل ما هو ثابت و راسخ و مكين , وفق منطلقات فكرية و سياسية , و قيم رفيعة , و إيمان مطلق بالقضية و أبعادها , و حراكها السياسي , و رؤيتها الواضحة في بعديها الوطني و القومي , و خلاصة نهج تحرري كردستاني , يعتمد الديمقراطية و السلم , و مفاهيم معاصرة , يمكن أن تشكل مدخلاً حقيقياً إلى الحداثة و التحول , و الحيوية و التجدد , انطلاقاً من ثبات يترسخ مع الزمن , كقدرة حيوية تمتحن الإرادة النضالية , و تسموا بها , و تعلو من خلالها على كل الوشائج و الصلات القريبة و البعيدة , لتجد في الرابطة النضالية , و مفهومها و بعدها الفكري , و فلسفتها و عقيدتها النضالية , ما يشدها بقوة إلى رابطة (( اللحمة الرفاقية )) و قدرتها المنقطعة النظير على الجمع و الإعداد و التهيئة , و تقبل الآخرين , و إسماع صوتها لهم أيضاً , و البحث عن الولادة الجديدة , لمفاهيم حضارية , و رؤى جديدة , و حيوية فائقة على التقدم خطوات إلى الأمام لتلمس المواقع الجديدة , و فهم المعادلة السياسية , و خصوصيات المرحلة , و ما يتطلبه من حس رفيع بالمسؤولية , و ضرورة الإقبال على المعارف و العلوم و الثقافات , و اعتماد مناهج في التكنولوجيا المعاصرة على مستوى المعلوماتية , و البيئة و السكان , و مشاكل التنمية , و أسس عملية فهم الحضارة الحديثة , و ما تتطلبه من فهم معرفي , و إقبال واسع على كل أبواب المعرفة , و اعتماد الطاقات الشابة في رفد الحركة , و دفعها و اغنائها , و فتح أبواب الندوات و اللقاءات الثقافية , و الإعداد الكامل لها , و جعل الحزب بخلاياه و فرقه و هيئاته ورشة عمل منتج , و طاقة مبدعة للفكر و التحريض عليه , و شحذ المفاهيم , و صقل المعارف , و جعل المادة العلمية مجال فحص و درس و مثابرة , و طلب و إقبال , و إعداد الملازم و المحاضرات , و التعويد و التدريب على حسن الاستماع , و حسن الحوار , و دقة المخرج , و سلامة التوجيه , و الاستفادة القصوى من المحيط العلمي و الفني و المعرفي , ليجد الرفاق أنفسهم مع الثوابت الراسخة منطلقاً إلى التجدد و الإقبال على الحياة , و فهم المعاصرة , و الدخول إلى العالم الجديد , بمنهجية مزودة بقواعد الاستقراء و مناهجه , و الوصفية و طرائقها , و عوامل تطوير البرامج و الأنظمة و الطروحات , و درجة إغنائها , و التهيؤ لإعداد الكادر , و فتح المجال أمام الاقتحام المدروس , و الرؤية المتماسكة , لبناء عالم أكثر جدة و تطوراً و استعداداً للحداثة و إقبالاً عليه , و جعل الموروث العلمي القيمي و النضالي , مادة صالحة للبناء عليها , و رفع قواعد جديدة , تعتمد الأصول , و تفتق الفروع , و تجعل منها مادة لفروع و براعم جديدة , تمد بأسس البقاء و عوامل الاستمرار , و طاقة التجدد و الإبداع , و ركيزة الإعلاء , ليستطيع شق سبيله إلى عالم جديد , و هو أكثر فهماً , و أبعد عمقاً من حزب يتآكل , و يعتمد على موروث بات بحاجة إلى تشذيب و صقل و إعداد , ليزهر , و ينمو , و يثمر , بدلاً من المراوحة و الاجترار و الركود … و هو من المتطلبات العملية التي لا تقع في دائرة الفكر النظري البحت , بقدر ما ينبغي أن نجد آثاره و ثمراته في الواقع , و توجيهه إلى المنهج , بحيث يغدو الحزب بحق مدرسة للتجدد و الإحياء و الإنهاض بدلاً من اجترار المفاهيم القديمة , و الجري وراءها و قد أرهقت و أجهدت و نال منها الإعياء .
إن أي عمل إبداعي تجددي لا يمكن أن ينطلق من فراغ , و لكن أي ميراث ثقافي و سياسي و فكري لا يكاد يصلح للحياة ما لم يستمد من ينابيع جديدة , تغذيه , و تحوطه و تسقيه ليزداد قدرة على العطاء , و طاقة على الإبداع , و رؤية و فهماً لما يحيط به من تعقيدات و تشابكات و تراكمات , في عالم يضج بالحركة , و يزخر بالحياة , و تزدحم فيه الأفكار و المفاهيم , و يشتد الصراع فيه على الحضارات و تراثها و قيمها و مبادئها و السياسات و مصالحها في امتحان الأقوى و الأصلح , و الأكثر مرونة و انفتاحاً و استعداداً للتجدد و الانطلاق في رحابة الحياة المدنية , و جمال العمق الحضاري , و روعة الإبداع الإنساني الأصيل , و هو ما يستلزم منا جهداً إضافياً , و استعداداً عالياً للفهم , و القدرة على التلقي , و تهيؤاً للإقبال و الأقدام و عدم التردد , و إيمان بالغد و آفاقه المشرقة و قيمه التي ينبغي أن ندركها , و نقف عليها , و نعدها لصالح تلاقي الحضارات , و حيوية الفكر الفلسفي , و قدرته على التكامل و التجدد و المعاصرة , و الانطلاق لبناء عالم إنساني , تقهر فيه الغرائز و الأنانيات و قيم الكراهية , و بؤر الإرهاب الفكري و الجسدي , و يجنح إلى الفكر الهادئ , و العقل المنفتح , و المنهج المتوازن , و الرؤية المكتملة و الناضجة , لرشد إنساني , يمكننا أن نشكل جزءاً منه , و من الحركة السياسية , و هي تسمو إلى الانفتاح و التجدد و الإبداع .
.
.
.
ليكون البارتي في الصلب من الاهتمام , و في القاعدة من الانطلاق , و في الذروة من السمو و الارتقاء .
.
.
————-
* نشرة دورية تصدرها هيئة الإعلام في منظمات الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (3) كانون الأول 2006م – 2618 ك