ماسلف ذكره بمثابة تحصيل حاصل وترجمة عملية للموقف السياسي الروسي المناوىء لجميع ثورات الربيع العربي بمافيها الثورة السورية فالطغمة المافيوية الحاكمة الآتية من بقايا أجهزة القمع التجسسية للنظام الشمولي والمتحالفة مع أرباب الصناعات الحربية والطبقة المستغلة الجديدة التي ظهرت على أنقاض الاتحاد السوفيتي السابق عبر السطو على أموال الشعوب الروسية وتهريبها الى بنوك أوروربا وأمريكا لايمكن لتلك المجموعات المتحالفة الا وأن تكون الى جانب أنظمة القمع والاستبداد العائلية – الحزبية التي يمكن أن تعقد معها الصفقات التجارية والتسليحية على حساب السيادة ومصالح الشعب فقد وقف النظام الروسي منذ البداية على النقيض من موجات الانتفاضات الثورية في تونس ومصر بل وقف عائقا أمام أي قرار من مجلس الأمن لانقاذ الشعب الليبي مما اضطر المجتمع الدولي الى اتخاذ خطوات من خارج المجلس للتدخل لصالح الثورة الليبية ودحر نظام الاستبداد ولم يستند النظام في سياسته الخاطئة المضرة والمؤذية لقضايا تحرر الشعوب وتقدمها الى أية مسوغات منطقية أو أية أسباب مبدئية بل كان ومازال المنطلق: مصالح الطغمة الحاكمة والتنافس مع الغرب بالمقايضة على دماء شعوب المنطقة فعندما يزعم منظروا الطغمة على الفضائيات ووسائل الاعلام “أن روسيا دولة عظمى ولها مصالح ويجب أن تمارس دورا في رسم مصير المنطقة” يعني ذلك من دون أن يفصحوا علنا أن – دولتهم العظمى – ستمارس نفس دور الدولة الأعظم أي الولايات المتحدة الأمريكية خلال سنوات الحرب الباردة أي وضع العراقيل لخطط البعض حتى وان كان على حساب دماء عشرات الالاف من الضحايا كما يحصل الآن في بلادنا في حين أن السوريين ليسوا طرفا في نزاعات الدول على النفوذ بل أحوج مايكونون الى الدعم والمساندة من أجل الخلاص من الابادة والقمع والتدمير من جميع أطراف المجتمع الدولي والرأي العام والقوى المحبة للحرية والسلام .
لقد ظهرت ليست الازدواجية فحسب في الموقف الروسي بل الانحياز الكامل لمصلحة النظام القاتل فمن جهة كان الروس يؤيدون علنا خطة المبعوث الدولي – العربي كوفي عنان ويتهمون أطرافا اقليمية ودولية وكذلك المعارضة السورية بالعمل على تقويض المبادرة ويعملون بالوقت ذاته على تمديد أمد الأزمة وكسب الوقت والعمل على صياغة خطة بديلة لمبادرة عنان بل تتناقض معها من حيث الأساس فاذا كانت المبادرة الدولية العربية تحمل ستة نقاط تبدأ بوقف اطلاق النار وسحب الجيش والأسلحة والآليات واطلاق سراح المعتقلين والسماح للاعلام الخارجي بحرية التنقل والسماح للتظاهرات السلمية وتنتهي بالنقطة الأخيرة وهي الحوار السياسي فان المبادرة الروسية الأخيرة حول المؤتمر الدولي بشأن سوريا التي سربتها وسائل الاعلام تغيب أساسا أي دور للشعب السوري والثورة والمعارضة بل تسلم مصير السوريين الى قوى خارجية من بينها ايران مثلا وتبدأ وتنتهي بالنقطة السادسة والأخيرة من خطة عنان وهي التفاهم والاتفاق مع النظام القائم عبر فرض قرار دولي بالضد من ارادة الشعب السوري على غرار قرارات عصبة الأمم المتحدة قبل أكثر من نصف قرن في رعاية شعوب العالم – القاصرة – وتدجينها وتأهيلها عبر الاستعمار والانتداب وفرض الأنظمة الدكتاتورية القمعية المستبدة في حين أن أنظمة حكم استبدادية مثل النظام الروسي أحوج ماتكون الى اعادة تأهيل وتثقيف من اجل قبول الديموقراطية والاستجابة لارادة شعوب روسيا في تقرير مصيرها والخلاص من شوفينية القومية السائدة .
ان المشروع الروسي المسرب الى وسائل الاعلام ماهو الا الوجه القبيح لنهج القياصرة وتجسيدا لعقلية الحرب الباردة وعودة الى زمن تقسيم النفوذ بين الأقوياء ولايمت بصلة الى مناخ القرن الحادي والعشرين وعصر الانتفاضات والثورات من أجل الحرية والكرامة ومساواة الشعوب ومايهم نظام روسيا في المشروع هو جلوس ممثليه مع أقوياء العالم على طاولة واحدة لايهام الشعب الروسي بصدق نواياه وتجسيده لعظمة الموقع والتاريخ والحضارة ومستقبل دور روسيا القادم في لعبة الأمم وبتجاهل كامل لمحنة السوريين وضحاياهم اليومية بالعشرات من دماء الأطفال والنساء والرجال.