عبدالباسط سيدا رئيساً للمجلس الوطني السوري ..

ريوي كربري

ها هم الكرد  مرة أخرى يثبتون للعالم وللسورين وجودهم وتفانيهم في سبيل الحرية, يبرهنون على أنهم قادرين على تحمل المسؤوليات والوصول إلى أعلى المناصب في زمن الثورات, في زمن اجتمعت فيه الفصول الأربعة متّحدة في ربيعٍ مغمس بالدماء, مكلل بالانتصارات بين كرٍ وفر, مليء بالورود الحمراء , معطر ٌ بصرخات الأمهات وسكرات الأطفال والرضع, أجل, ها نحن ذا نستمر في وقوفنا في وجه الطغاة والدكتاتوريات.
عبد الباسط سيدا حائزٌ على الدكتوراه في الفلسفة,تاريخ مليء بالحيوية والنشاط ,مؤرخ وباحث في حضارات الشعوب  القديمة, مؤلف لعدة كتب تتحدّث عن الكرد, منذ أكثر من عام قرأت على صفحات الانترنت أنّ الدكتور عبد الباسط سيدا سيلقي محاضرةً في دبي, في الواقع كنت قد سمعت باسم الدكتور سيدا ولكنني لم أكن اعرف مدى قدراته السياسية والفكرية أو الفلسفية ولكن غمرتني سعادة ٌ لا توصف , فيكفي أن يكون المحاضر أستاذا ً كرديّاً, ومنذ ذلك الوقت تابعت الدكتور سيدا وقرأت له عدة مقالات ومقابلات تلفزيونية, تيقنتُ أنّ الرجل ذكي َ وسيكون ذو شأن  وخاصة ً عندما دخل المجلس الوطني السوري بصفة قيادية, وها هو الآن يرأس هذا المجلس الذي يمثل غالبية الشعب السوري المنتفض.
كما أنّ الدكتور عبد الباسط سيدا لديه خبرة سياسية في إحدى أحزابنا الكردية بشكل منظم لا تقل عن ثلاثة عقود, وقد استحق هذا المنصب بجدارة.

ولكن الأسئلة التي ستكون محض النقاش والتساؤل هي: هل سيستطيع الدكتور سيدا أن يقدم للكرد ما يريدونه على صحن من ذهب؟ وهل سينجح في كسب المجلس الوطني الكردي وضمه إلى المجلس الوطني السوري؟ وهل سيصمد في وجه المؤامرات التي ستحاك ضده في المجلس الوطني السوري وخارجه؟ كونه شخصية كردية وجرت العادة أن يكون الكرد غير مرغوبٍ بهم فقط لانتمائهم الكردي رغم جديتهم وصدق نواياهم في هكذا حالات أو مناصب مرموقة وحساسة كالذي يحتله السيد عبد الباسط سيدا.
إنني أتوقع في هذا الوقت الحاسم من الثورة السورية أن يكون لشخصيتنا الكردية الدكتور عبد الباسط سيدا دوراً كبيراً في حل الكثير من المسائل العالقةبين المعارضة السورية بشكل عام, وأن تكون له بصمة ٌ تاريخية سيتحدّث عنها التاريخ لسنوات طويلة ولكن بصفةٍ كردية وليست عربية كما كان حال الكثير من الشخصيات التاريخية الكردية منذ استقلال سوريا وقبلها (حسني الزعيم, الشيشكلي, إبراهيم هنانو, عمر ديبو….)
فالربيع العربي سيغيّر كتّاب التاريخ  لا بل سيغيّر التاريخ نفسه وغداً لناظره قريب.
إنّ بقاء سيدا في المجلس الوطني السوري رغم مغادرة المجلس الوطني الكردي والكثير من الشخصيات الكردية المستقلة من مؤتمر استانبول وتعرضه للكثير من الانتقادات من قبل شعبه لم يكن هباء ً ولم يكن لنيل مكاسب شخصية بل كانت فطنة ً منه لضرورة بقاء ولو شخصية كردية واحدة في المجلس حتى لا يتمكن أعضاء هذا المجلس من هضم حقوقنا المشروعة كشعب كردي يعيش على أرضه التاريخية منذ آلاف السنين.

هنيئا ً لك منصبك الجديد يا بنو جلدتنا , وأرجو من الله عزّ وجلّ أن يوفقك فيما هو خير لنا وللسوريين جميعاً, وليكن الحق نصب عينيك دائما وأبدا…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….